النسخة الكاملة

تحديات التعليم الالكتروني "اقتراحات وحلول متواضعة"

الخميس-2021-05-02 06:01 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز -الدكتور محمد عدنان الحموري

تضع أغلب الدول حول العالم ملف التعليم في المرتبة الثانية بحسب أولوياتها في ظل انتشار وباء كورونا بعد ملف الصحة، وخلال عام كامل في ظل هذه الظروف الصعبة وإذا ما حاولنا تقييم ما وصلنا إليه نجد بان الحكومات في كل دول العالم بدون استثناء واجهت صعوبات وتحديات كبيرة في ادارة ملف التعليم، ونجحت بعض تلك الحكومات نسبيا واخفق بعضها، وشهدنا اجتهادات وآراء وأفكار كثيرة منها قائم على تحليل ودراسات ومنها قائم على اجتهادات شخصية، بهدف الوصول إلى أفضل حل يرضي جميع الأطراف في المعادلة (أصحاب المصلحة) وهم الحكومات، أعضاء هيئة التدريس، الطلاب، أولياء الأمور، قطاع العمل، والمجتمع. وجميع الأطراف متفقين نوعا ما بأن التعليم الإلكتروني هو الحل الأمثل لحل هذه المعضلة في الوقت الحالي.

سأقوم بمقالي هذا باستعراض أبرز التحديات التي يواجهها التعليم الالكتروني من واقع عملي الحالي كعضو هيئة تدريس في تخصص الادارة الالكترونية في احد الجامعات وعملي في وقت سابق في أحد مؤسسات التربية والتعليم، واقتراح حلول واقعية من الممكن تنفيذها إذا كانت هناك رغبة حقيقية لدى متخذي القرار مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الظروف الاستثنائية تحتاج الى قرارت استثنائية.


اولا: التشريعات والقوانين

 وتقسم الى المنصة المستخدمة لتقديم المحتوى العلمي وهنا لسنا بصدد اعادة اختراع العجلة او تقديم حلول مبتكرة يجب ان نتفق بان المنصات المتوفرة حاليا هي الحل الأنسب، لما تتمتع به هذه المنصات من سمعة ومزايا متعددة منها الحماية الجيدة، والخبرة الطويلة، والتحديثات المستمرة، وسهولة الاستخدام وغيرها الكثير، ومن تلك المنصات
(Google Meet، Zoom، Microsoft Teams)


نظام إدارة التعلم

كل مؤسسة تعليمية من المفترض ان يكون لديها نظام لادارة التعلم الخاص بها في وقتنا الحالي، وهناك مؤسسات تعليمية في بلداننا العربية لديها مثل تلك الانظمة من وقت طويل يتجاوز العشر سنوات وأكثر. واقتراحي ان يتم تعميم منصة (Moodle) على كل المؤسسات التي لا يتوفر لديها نظام خاص بها، حيث يعتبر نظام سهل الاستخدام، ومجاني الى حد ما.


معايير التقييم

اذا ما نظرنا الى واقع معايير التقييم المتبعة حاليا في معظم المؤسسات التعليمية نجد بأن تلك المؤسسات طورت جوانب عديدة تتواكب مع التقدم الذي نشهده في قطاع التعليم ولم تطور معايير التقييم، حيث انها تتبع نفس معايير التقييم المتبعة من عشرات السنوات ولم تأخذ بعين الاعتبار التطور الواضح على صعيد المحتوى، وأدوات التعليم الجديدة، والطالب. لذا اقترح تشكيل لجنة على مستوى وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي تقوم بوضع معايير تقييم جديدة بعد الاطلاع على أفضل الممارسات المتبعة في مختلف الدول لتواكب تلك التطورات، وتعميمها على جميع المؤسسات التعليمية والعمل بها من قبل تلك المؤسسات بشكل موحد واعتبارها دستور جديد للتعليم.


التزام الطلبة

هنا اقترح بان تشغيل الكاميرا والالتزام بالزي الرسمي والالتزام باوقات المحاضرة او الحصة الدراسية أمر مفروغ منه لا يحتاج الى نقاش.


إدارة الوقت (مدة المحاضرات او الحصص الدراسية)

هنا يجب الوصول إلى نقطة مفادها بأن مدة المحاضرات والحصص الدراسية بحاجة الى اعادة نظر حيث أن التعليم المدمج امر واقع وسيتم تطبيقه عاجلا ام اجلا، لذا اقترح بأنه يمكن لعضو هيئة التدريس أن يقدم المحتوى على نظام ادارة التعلم ويصبح عدد المحاضرات او الحصص الدراسية أكثر ولكن بمدة أقل، وتقتصر اللقاءات على الاجابة عن استفسارات الطلبة وحل التمارين فقط.


ثانيا: توفر الأجهزة والمعدات للمعلم والطالب

شهدنا مؤخرا حلول متنوعة ومحاولات مشكورة مقدمة من مختلف القطاعات العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات غير ربحية، من دعم وتبرعات لتوفير أجهزة ومعدات ولكنها للأسف لا تعتبر كافية. وهنا اقتراحي بأن تقوم الحكومة بلعب دور الضامن للعائلات واولياء الامور لاموال الموردين لتلك الاجهزة وتقوم بعرضها على اولياء الامور بدفعات شهرية بسيطة تبدا من 10 او 15 دولار وبدون فوائد نعم ستقوم الحكومات بدفع مبالغ كبيرة ولكن لن تقوم بخسارة تلك الأموال.


