سعد جمعة رئيس وزراء جرحته الأحداث وأحبطتـه الهزيمـة وأوجعتـه مـرارة النكسة
الخميس-2021-08-19 10:29 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمود كريشان
من ذاكرة الوطن والدولة نتوقف عند المرحوم سعد جمعة، احد رؤساء الحكومات الأردنية في فترات عصيبة من عمر الوطن والأمة، وهو الذي لم يجامل في قناعاته القومية والوطنية، فكانت الأمور عنده إما ابيض أو أسود، صوابا أو خطأ، ليس ثمة منطقة محايدة بين الحقيقة والوهم والخيال.
كان سعد جمعة الجريء في طرح أفكاره، وكرهه للفساد، من النخب الفكرية والسياسية والثقافية، حيث كان شخصية وطنية، نظر إلى المناصب كتكليف وليس تشريفا، لخدمة أوطانها وشعوبها، بعكس النخب الأخرى في الدول العربية والتي ترى في المناصب وسيلة إلى الثراء والتزعم والشيخة والتسلط، حيث كان قاموسه خدمة الوطن.
من الطفيلة الى لندن
من المؤكد ان المرحوم سعد جمعة، قد ولد في مدينة الطفيلة عام 1916 وتوفي في لندن إثر نوبة قلبية عام 1979 ودفن في عمان، وهو من أصول تمتد الى العشائر الكردية العريقة « آل جمعة الأيوبي»، وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة السلط ثم درس الحقوق في جامعة دمشق وتخرج فيها عام 1947، وقد كان مفكرا وكاتبا وأديبا وله إصدارات عديدة.
ووالد الرئيس الراحل سعد جمعة، هو الحاج محمد جمعة الكردي الذي قدم من مدينة ديار بكر التي تعتبر مركز الأناضول التركي الذي يتميز بكثافة سكانية كردية، إلى دمشق ليلتحق بمكتب عنبر الذي كان يعتبر أكبر معهد دراسي في بلاد الشام في العهد العثماني، وسكن الحاج محمد جمعة الكردي في حارة الأكراد في حي الصالحية الدمشقي العريق، وبعد تخرجه من مكتب عنبر تَّم تعيينه في عام 1890م كاتبا للرسائل في قائمقامية مدينة الطفيلة فانتقل الحاج محمد جمعة برفقة والديه الحاج شيخو جمعة الكردي والحاجة خانم إلى الطفيلة، وقد توفي الحاج شيخو وزوجته في الطفيلة ودفنا فيها، وفي عهد الإمارة الأردنية تولى الحاج محمد جمعة رئاسة بلدية الطفيلة واستقرّت العائلة في الطفيلة، ومنذ ذلك الوقت ارتبطت بصلات النسب والمصاهرة مع العديد من عشائر الطفيلة الكبيرة والكريمة مثل المحيسن والعوران والخريسات والقرعان والعطيوي وغيرهم.
مؤامرة كونية
المعلومات تشير الى انه وقبل التحاقه بالعمل الحكومي عمل «سعد جمعة» في قطاع الصحافة، وكان على وعي بخطورة ما يحاك في المنطقة العربية من أحداث منذ مطلع القرن العشرين، وبعد توليه العديد من الوظائف الرسمية والحكومية، وبعد توليه منصب رئيس الوزراء، أصبح سعد جمعة على وعي كامل بوجود «مؤامرة كونية» تهدف إلى تدمير المواطن العربي وزعزعته، من أجل إفساح المجال أمام تعزيز نفوذ الصهيونية في المنطقة، وبحسه القومي النقي دعا «سعد جمعة» لإبعاد قضية العرب والمسلمين الأولى «القضية الفلسطينية» عن المتاجرات والحزازات الفكرية والسياسية، وطالب بجعلها عربية إسلامية، والنظر إليها كمعركة دينية لا معركة أنظمة وأحزاب وحكام.
مرارة النكسة
وبحكم انه من مدرسة النخب الفكرية والسياسية والثقافية، فقد طبعت «مرارة النكسة» كتابات الرجل الفكرية والسياسية، وحاول تحديد أسباب الهزيمة العربية والتعالي على نفسية الانكسار عبر البحث عن عوامل النهوض مجددا، حيث قال: إن أزمة الأمة العربية أزمة ثقة وأزمة أخلاق، وفقدان الثقة يؤجّج الأحقاد ويهيّج الكراهية.
