جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب: سلطان عبد الكريم الخلايلة
أما وقد قاربت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية على وضع القلم؛ والإنتهاء من أعمالها، فإن بين يدي المرحلة ما يجب قوله، فاليوم نحن في مربع زواياه تتردد في ترقّب بين التفاؤل بقادم يرتب الأوراق السياسية من جهة، ومن جهة أخرى القلق على الكيمياء التي سيتفاعل بها الجميع مع مُخرجات اللجنة الملكية، ويبدو أن موعد المخاض قد حان.
دعونا نعترف في البداية أن ما بعد حقبة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية طريق مفروش بالورود ولكنه مفروش أيضاً بالمتاعب. هكذا معاً فما العمل؟ كون أنَّ الهدف يمكن في توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وكسر جليد العزوف عن العمل السياسي.
نعم، هناك فرصة رغم عقبات الطريق، لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية؛ بل وتاريخية، كلها ألقت بظلالها على الحالة؛ عقبات كانت إشاراتها واضحة حتى في اللقاءات الميدانية والحوار مع الناس، وكون أن اللجنة تبقى فرصة مهمة لإرضاء الناس بالمخرجات بعد احتقان شهدناه خلط الحابل بالنابل.
إن المزاج العام المتكدّر واتساع فجوة الثقة وانتشار شعور جمعي بانعدام الأمل والتشاؤم والاحباط أوصلت البعض لحالة فقدان الثقة والرجاء، وكل هذا يتطلب جهداً اضافياً من العمل الجاد والتواصل المقنع.
اللحظة اليوم سانحة يجب استثمارها من دون تشكيك فهذه الحوارات تدعم خطى الاصلاح خاصة بوجود أرضية قانونية وتشريعية صلبة يُبنى عليها كما أنَّ التوقيت السياسي مُهم ويستلزم من الجميع السير بخطوات نحو الاصلاح والدفع نحو المنفعة على الكل الوطني، كما أنني أدرك تماماً أن الطموح لدى البعض أكبر من من اللجنة نفسها. وهو حق، لكن دعونا نراها بداية لنتقدم بها نحو خطوات لإصلاح متدرج؛ تتسارع فيه الخطى للمستقبل القادم القريب يصنع بهمة وعزيمة الأردنيين جميعاً وفقاً للرؤية الملكيّة السامية.
في جولاتي الميدانية كنت أسأل الحضور عن موقفهم من الانتخابات الماضية، فترفع الأيادي معلنة أنها قاطعت؛ حسناً، لكن ماذا لو وُجِدت القائمة الوطنية فهل سيشارك من قاطع؟، الأيادي نفسها التي رفعت معلنة أنها لم تشارك في الانتخابات السابقة هي نفسها كانت ترفع لتجيب: نعم، سنشارك بقوة.
هنا يعمل الزملاء في لجنة الانتخاب على الخروج بقائمة وطنية حزبية ستعمل على زيادة المشاركة السياسية وبنفس الوقت على وجود تنافسية بالبرامجية، وصولاً لبرلمان سياسي برامجي، وبالرغم من ذلك يجب على الأحزاب القائمة تطوير برامجها والتقاط اللحظة لإقناع الناس بالانضمام والانتخاب لها.
لكن ليس هذا وحسب، فالمطلوب أيضا صياغة ائتلافات حزبية جديدة، وهي رسالة لمن يجد نفسه خارج هذه المساحة أن يصنع برنامجاً نهضويا، ويبدأ بالعمل على تشكيل منظومة حزبية تستند لعوامل التوافق وتقديم تنازلات للتقدم.
ليكن شعار الجميع أن الأردن مُلتقانا من دون ولاءات خارجية أو تمترس فرعي وجهوي لدى البعض بالسياسة ومع الشكر لتجويد وتحسين تجربة القائمة الوطنية بإضافات نوعية تحسن ما كانت عليه عام ٢٠١٣م.
اللجنة بطيفها المتنوع المختلف أبرزت مساحات، ووضعت الآراء على الطاولة. وهذا مهم للحصول على توافقات ثم نجاح، فما تسعى إليه اللجنة هو الإصلاح أو التحديث حتى تكون من البدايات الفعلية وانطلاقة نحو حياة سياسية.
أما في لجنة تمكين الشباب المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية فقد كان علينا عبء آخر، فبالإضافة إلى تزويد زملائنا بالآراء والطروحات والاقتراحات، كانت المهمة تقديم ورقة سياسات "ورقة بيضاء" تهدف إلى تهيئة بيئة سياسية رافعة للقوانين الناظمة للعمل السياسي وتعمل على زيادة مشاركة الشباب في الحياة السياسية من خلال إزالة المعيقات أمامهم، وصناعة مساحة أكبر للمشاركة الايجابية الآمنة من خلال وضع توصيات واستجابات ضمن محاور مقسمة عبر الفئات العمرية الهدف الرئيسي منها خلق بيئة مناسبة للانخراط بشكل أكبر.
علينا هنا أن نتذكر بأنّ النهج الاصلاحي والرؤية الملكية لم تأتِ على وقع احتجاج شعبية، بل استشرافاً للسير نحو الاصلاح ولتغيير ملموس على طريق التقدم والإصلاح، وهذا يعني الكثير بالتأكيد، كما أن اللجنة قامت اللجنة بالمطلوب منها ككتلة جماعية أو أفراد، وهذا ما على الجميع ادراكه فهي تكليف لثقة ملكية ورهان شعبي، وجهد يستحق الإشادة.
أما الأدوار المُنتَظَرة من المواطنين فهي كما يُدرك الجميع من أهم المحاور في مرحلة انطلاق التحديث السياسي، فكما يمتلك المواطنين الفطنة للمحاسبة ومراجعة المخرجات فعليهم كذلك مواصلة هذا الجهد عبر الضغط عندما تصل المخرجات في سياقاتها الدستورية إلى مجلس الأُمّة بهدف إقرارها، وبالطبع ربما يجد المجلس بأنه ومن الضروري التجويد في هذه المخرجات وهذا لا ضير فيه، فالهدف هو العمل على الوصول لمنظومة سياسية متطورة تسهم في مواصلة بناء أردن النهضة والتعزيز في مئويته الثانية.
* عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية