جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
كثرت في السنوات العشر الأخيرة الاجتهادات وتنوعت التجارب في ملف امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي" واختلفت في حدتها حسب طبيعة المسؤول، فتارة طالعنا أصحاب القرار بقرارات تصعيديه لجعل الامتحان هاجسا لأولياء الأمور حيث استمر هذا النهج قرابة الثلاث سنوات، نتج عنه عدد كبير من أبنائنا الطلبة تجاوز عددهم المائتين ألفا، كانوا غير قادرين على تجاوزه وما تبعه من تهجير لهم إلى تركيا وأوكرانيا وغيرهما من البلدان للخلاص من شبح هذا الامتحان.
ثم جاءت بعدها مرحلة السهل المفرط حيث فاقت العلامات كل التوقعات و التقدير وبلغ عدد من حصلوا على تقدير مئة بالمائة أعدادا كبيرة تجاوزت المنطق وكل النسب المقبولة، ثم جاء العام المنصرم بإجراءات اتسمت بمسك العصا من المنتصف.
الامتحان مر أيضا بمراحل تجريبية مختلفة ابتداء من جعله يعقد على دورتين في العام ومن ثم دورة واحدة كما هو معمول به حاليا، تلتها اعتماد السنة التحضيرية لبعض التخصصات الطبية والتي أثبتت فشلها وتم الغاؤها في حينه وكل هذا كان في محاولة يائسة للتقليل من شان الامتحان وجعله امتحان تحصيليا عاديا.
وها نحن نسمع هذه الأيام تصريحات من معالي الوزير تؤكد بأن التوجيهي لن يعود كما كان عليه سابقا.
نقول التوجيهي هو ما تبقى من بعض الامتحانات التي يثق بها المواطن الأردني، وهو الامتحان الذي ساوى ومازال يساوي بين شرائح وطبقات المجتمع المختلفة، والذي من خلاله تبوأ ابن القرية وابن المخيم وابن البادية مقعده جنبا إلى جنب مع ابن المسؤول، ومازال هذا الامتحان يتمتع بثقة واحترام محلي وعربي ودولي، وهو المعيار الذي يثق به الشارع والذي كما أسلفت ساوى بين الجميع.
نقول لمن يحاول التقليل من شأن هذا الامتحان بتقليل وزنه وتعزيزه بأوزان أخرى كامتحان القبول أو المقابلة الشخصية أو حتى السنة التحضيرية، كفاكم عبثا في هذا الامتحان وكفاكم تجريبا، فهو ما تبقى من العهد القديم والذي صنع الجيل الحالي بما فيه المسؤولين، إلا إذا كان بعضهم عانى منه في حينه ويحاول تصفية حساباته معه.