النسخة الكاملة

عمر مشهور حديثة الجازي..ينتصر للبدو

الخميس-2021-10-29 12:55 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز- كتب: د.سلطان ابراهيم العطين 


في يوم 23 حزيران 2011 نشر الدكتور عمر مشهور حديثة الجازي مقالاً حول دوائر البدو الانتخابية ، حين نأى أهل السياسة عن الخوض في ما يهمّ البدو الراغبين بالمشاركة بحياة سياسية ديمقراطية، إذ قال: " وصلت لجنة الحوار الوطني والتي كان لي شرف عضويتها إلى توصية مفادها إلغاء الدوائر الانتخابية المغلقة بما في ذلك دوائر البدو الانتخابية وإيماناً مني بأن العشائر البدوية الأصيلة والوارد ذكرها في الجداول الانتخابية الحالية والمخصصة لبدو الشمال وبدو الوسط وبدو الجنوب هي جزء أساسي من النسيج الوطني الأردني, فإنني أؤكد في مطالعتي هذه أن مطلب إلغاء كافة أنواع دوائر البدو في أي مشروع مقترح لقانون الانتخاب هو مطلب مشروع ومحق وذلك لتعارض وجود دوائر البدو الانتخابية مع المبادئ الدستورية القانونية الراسخة ".
وما بين لجنة الحوار الوطني واللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية قاد الدكتور عمر معركة سياسية ليشرح ما قدمه من مطالعة قانونية وكان بيته في عمان يعج بالاجتماعات مع ابناء البدو واعضاء اللجنة الملكية , ولم يكتفي بذلك اذ خرج في لقاءات تلفزيونية تألق في توضيح اهمية معاناة البدو السياسية التاريخية ووضع الحل للمشكلة ولم يكتفي بذكر المشكلة فقط والاهم انه لم يتخلَ عن طموحات الشباب ورسائلهم من أبناء البدو بأن ينعتقوا من اختزالهم في كونهم أفراد أبناء جماعة ولا يُعترَف بهم سياسياً إلاّ من خلالها. وفي ما يراه الجازي تشويهاً لفكرة المشاركة السياسية و مخالفة صريحة للدستور الأردني.
وفي 29 حزيران (يونيو) 2021 واثناء انعقاد اعمال اللجنة الملكية  قدم -عضو لجنة الانتخاب في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الدكتور عمر مشهور الجازي - مطالعتان قانونيتان ، بإلغاء دوائر البادية لما تنطويه على "مخالفة لمبدأ المساواة في الدستور الأردني” وفي المطالعة المتعلقة بإلغاء دوائر البادية، قال الجازي فيها، إن التوصية بإلغاء دوائر البادية أو إلغاء "إغلاقها” هو "حاجة” في أي مشروع قانون انتخاب جديد أو تعديل، استنادا إلى أن العشائر الأردنية البدوية "الأصيلة” والوارد ذكرها في جداول الانتخاب الحالية والمخصصة لبدو الشمال والوسط والجنوب، هي جزء أساسي من النسيج الوطني الأردني. 
وذهب الدكتور عمر مشهور الجازي في البند الثاني من المطالعة ، إلى اعتبار أن وجود دوائر البدو الانتخابية يتعارض مع حقيقة التقسيم الجغرافي والإقليمي للمملكة، قائلا " إن ذلك لا يعني بأي حال من اﻷحوال تقسيم سكّان المملكة إلى "فئات معينة”، في الوقت الذي خصصت فيه مقاعد بدو الشمال والوسط والجنوب وفقا للمنطقة الجغرافية التي تسكنها العشائر المشار إليها في جداول الدوائر الانتخابية، مبينا أن هذا التخصيص لا يختلف في مضمونه وحكمه عن المقاعد المخصصة لكل دوائر المحافظات اﻷخرى والمناطق الجغرافية الباقية"