وهذا ما أكده في كتابه «مجتمع الكراهية» عندما تحدّث عن الأحقاد العربية، وعن مؤامرة حيكت مطلع القرن العشرين لتدمير الأصول الحضاريّة والينابيع الروحيّة للمواطن العربي، حتى إذا تعرى في فراغه الفكري والروحي وأصبح مباءة سهلة لكل الضلالات، هجمت الصهيونية والإمبريالية تحطّم كيان الأمة بعد تحطيم روحها، وفق ما اشار اليه صراحة سعد جمعة في كتابه اعلاه.
ثلاثة تساؤلات
يقول ايضا سعد جمعه في كتابه «مجتمع الكراهية»: «لو فهمنا معنى الثأر ووعينا معنى الإيمان، لعلمنا أن قتال المسلم للمسلم كفر، واعتداء العرب على العرب خيانة، وأن تدميرنا من الداخل هو هدف المؤامرة».
كذلك ومن خلال كتابه «المؤامرة ومعركة المصير»، حاول جمعة الإجابة عن ثلاثة تساؤلات: لماذا وجدت إسرائيل؟.. وكيف وجدت؟.. ولماذا وكيف انتصرت على العرب؟.. لتبقى الاسئلة حائرة، لكن ليست عصية عن الإجابة مطلقا.
كتب هامة جدا
وهنا.. فقد تمتع المرحوم سعد جمعة بمنسوب عال من الثقافة العالية والحس القومي العربي والوطني وقد قام بتأليف عدد من الكتب القيمة جدا ومن ضمنها: المؤامرة ومعركة المصير بيروت الصادر عن دار الكاتب العربي عام 1968، ومجتمع الحقد والكراهية والنميمة الصادر في بيروت عن دار الكاتب العربي عام 1971، و»أبناء الأفاعي» و»الله او الدمار».
وقد أكد نجله أسعد سعد جمعة لـ»الدستور» قبل أيام قليلة انهم يعكفون على اعادة طباعة كتاب مجتمع الكراهية، بالإضافة الى انهم سيقومون بطباعة احد مؤلفات الراحل سعد جمعة التي لم تر النور بعنوان: « مجتمع القيم» ليكون اضافة نوعية جديدة من الإصدارات القيمة للراحل سعد جمعة.
مجتمع الكراهية
في غضون ذلك قال مالك كشك الثقافة العربية في وسط البلد حسن ابوعلي لـ»الدستور» ان كتاب مجتمع الكراهية لرئيس وزراء الأردن سعد جمعة والذي جاء اصداره بعد هزيمة 1967 بمثابة وثيقه تاريخية صادقة من رئيس وزراء أردني جرحته الأحداث وأحبطته الهزيمة وعاش المؤامرة تلو الأخرى على الوطن والقيادة من الصديق قبل العدو وهو من الصابرين الصادقين الأوفياء المخلصين لوطنهم وأمتهم والمؤمنين بقيادتهم الهاشمية وشرعيتها التاريخية، والكتاب سيبقى وثيقه هامة وتاريخية وربما أن المؤلف رحمه الله لم يتعرض لكامل الحقيقة، وللمؤلف أيضا كتاب اخر بعنوان «الأردن ومعركة المصير» وانني أنصح كل مهتم بقراءته؛ لما يتضمنه من معلومات مهمة وصادقة صاغها رجل دولة ووطن بحجم رئيس الوزراء الراحل سعد جمعة.
تشكيل الحكومات
كان سعد جمعة من الرموز الوطنية التي لها ثقل مؤثر في الدولة الأردنية، وقد عمل في مؤسساتها الرسمية منذ أن أنهى دراسته.
وتؤكد المعلومات ان فترة عصيبة كانت من عمر الوطن، والأمور آخذة في التصاعد واحتاج الملك الحسين «طيب الله ثراه» إلى من يقف معه في هذه الفترة الحرجة فوقع اختياره على شخصية وطنية اتسمت بالأمانة والكفاءة والانتماء تجسدت في «سعد جمعة»، حيث كلفه الملك الحسين «رحمه الله» برئاسة الوزارة وتشكيل الحكومة خلفا لرئيس الوزراء الشريف حسين بن ناصر عام 1967 وقد شكل سعد جمعة الحكومة مرتين خلال العام ذاته.
