جفرا نيوز -
جفرا نيوز- بقلم: د. محمد ابوعمارة
لا شك بأن إضافة منهاج الثقافة المالية يشكل إضافة نوعية ومميزه للمناهج الأردنية، لأن تثقيف الطلبة بالمفاهيم المالية والإقتصادية يعتبر من أهم المعلومات التي يجب أن يتزود بها الطالب الأردني، ولو اطلعنا على العناوين التي ضمتها المناهج التي تبدأ من الصف السابع وتستمر للصف العاشر وبعد ذلك تدرج كمادة إختيارية لطلبة الأول الثانوي والتوجيهي الأدبي، لرأينا تنوعاً مميزاً يبدأ من التعريف بأهمية المال إلى إدارته إلى آليات الإنفاق ومايواجهها من مخاطر مالية وصور للمال في حياتنا.
ثم يستعرض الإستهلاك الواعي ويعرّف بالبنوك ودورها وما تقدمه من خدمات كالقروض وغيرها ثم تدعو الطلبة للريادة من خلال وحدة :كيف أكون ريادياً ثم تتطرق المناهج للتجارة الإلكترونية وكيفية استخدامها للدفع الإلكتروني وغيره وتختتم بالتعريف بالمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وما تقدمه للمشتركين.
المواضيع المطروحة جميعها غاية في الأهمية وتسلسله بطريقة جيدة وحقيقة أنه لو تم تحقيق الأهداف منها لأتت أكلها !
ولكن عند عمل استطلاع بسيط قمت به وفريق عملي بين المعلمين والطلبة عن مادة الثقافة المالية تحديداً وجدنا أن هناك هوّه كبيرة بين الواقع والمتأمل من هذه المادة وخلصنا إلى مجموعة من العقبات التي تعيق تحقيق الهدف الذي وضعت هذه المناهج من أجلها ومنها:
أن معظم من يدرس هذه المواد ليسوا من أصحاب التخصص ، فتوكل مهمة تدريس هذه المادة غالباً لمعلم الحاسوب أو الرياضيات وكلاهما غير متخصص وبالتالي فإنه لن يعطي المادة بالكفاءة التي سيعطيها أصحاب الإختصاص ناهيك عن أن بعض المدارس توكل تدريس هذه المادة لمشرف المختبر أو معلم التربية المهنية!!
تولد لدى الطلبة شعور بأن هذه المادة غير مهمة وبالتالي فإن التركيز عليها أو الاهتمام بها يكون معدوماً لدى المعلمين ولدى الطلبة لأن علامتها توضع عادة بالقياس مع علامة المواد الأخرى وبنفس آلية وضع علامة التربية الرياضية وغيرها ففي كثير من الأحيان يتدخل مربي الصف بهذه المواد لوضع علامات جيدة للطلبة المجتهدين أو وضع علامات مرتفعة للجميع بحجة أنها لا تؤثر بالمعدل!
وعندما تحول التعليم إلى تعليم عن بعد تم استثناء تدريس هذه المادة في العديد من المدارس كونها لا تشتمل بمعيار الأهمية مادة محورية كالرياضيات واللغات وغيرها!
تدريس هذه المادة يبدأ من الصف السابع وهذا يشكل نقطة ضعف بالمفاهيم التي تقدم في هذه المرحلة العمرية لأنها تعتبر بسيطة جداً بالمقارنة بالعمر فالكتاب صمم لطلبة لا يفهمون معنى المال أو آليات استخدامه مع أن بعض الطلبة يتقن كل هذه المهارات لأنه يمارس بشكل يومي مهارات البيع والشراء وربما يساعد والده أو والدته في العمل فبالتالي هو يعرف آليات التعامل مع البنك والتجارة الإلكترونية وغيرها من المفاهيم ومن هنا يتولد شعور لديه بعدم أهمية المادة تبعاً لسهولتها.
أيضاً وللأسف أن المناهج صممت بطريقة نظرية فقط وخلت من الجانب العملي التطبيقي، لذا وحتى لا يضيع جمال الفكرة بسوء التطبيق فأنا أقترح ما يلي:
تعيين معلمين من أصحاب الإختصاص لتدريس هذه المناهج وإعطائها الأهمية القصوى وتثقيف مدراء المدارس بأهميتها وكذلك الطلبة وأولياء الأمور ونكون هنا قد عالجنا ولو بشكل بسيط أزمة خريجي هذه التخصصات والتي تعاني من بطالة عالية!
-بدء تدريس هذه المناهج من الصفوف الثلاث الأولى بمنهاج بسيط يعتمد على العمل واللعب أكثر من التركيز على الجوانب النظرية ،والتسلسل بالمناهج بحيث نكسب الطلبة جميع المفاهيم في مرحلة مبكرة وبالتالي تنوع خيارات الطفل في الدراسة وفي خيارات العمل في المستقبل.
-ترتيب المادة بحيث تضم الجانب العملي والزيارات للجهات المختصة بحيث لا يكتفي المنهاج بالجانب النظري فقط بل ويضع الطالب مكان المسؤول ليكتسب الخبرة الكافية والقدرة على إدارة مشروعه الصغير على الأقل من خلال تدريب الطلبة على عمل مشاريع صغيرة وبذلك نغدق السوق طلبة قادرة على انتاح الأفكار وإدارة المشاريع.
ومما لا شك فيه ان هذا المنهاج هو نقلة نوعية في التعليم في الأردن ولكنها تجربة يشوبها بعض النقص حبذا لو تم الأخذ بالملاحظات حتى نحقق ما نرجوه منه وما نرجوه من طلبتنا الذين نعلق عليهم قناديل المستقبل