ثالثا: إمية استخدام الأجهزة والتقنيات المستخدمة

هنا لا اتوقع وجود مشكلة كبيرة في هذا الشأن حيث اصبح استخدام الاجهزة والتقنيات جزء لا يتجزأ من حياة الأفراد وخصوصا الجيل الجديد (جيل الانترنت) وهنا اقترح تنظيم دورات للطلبة وأعضاء هيئة التدريس الذين يشعرون بضعف في هذا المجال لمرة واحدة، بتنسيق داخلي بين مؤسسات التعليم وبدون تكلفة تذكر.


رابعا: توفر الانترنت

هنا اقف عاجز عن حل تلك المشكلة حيث أن قدرات الحكومات المادية متفاوته ولكن ساقوم باقتراح متواضع بأن يتم التنسيق بين الحكومة ومزودي خدمة الانترنت، بتوفير اجهزة (Myfi) باسعار تفضيلية بشكل مؤقت للطلبة الغير قادرين ماديا على دفع الاشتراك الشهري لخدمة الإنترنت.


خامسا: تفاعل الطلبة

قبل المحاضرة أو الحصة الدراسية هناك تطبيقات ومواقع رائعة يمكن استخدامها للتفاعل مع الطلبة متوفرة باللغتين العربية والانجليزية قبل المحاضرة او الحصة الدراسية ومن أبرزها (Padlet.com) وهو موقع مجاني الى حد ما يوجد به مزايا عديدة يمكن لعضو هيئة التدريس والطلبة التفاعل من خلاله قبل موعد المحاضرة او الحصة الدراسية بشكل مسلي وسهل الاستخدام ويقلل الاسئلة الخارجية من الطلبة اثناء المحاضرة أو الحصة.


أثناء المحاضرة أو الحصة الدراسية

يتوفر المئات من المواقع التي يمكن لعضو هيئة التدريس استخدامها لزيادة التفاعل مع الطلبة بشكل كبير ومن تلك المواقع (Classtools.net) والموقع الرائع الذي يشبه الى حد كبير موقع YouTube المشهور ولكن مخصص للتعليم (edpuzzle.com) وموقعي المفضل (Quizizz.com) الذي يعطي الفرصة لعضو هيئة التدريس لتحويل المحتوى العلمي للمحاضرة أو الحصة الدراسية إلى لعبة علمية يستمتع بها الطلبة ولا يشعرون بوقت المحاضرة أو الحصة ولا تحتاج الى تسجيل مسبق في الموقع من الطلبة ومتوفرة بشكل مجاني الى حد ما.


بعد المحاضرة أو الحصة الدراسية

وهنا نصل الى مرحلة اعطاء التغذية الراجعة الى الطلبة بعد المحاضرة او الحصة لتقييم ادائهم فيمكن لعضو هيئة التدريس استخدام الموقع الذي لا يمكن الاستغناء عنه (Loom.com) وهو موقع مجاني الى حد ما ولا يحتاج الى تسجيل مسبق من قبل الطلبة.

سادسا: الاحساس بالانطوائية والانعزال
هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها إذا ما نظرنا الى العوامل التي تحفز الطلبة للذهاب الى المدرسة او الكلية او الجامعة، فهناك بجانب التعلم عوامل مهمة بالنسبة لهم يجب أخذها بعين الاعتبار مثل وقت (الفرصة أو فترة الراحة) والاختلاط بزملائهم وأصدقائهم، لذا اقترح كحل متواضع لا يحل المشكلة ولكن يحد منها، العمل على تشجيع أعضاء هيئة التدريس على تقسيم الطلبة ووضعهم في مجموعات عمل كحد ادنى ثلاثة طلاب وكحد اقصى خمسة طلبة، واعطائهم تمرين أو حالة دراسية من جانب للتواصل فيما بينهم بأمور خارج أطار الدراسة ومن جانب آخر العمل مع بعضهم البعض لحل التمرين أو الحالة الدراسية وتحديدها بإطار زمني بين 15 الى 30 دقيقة قبل او بعد المحاضرة أو الحصة الدراسية.



سابعا: المحتوى العلمي

من خلال خبرتي المتواضعة في مجال التربية والتعليم والتعليم العالي وجدت بأن بعض أعضاء هيئة التدريس يقوموا مشكورين بعرض المادة العلمية على الطلبة بشكل مكثف بهدف الانتهاء من المقرر قبل الموعد المحدد لانتهاء الفصل بصرف النظر عن مستوى فهم او ادراك الطلبة للمحتوى، لذا اقترح هنا التركيز على جودة المحتوى وليس الكم. مثال من مادة الاقتصاد عوضا عن عرض كل الكتاب أو المقرر الدراسي، التركيز على أهم المفردات مثل (البطالة، الاستثمار الخارجي، الاستيراد والتصدير، الناتج المحلي والقومي الإجمالي، فائض وعجز الموازنة، والتضخم)

وفي النهاية يجب توضيح نقطة مهمة بأن التعليم الالكتروني ليس حل مؤقت لازمة كورونا كما يراه أو يروج له البعض، التعليم الإلكتروني هو تطور طبيعي لقطاع التعليم الذي لم يشهد أي تطور في مفرداته خلال اخر مئة عام اذا ما تم مقارنته بالتطور الطبيعي الذي تشهده مختلف القطاعات الصناعية، والتجارية، والصحية، والخدمية وغيرها الكثير.