وزارته الأولى
شكَّل المرحوم سعد جمعة حكومته الأولى يوم 23 ابريل1967 وحازت ولأول مرة في تاريخ الأردن على الثقة بالإجماع من مجلس النواب الأردني بسبب توقيع الأردن اتفاقية دفاع مشترك مع مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في 30 مايو 1967 ومع العراق في 4 يونيو 1967، إلا أن هذه الحكومة استقالت بعد حرب حزيران/ حرب الأيام الستة وتحديدا في 1 آب 1967.
وقام سعد جمعة بتشكيل وزارته الأولى على الوجه التالي: سعد جمعة رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع، عاكف الفايز وزيرا للمواصلات والسياحة والآثار، أحمد طوقان وزيرا للخارجية، سمعان داوود وزيرا للعدلية، عبد الوهاب المجالي وزيرا للمالية ووزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء، الدكتور صالح برقان وزيرا للصحة، أحمد اللوزي وزير داخلية للشؤون البلدية والقروية، يحيى الخطيب وزيرا للأشغال العامة، ذوقان الهنداوي وزيرا للتربية والتعليم، حاتم الزعبي وزيرا للاقتصاد الوطني، سيادة الشريف عبد الحميد شرف وزيرا للاعلام، اسماعيل حجازي وزيرا للإنشاء والتعمير، عبد الله صلاح وزيرا للنقل، راضي العبد الله وزيرا للداخلية، جمال حماد وزيرا للزراعة، مصباح الكاظمي وزيرا للشؤون الاجتماعية، وفي 8 أيار 1967 قدم السيد صلاح استقالته وعين عبد المجيد حجازي وزيرا للنقل بدلا منه، وفي 15 حزيران 1967 صدرت الإرادة الملكية بقبول استقالة الشريف عبد الحميد شرف وتعيين صلاح أبو زيد وزيرا للإعلام.
وزارته الثانية
كلف الملك الحسين بن طلال «طيب الله ثراه» سعد جمعة مرة ثانية بتشكيل حكومة جديدة في اليوم نفسه وشكلها في اليوم التالي أي في 2 أغسطس 1967 واستمرت حتى 7 أكتوبر 1967 ليشكلها بعده بهجت التلهوني للمرة الرابعة له كرئيس وزراء.
ومن الملاحظ أنه تم تكليف أربع حكومات متتابعة خلال عام واحد.
وقام سعد جمعة بتأليف وزارته الثانية وكانت على النحو التالي: سعد جمعة رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع، أحمد طوقان نائبا لرئيس الوزراء ووزير دولة، سمعان داوود وزيرا للعدلية، عز الدين المفتي وزيرا للمواصلات، عبد الوهاب المجالي وزيرا للمالية، الدكتور صبحي أمين عمرو وزيرا للصحة، صلاح أبو زيد وزيرا للإعلام والسياحة والآثار، أحمد اللوزي وزير داخلية للشؤون البلدية والقروية، يحيى الخطيب وزيرا للأشغال العامة، ذوقان الهنداوي وزيرا للتربية والتعليم، راضي العبد الله وزيرا للداخلية، عبد المجيد حجازي وزيرا للزراعة والنقل، محمد أديب العامري وزيرا للخارجية، شكري المهتدي وزيرا للإنشاء والتعمير، الدكتور فريد العكشة وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل.
وقدم رئيس الوزراء سعد جمعة استقالة وزارته يوم 7 تشرين الأول 1967.
مناصبه في الدولة
هذا وقد تولى المرحوم سعد جمعة العديد من المناصب في الدولة الأردنية على امتداد مسيرة العطاء والإنجاز ومن ضمنها: مدير عام المطبوعات والنشر، رئيس الشعبة السياسية بوزارة الخارجية، سكرتير لرئاسة الوزراء، وكيل وزارة الداخلية، محافظ العاصمة، وكيل وزارة الخارجية، سفير الأردن في إيران ثم في سوريا، سفير الأردن لدى الولايات المتحدة، وزير البلاط الملكي الهاشمي، عضو في مجلس الأعيان الأردني، سفير بوزارة الخارجية، سفير الأردن لدى بريطانيا، عضو في الهيئة الاستشارية المتحدة الأمريكية.
أوسمة ونياشين
وقد حصل الراحل سعد جمعة على العديد من الأوسمة الرفيعة جدا تقديرا لجهوده وانجازاته العديدة في اكثر من مجال خدم فيه الوطن ومصالحه العليا والدولة الأردنية ومن ضمنها: وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى، وسام الهمايوني الإيراني من الدرجة الأولى، الوسام الصيني من الدرجة الأولى، الوسام الايطالي من الدرجة الأولى.