وأكد الدكتور عمر الجازي أن البداوة هي حالة اجتماعية تعبر عن سكن مجموعات من العشائر في البادية، تعيش فيها في بيوت متنقلة وترتحل من مكان ﻵخر، وأن هذه الحالة تكاد تكون معدومة، حيث استقرت العشائر في المدن، وعملوا في الوظائف المختلفة وأسهموا خير إسهام في بناء الدولة اﻷردنية الحديثة.
وخلصت المطالعة التي نشرها الدكتور عمر الجازي " إلى أن التطبيق المستمر لتقسيمات دوائر البادية الانتخابية، قد ألحق ظلما كبيرا تاريخيا في منع ترشح ما وصفته "كوكبة” من رجالات اﻷردن في العام 1989 في دوائر غيرها، مبينة المطالعة أن إلغاء دوائر البادية الانتخابية، وإلحاقها بالتقسيمات الإدارية، والجغرافية، من شأنه أن يعزز مكانة العشائر البدوية ويزيد لحمتها ومن شأنه أن يزيل "شبهة عدم الدستورية” التي تحوم حولها "
ولكي ندرك حجم الانتصار لابد لنا من مراجعة للسياق التاريخي وضع البدو في القوانين الانتخابية.
"لم يُسمح للبدو الذكور بانتخاب ممثليهم في المجالس التشريعية الخمسة التي تشكلت في عهد الإمارة أسوة بباقي الشرق-أردنيين الذكور. إذ تشير المادة 7 من قانون الانتخاب لعام 1928 إلى أن كل رجل أردني غير بدوي أتم 18 سنة يحق له التصويت، حيث عُرّف البدوي في القانون نفسه بأنه كل شخص ينتمي إلى إحدى العشائر البدوية المدرجة في القانون، وقسّمت هذه العشائر جغرافيًا في حينه إلى بدو الشمال وبدو الجنوب. وكان يتم تمثيل البدو في المجالس التشريعية عن طريق ممثلين اثنين، حيث يعين الأمير لجنتين، واحدة لبدو الشمال والأخرى لبدو الجنوب، وتتكون كل لجنة من عشرة من شيوخ العشائر البدوية ثم تختار كل لجنة ممثلًا واحدًا عنها في المجالس التشريعية." 
"يشير الباحث جوزيف مسعد إلى أن المشرعين أصبحوا أكثر صراحة بعد الاستقلال بتعريف هويات محددة بالقانون، حيث عرّف قانون انتخاب 1947 البدوي بأنه «كل فرد ذكر بالقبائل البدوية»(1). بقي الحال على ما كان عليه في المجالس التشريعية الخمس في عهد الإمارة بالنسبة لتمثيل البدو في أول برلمان بعد استقلال المملكة، إذ يشير قانون رقم 9 لسنة 1947 إلى أن الملك يعين «بأمر سامٍ (..) لجنتين من بدو الشمال وبدو الجنوب، تؤلف كل منهما من عشرة مشايخ، وتنتخب كل لجنة نائبًا واحدًا »
وفي عام 1929 أصدرت الحكومة «قانون الإشراف على البدو»، وتم تحديثه عام 1936، وهدف هذا القانون كما تشير المادة 3 منه إلى «المراقبة والإشراف بصورة عامة على جميع العشائر الرحل المشار إليها في المادة الثانية من هذا القانون أو على بعضها، وأن يلاحظ تنقلاتها وأن يعين الأماكن التي تعتبر لازمة لها للذهاب اليها أو للبقاء فيها في أي وقت كان»(5). وعند تحديث القانون عام 1936، أسقِطت أسماء عشائر كانت تعد بدوية في قانون 1929، وأضيفت إلى القائمة أسماء عشائر لم تكن تعُرّف كعشائر بدوية، وألغي قانون الإشراف على البدو عام 1976(6).
المرحلة التي بعدها جرت على ان تحدد الدائرة الانتخابية للناخب إما بمكان إقامته أو ببلدته الأصلية، وينطبق هذا على الجميع باستثناء من ولد بدويًا أو من قرر القانون في مرحلة تاريخية معينة أنه بدوي، فالذي يحدد الدائرة الانتخابية هو اسم عشيرته فقط، ويورث البدوي لأبناءه دائرته الانتخابية من ضمن ما يورث، إذ تعُتبر دوائر البدو مغلقة ديمغرافيًا، فالبدوي الذي تزوج واستقر في إربد من عشرات السنين، وأصبح جزءًا من المجال الاجتماعي السياسي فيها، لا يحق له بالقانون أن ينتخب إلا بدويًا. والبدوي الشيوعي المقيم بمنطقة العبدلي منذ عشرات السنين، لا يحق للحزب الشيوعي الأردني أن يدرجه في قائمته الانتخابية في الدائرة الثالثة مثلًا لأنه ينتمي بالولادة إلى عشيرة من العشائر المعُرّفة بالقانون بأنها عشائر بدوية، بالتالي يمنع عليه الترشح إلا في دائرة من دوائر البدو التي أدرجت بها عشيرته.
أكتب هذا المقال للتاريخ، وتذكيراً لابناء البدو في العقود القادمة ليتذكّروا أن هذا الانتصار كان في نهاية المئوية الاولى وبداية مئوية ثانية جديدة للدولة الأردنية, اصبح لابناء البدو مساحة سياسية اوسع ومشاركة فاعلة وموثرة , والانتصار يتحقق ان البدو في الدوائر الثلاث ( الشمال,الوسط,الجنوب ) كانوا قبل ذلك، يعانون سياسياً من مشكلة "تاريخية" في حقهم بمشاركة سياسية لا تختزل اي بدوي في عشيرته بل نحن الان على اعتاب تعديلات جوهرية سنقطف ثمارها في المجلس التشريعي القادم وسيثبت أبناء البدو ان الدكتور عمر مشهور حديثة الجازي كسب الرهان بنجاحات سياسية على المستوى الحزبي وعلى مستوى الدوائر الانتخابية, وهذا الانتصار ليس بجديد على ابن الجنرال مشهور حديثة الجازي قائد معركة الكرامة الذي خلده تاريخ الدولة الاردنية , نحن قوم اذا مات فينا سيدٌ قام فينا ألف سيد.
د.سلطان ابراهيم العطين
29 أكتوبر 2021 
المفرق