جفرا نيوز -
جفرا نيوز - إسماعيل الشريف
«ظهرت مع ارتفاع الأسعار طائفة جديدة إلى جوار النباتيين، هي طائفة الرغيفيين؛ أكلة العيش حاف»، أحمد رجب.
قرأت خبرًا صغيرًا بأن أقدم شركة ألمانية متخصصة في صناعة «الميكروفون» قد أغلقت أبوابها وسرحت موظفيها، والسبب هو ارتفاع أسعار المواد الخام، وخاصةً الصلب، فسعر الصلب قد تجاوز الألف وثمانمئة دولار، ومن المتوقع أن تضرب أسعار الحديد المرتفعة هذه الكثير من الصناعات.
ألم تلاحظ في الأسابيع القليلة الماضي أن معظم السلع قد ارتفعت أسعارها، وأن تسعيرة البنزين الشهرية في ارتفاع مستمر بسبب زيادة أسعار النفط المستمرة، ولكن في مرحلةٍ ما لن تجرؤ لجنة تسعير المشتقات النفطية على زيادة الأسعار، عندما تتجاوز أسعار النفط المئة وخمسين دولارًا للبرميل.
في بدايات القرن الماضي أصيب العالم بالانهيار العظيم، وبعد مئة عام تقريبًا منه بدأنا الدخول في مرحلة سيؤرخ لها بالتضخم العظيم، حين تزداد الأسعار بشكل جنوني، وسنرى قريبًا العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة تغلق أبوابها بعد صعوبة الحصول على المواد الخام أو ارتفاعها الكبير.
يتحدث خبراء الاقتصاد هذه الأيام عن مصطلح «صدمة العرض»؛ وهي شح العديد من السلع وارتفاع أثمانها بشكل كبير، هذه الصدمة ناتجة لأسباب عديد؛ منها التغيرات المناخية التي ستؤثر على سلالات الإمداد والشحن وتوفر المواد، فالعواصف والجفاف والأوبئة وموجات الصقيع والفيضانات ستؤدي إلى إغلاق مصانع وستؤثر على أسعار الشحن، ولنأخذ مثالاً صارخًا على ذلك، ففي العالم ثلاثة مصانع تنتج الرقائق، أصاب واحد في تايوان حريق أوقف الإنتاج، والثاني في تكساس تعرض لموجة صقيع بسبب التغير المناخي، وهذه الرقائق كما أصبح معروفًا أنها تدخل الآن في معظم الصناعات.
الآن ستضاف على الكلف الصناعية كلف التلوث وأسعار مواجهة التغير المناخي، التي لم تكن محسوبة في السابق، فآباؤنا لم يتحملوا أي هذه الكلف، ادخروها لنا لندفعها مرة واحدة!
ثم يجب ألا ننسى أن الحرب الاقتصادية الباردة بين الولايات المتحدة والصين قد بدأت بإلقاء ظلالها على الأسعار، فالولايات المتحدة كما هو معروف نشيطة في الزراعة والتكنولوجيا المتقدمة ولديها وفر في النفط، فيما الاقتصاد الصيني مبني على السلع الاستهلاكية وأكبر مستورد للنفط.
من نتائج هذه الحرب كما نشاهد ارتفاع أسعار الشحن من الصين، فقد غدت أسعار الشحن تفوق كثيرًا ثمن البضائع، ثم ارتفاع أسعار النفط والصلب وهما محركا الصناعات الصينية، وزيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية ومحاصرة الشركات الصينية في الحصول على التكنولوجيا المتقدمة، ومنع أية استثمارات أمريكية في الصين أو العكس إذا انطوت على أخطار أمنية.
أعلنت هذه الحرب في عهد ترامب عام 2018، ووصفها سلفه بايدن بأنها «معركة القرن الحادي والعشرين بين الأنظمة الديمقراطية والأنظمة الاستبدادية»!
للأسف فالدول الفقيرة غير المنتجة ستدفع ثمن هذه الحروب وستثقل كاهل مواطنيها المثقلة أصلاً، وقد تؤدي إلى اضطرابات في بعض الدول.
عزيزي القارئ، ما أقوله ليس نسجًا من الخيال أو مبالغة، هي حقيقة سنلمسها قريبًا جدًّا، بعض الدول تتحدث عن فرض ضرائب كبيرة على شركات التكنولوجيا وأصحابها، وبعضها سترفع الضرائب على شركات الطاقة، والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا نحن فاعلون؟! ولن يكون جيب المواطن المسكين كافيًا لتلقي الصدمة القادمة.