جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. مصلح المجالي
نعلم جميعاً بأنه ومنذ أن دقت أجراس الخطر ببدء تفشي فيروس كورونا المستجد ( كوفيد 19) والاعلان عنه كجائحة ووباء عالمي من قبل منظمة الصحة العالمية، سارعت كثيرمن دول العالم إلى البدء باصدار القرارات الاحترازية لمنع أنتشار هذا الوباء الخطير، وكان قرار وقف التعليم في المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة من أول هذه القرارات،التي تم بموجبها تحويل التعليم من التعليم الوجاهي إلى التعليم عن بعد، حيث أظهر الرصد العالمي لإغلاق المدارس بسبب (COVID,19) تقريراً لليونسكو في عام 2020 يظهر من خلاله انعكاسات الاغلاق العالمي للمدارس بسبب جائحة كورونا على العملية التعليمية التي تأثر بها حوالي )1,186,161,728 من الملتحقين في المؤسسات التعليمية، ووفقاً لليونسكو ايضاً وحتى 14ابريل /2020 أغلقت 188 دولة حول العالم مدارسهم والتحول للتعليم عن بعد، حيث نالت الآثار النفسية والتربوية والاجتماعية والسلوكية أكثر من 91% من اجمالي الطلاب الملتحقين في الدراسة حول العالم نتيجة لهذا الانقطاع .
ولعل البعد النفسي للأبناء كان من أهم الابعاد التي نالها التأثير، والتي اوصلت كثير من الأفراد إلى ما يسمى ب" فوبيا كورونا " Corona phobia المرتبط بشعورهم بالقلق والخوف خاصة مع تزايد الأخبار عن وجود متحورات جديده للفيروس ما بين الحين والآخر، وهذا ما زاد من حدة التأثيرات النفسية المرتبطة بالجائحة من جهة والانقطاع عن المدارس من جهة اخرى ، سواءٍ أكان ذلك بالنسبة للأبناء أو أسرهم، فزادت مشاعرالقلق على الذات والابناء، والتوتر والخوف من الإصابة، والشعور بالاكتئاب والعزلة النفسية، اضافة إلى تغير واضح في كثير من الانماط والعادات السلوكية خاصة لدى الاطفال والمراهقين في مراحل التعليم المختلفة ، فتغيرت لدى الأبناء عادات النوم والاستيقاظ من خلال زيادة عدد ساعات النوم في النهار والسهر لساعات متأخرة من الليل ، خاصة في ايام الحجر الصحي الذي فرض كأجراءات احترازية في التعامل مع الجائحة ، وما ارتبط بذلك من تغير في عادات الأكل والدراسة والتواصل مع الأسرة والاصدقاء، وزيادة في عدد الساعات التي يقضونها على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، مما قلل من دافعية الابناء نحو التعليم نتيجة للانقطاع الحضوري إلى البيئة المدرسية والصفية ، والاعتماد على التدريس الالكتروني عن بعد من خلال المنصات التعليمية التي تم توظيفها في المؤسسات التعليمية المختلفة لهذه الغاية .
وحيث أننا الآن على ابواب بدء العام الدراسي الجديد 2021/2022 ،بعد أن بادرت كثير من دول العالم بالعودة للتعليم الوجاهي يتضح ما يقع على الأسرة والمدرسة من أدوار تكاملية وتنسيقية مشتركة تتعلق بالتهيئة النفسية والجسدية للأبناء، للتغلب على الصعوبات التي من الممكن ان تواجههم نتيجة لهذه التحول ، والبدء بتعزيز اتجاهاتهم الايجابية نحو تقبل هذه العوده دون خوف أو قلق ، والعمل على اعادة ثقتهم بالمدرسة ودورها في صقل شخصياتهم ومهاراتهم المعرفية والفكرية والاجتماعية .
من هنا تظهر أهمية قيام الأسرة أولا بأدواها المتعلقة في تهيئة الأبناء نفسيا وجسديا وصحياً قبل الالتحاق في الدراسة، بدءً من تجهيز الأبناء للمدرسة واصطحابهم لشراء المستلزمات المدرسية والزي المدرسي واشراكهم في اختيار ادواتهم المدرسية، والحديث الايجابي معهم عن ذكريات المدرسة الجميلة بكلمات تحفيزية وتشجيعية مع التركيز على أهمية فرص التفوق والابداع التي توفرها المدرسة، هذا اضافة إلى توضيح أهم التغيرات والاجراءات السلوكية الجديده التي يجب عليهم الالتزام بها بعد هذا الانقطاع للمحافظة على صحتهم ، كأجراءات التباعد الاجتماعي ولبس الكمامات وتعقيم اليدين باستمرار، فذهابهم الآن للمدرسة لم يكن بنفس الاسلوب والإجراءات السابقة سواء أكان ذلك من خلال الركوب بالحافلة المدرسية أو الجلوس في الغرف الصفية، أوالتواصل واللعب مع الاصدقاء،أو قضاء الوقت المخصص للفسحة المدرسية، على أن يكون هذا التوضيح مقترن بطمأنة الأطفال بما تقوم به المدرسة من اجراءات تحافظ فيه على صحتهم وسلامتهم. كما يقع على عاتق الأسرة ايضاً الاهتمام والبدء التدريجي بتغير بعض الانماط السلوكية لابنائهم التي اشرنا لها سابقا، بما يتوافق مع الخصائص المرحلة العمرية التي ينتمون اليها، من خلال الحديث معهم بطريقة محببه بعيداً عن اصدار الاحكام والتهديد والوعيد، خاصة المراهقين منهم الذي يتصفون بخصائص تمردية وسلوكيات عدوانية .
وفي هذا الجانب لا ايضاً نذكر بما يجب أن تقوم به المدرسة من اجراءات تحفيزية وتهيئة البيئة بشكل غام والصفية بشكل خاص، بما يضمن تعزيز مشاعر الأمن والطمأنينه النفسية لابنائنا الطلاب في العودة الآمنه لمدارسهم وبناء جسر من الثقة ما بين الطلاب والأدارة المدرسية والمعلمين ، من خلال وضع برامج التهيئة والاستقبال والأنشطة خلال الاسبوع الأول من الالتحاق في الدراسة، اضافة إلى تعزيز أداور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين والمهنيين في المدارس لتقديم البرامج الإرشادية المناسبة التي من شأنها تعزيز دافعية الطلبة لتقبل العودوة للمدارس بكل ثقة والوقوف على أهم الاحتياجات والمشكلات التحديات التي من الممكن أن تواجه بعض الطلبة وتقديم الحلول الناجعة لها بشكل فردي أو جماعي .
حفظ الله الجميع ,,,,,,,,,,,,,,