جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمد خروب
قبل أيام على القمة التي ستجمعه في جنيف بالرئيس الأميركي بايدن (16 الجاري)، أطلق الرئيس الروسي بوتين تصريحاً لافتاً بل لاذعاً أمام منتدى بطرسبورغ الاقتصادي, إنتقد فيه سياسات واشنطن مُتهماً إياها بالاتكاء الموهوم على قوتها الاقتصادية/العسكرية/السياسية, ما يجعلها تظن أنها «قادرة على الإفلات من عاقبة ذلك». ما لبث بوتين بعدها ان «ذكَّرَ» الإدارة الأميركية بـ"الخطأ» الذي أدّى الى انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.
قبل مواصلة الحديث عن جدول الأعمال «المُكثف والخلافي» الذي تم الاتفاق عليه بين موسكو وواشنطن, لقمة «قد» لا تسفر عن نتائج إيجابية يمكن البناء عليها والتنبؤ بها, على صعيد علاقات ثنائية وصلت ذروة التصعيد واحتمال الانزلاق إلى حرب باردة جديدة.. يجدر التساؤل عن الأسباب التي دفعت صاحب المقولة الشهيرة عام 2005 عن"أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين» ثم أتبعها بمقولة أخرى عكست حجم الخسارة التي ما يزال يختزنها بوتين بزوال الاتحاد السوفياتي قائلاً عام 2018: إنه كان «سيمنع انهيار الاتحاد السوفياتي, لو أتيحت له فرصة تغيير تاريخ روسيا الحديث».
لا يبدو أن هناك تناقضاً بين «أسف» بوتين العميق على انهيار الاتحاد السوفياتي, وبين تخذيره واشنطن من مصير مماثل ينتظرها, إذا ما واظبت الاعتقاد بأنها «قوية بما يكفي» للإفلات من عاقبة تهديد الدول الأخرى, خاصة أن سياسات الاتحاد السوفياتي خلال حقبتي خورتشوف وخصوصاً في مرحلة التكلّس والجمود التي كرّسها بريجينيف داخلياً, وبالذات على الصعيد العسكري خارجيّاً والتي وصلت ذروتها في غزو أفغانستان الكارثي.. أسهمت ضمن أمور أخرى, في تسريع انتشار العطب الخطير في بنى الدولة والحزب، ما أفسح المجال لشخصية ضعيفة ومشبوهة مثل غورباتشوف، للإجهاز عليها وتسريع انهيارها, على النحو الذي منح الإمبريالية الأميركية والرأسمالية العالمية فرصة «مجانية» أو قل بلا تكاليف تُذكر لمواصلة سياسات الهيمنة/التوسع غير المحدود لحلف الأطلسي, وتفرّد واشنطن في قيادة العالم مُعتبرة بغطرسة أن القرن الجديد (21) سيكون.. قرناً أميركياً بامتياز.
قمة جنيف الأميركية/الروسية وفق تصريحات بايدن وأركان إدارته, وخصوصاً أحد أبرز صقور فريقه وزير الخارجية بلينكن، لا تترك مجالاً للشك بأنها لن تُحدث اختراقاً جديّاً في «جدار» الأزمات المُتدحرجة بينهما, خاصة بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض وتواصُل الحديث عن «عدوانية» روسيا كتهديد «عسكري» أخطر على أميركا (فضلاً عن الصين هي كعدو اقتصادي أكثر تهديداً للهيمنة الأميركية). وهو ما لفت اليه بوتين مُنتقداً سياسات واشنطن: «المشكلة مع الإمبراطوريات.. أنها تعتقد أن لديها القوة الكافية لارتكاب بعض الأخطاء, عندما تقول لنفسها بعد ذلك: نشتري هؤلاء الناس.. نتنمّر عليهم، نعقد الاتفاقات معهم، نُقدّم لهم قلادات/أوسمة، نُهدّدهم بالسفن الحربية.. ثم (يُواصِل بوتين).. يعتقدون أن هذا سيحل جميع المشاكل، لكن المشاكل تتراكم وتأتي لحظة يُصبح فيها من غير الممكن حلّها بأي شكل».
هل أراد بوتين الإيحاء بأن"لا تفاؤل بنتائج لقائه مع بايدن, إذا ما واصل انتهاج سياسات الهيمنة نفسها؟»، ربما يكون قصد ذلك, خاصة إذا ما عدنا إلى سلسلة رسائل حادة أرسلها قبل ذلك, عندما حذّر خصوم روسيا بأن (لا يتجاوزوا الخط الأحمر, الذي «سنُقرّر» بأنفسنا ترسيم هذا الخط».. ثم بعدها تصريحه الأكثر سخونة وحزماً: «الكُلّ يريد أن يقضم أو ينتزِع شيئاً منّا، لكن يجب أن يعرفوا أن أولئك الذي سيحاولون القيام بذلك... سنكسر أسنانهم حتى لا يعودوا قادرين على القضم».
الجواب عند بايدن الذي وَصفَ الرئيس الروسي...بـ«القاتل».