جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - حمزه العكاليك
في إحدى الحفلات، جلست إمرأة فاتنة بجانب الكاتب الشهير جورج برنارد شو ، فهمس في أذنها : "هل تقبلين أن تقضي معي ليلة مقابل مليون دينار.؟!!
إبتسمت و ردّت في إستحياءٍ : "طبعا.. بكل سرور".
عاد وسألها مرة ثانية بعدما إقتنع برضاها، هل من الممكن أن نخفّض المبلغ إلى عشر جنيهات..؟!!
فغضبت و صرخت في وجهه : "من تظنني أكون يا هذا..؟!!
فقال : "سيدتي.. نحن عرفنا من تكونين، نحن فقط إختلفنا في قيمة الأجر..!!
وقد أدرج هذه القصة الساخرة في مذكراته، مشبهاً إياها بما يحصل ...حيث تتغير المواقف عند الإنتهازيين بناءً على من يدفع أكثر، فإذا إنخفض أجرهم إنقلبوا إلى المعارضة وحدّثونا عن الوطنية وعن المبادىء والشرف..!!
في سالف العصر والزمان كان الطريق الاسهل لدوران الالكترون في المدار حول النواة، هو ان يصبح من دهاقنة المدح والتصفيق والتسحيج وان يقدم القرابين لهذا المنصب او ذاك الكرسي؛ فالجلوس على الكرسي فرصة لتحسين الوضع الاجتماعي والمالي ولضمان مستقبل العائلة والاولاد في وراثة المناصب وان يصبح من اصحاب النمرة الحمراء والجواز الاحمر والطربوش الاحمر فاللون الاحمر جذاب.
الا ان كثرة الالكترونات في هذا المدار ادت الى التزاحم فاصبح من الصعب على القادمين الجدد والراغبين بالتلون باللون الاحمر الدخول الى هذا النادي؛ مما ادى الى استحداث طرق جديدة للوصول الى هذا المبتغى ولو اختلفت الوسائل.
فاصبح الاسترزاق على حساب امال واحلام وحاجات الفقراء والمعوزين والساعين الى الاصلاح بكل وطنية هو السبيل الى لبس الطربوش الاحمر. لا ضير ان تقدم نفسك قرباناً لما تطمح بالوصول الية فذاك لا يصنع مجداً ولا مكانة للشخص المعني في وجدان عامة الناس، فلكل وزنه الذي يُزان بة؛ فهناك من اصبح رئيسا للوزراء ولم يكسب الا سخط الناس والدعاء من علية يوميا ويرافق ذلك تهم الفساد بين الفينة والاخرى، وهناك من حظي باحترام الاطراف جميعها من عامة الناس والمعارضة والملك رغم انه بعيد عن المناصب وزهد فيها فاتته محبة الاطراف جميعها وما الدكتور (ع ا) عنا ببعيد.
الا ان ما يؤلم اشد الايلام هو ان يخرج من بين الاردنيين من يستغل مصائب وظروف وحاجات الناس ويركب موجة الوطنيين الصادقين والفقراء ليخرق سفينتهم وينجو بنفسه بقارب النجاة ويتركهم للغرق فهذه عين المصيبة.
فبين الفينة والاخرى يخرج علينا بطل من ابطال السوشال ميديا ويبدا يشتم ويصرخ ويعلي الصوت ويستعرض القدرات ويكيل الاتهامات لغاية واحدة فقط الا وهي الحصول على الفتات على حساب عدد المتابعين والمستمعين والمروجين لخزعبلاته ليشكل منها سلم يصعد به على الآم وجروح المعوزين والساعين لأردن افضل.
ان من نتائج هذا السلوك الدنيء للحصول على مقابل بخس هو قتل ايمان الشعب بكل وطني وصنع مجد لكل فاسد؛ فالفاسد اصبح يُحترم لثاباته على مبادئه سواء أُتفق معه ام أُختلف فهو لم يغير جلدة ومسلكه ولم يستغل طموحات الوطنيين للوصول الى مبتغاه وانما اسغل منصبة وكرسية لتحقيق غايته الفاسدة. فالفاسد يمكن ان يُحاسب على فعل غير قانوني ولكن هدم طموحات وثقة شعب باكملة بما يؤمن به كيف يمكن الحساب عليها.
لذكر وصفي وحابس وهزاع تلهج قلوب الاردنيين؛ الأنهم لم تنجب الارنيات مثلهم؟ فالجواب الاكيد لا؛ فهناك من الصناديد الثابتون على حب الوطن على الرغم من كل ما تعرضوا له ، الا انهم لم يغيروا من مبادئهم ومواقفهم ولم يثقبوا سفينة الوطن؛ وما كسب هؤلاء السادة احترام وحب الاردنيين الا لانهم لم يتاجروا بهذا الحب ولم يستغلونه ولم ينقلبوا على العرش وانما ساندوا الدولة ووقفوا مع الوطن وانتصروا للعرش للحفاظ على الدولة بكل مكوناتها ارضا وشعبا ونظاما فلم يستغلوا الظروف الصعبة التي مرت بها الدولة لتحقيق مآرب وغايات شخصية؛ فبقي الاردن واستقر العرش وقوية الدولة فعاشوا وبقوا واستقروا في وجدان وصدور الاردنيين.
فمصيبة الاردن و الاردنيين هذه الايام ليست بالفاسدين فقط وانما بمتبدلي الاثواب والالوان والجلد لتحقيق غايات ومآرب رخيصة على حساب هدم الثقة وزعزعة الايمان بكل الوطنيين وتعزيز الاحترام لكل الفاسدين.
نعم.. بمثل هؤلاء الساقطين المتسلقين تتلوث الأوطان ويعم الفساد و تَتَردّى الاخلاق …