جفرا نيوز -
جفرا نيوز - فايز الفايز
من طرائف السياسة ما يقع في باب الغرائب، فرئيس الحكومة الإسرائيلية الذي خاض معركة الانتخابات الأخيرة دون وضوح الرؤية لقدرته على تشكيل إئتلاف حكومي، ولغايات الترويج له ودعم انتخابه من الفئات العربية في الداخل الأخضر، أطلق على نفسه لقب «أبو يائير» وهو اسم ابنه البكر، في مخالفة لكل أعراف العالم اليهودي خرج نتانياهو في تسجيلات خاصة يدعي بها أن شبانا عربا كانوا يحيونه بلقب «أبو يائير» ولتلزيم العلاقة بالوسط العربي قام بدعم منشورات ولوحات دعائية تحمل صورته بخلفية لعلم الكيان الإسرائيلي تتوسطها صورة حمامة وخلفه جملة بالعربي مفادها «كلنا مع أبو يائير».
«أبو يائير» هذا، الذي جثم على صدر رئاسة الحكومة الإسرائيلية أكثر مما جلس مؤسسوها الصهاينة الأوائل، لم يترك فرصة لمماحكة الأردن وقيادته وإظهار تعاليه على القرار الأردني إلا واستغلها، ولكنه في كل مرة يفشل في تحشيد رأي عام لدعمه، فتأتيه اللعنات من أقرب الناس له، ويبدأ القصف من التيارات السياسية على سياسته المنحرفة نحو الرعونة، ومع هذا فهو يتمترس خلف قاعدة شعبية لا تعُنى كثيرا بالسياسة أو احترام المعاهدات والإتفاقيات، فالجمهور الذي يعيد انتخاب ذات الشخص لاثني عشر عاما وهو يواجه محاكمات بقضايا فساد، ليس سوى جمهور يعشق لعق الدماء حول شفاههم.
في آخر صراعاته مما نقلته الأخبار أن «أبو يائير» رفض المصادقة على تزويد الحصة المائية الإضافية للأردن بناءً على اتفاقيات معاهدة وادي عربة، المشمولة بالفقرة الثانية من المادة 6 من المعاهدة والملحق رقم 2 المتعلق بالمياه، التي تؤكد على الحقوق المائية للأردن من مصادرها الطبيعية في نهر اليرموك ومصبات نهر الأردن، رغم الموافقات من الجهات ذات الاختصاص من الجانب الغربي، وهذا يعني أن نتانياهو أو أي لقب يحمله قد وصل الى مرحلة النشوة المفرطة للتعالي بعد كل صفقاته السياسية خارج حدود كيانه، ولم يجد عائقا إلا المواجهة الأردنية التي منعته من السفر عبر أجوائه، فأراد الانتقام بكسر إحدى قوائم المعاهدة الأهم.
في عالمنا العربي نجد أن أسهل مواجهة مع أي عدو هي كيل الشتائم له، ومن هذا الباب ندخل عليه من النافذة التي حاول تقريب الجمهور العربي الذي خاض معركة جيدة في الانتخابات الأخيرة، لنقول كما يقولون «تخسى يا أبويائير»، ولكن الحقيقة أن علينا أن نخرج من ذلك الإنبوب الطويل الذي يمدنا بالمياه التي هي حق لنا تاريخيا، لنتوجه الى أبعد من ذلك لتوفير احتياجاتنا المائية، خصوصا في ظل التعاون الجديد ما بين الشقيقتين مصر والعراق لتزويدنا بالمياه وشق الأنهار الطبيعية.
قد لا يعرف الكثير من الجمهور أن عديدا من الأودية المائية الطبيعية التي تتدفق فيها مياه الأمطار عبر الأراضي الأردنية الشرقية تأتي من العراق وتخترق مئات الكيلومترات للبادية الشمالية والشرقية الوسطى، وهذا يفتح أمامنا أفكارا جديدة للتعاون المائي مع العراق عبر نهر الفرات في مدينة القائم التي تبعد عن الحدود الأردنية 250 كيلومترا فقط، وكذا الأمر مع مصر، أسوة بخط الغاز الذي اخترق الصحراء قادما الينا وهذا يعني تعزيز أمننا المائي بتوافق عربي، بالتزامن مع فضح الممارسات الإسرائيلية التي يلعب بها نتانياهو لتهديد الأردن عبثا.