الفساد في الصحافة
الخميس-2012-01-14

جفرا نيوز - جفرا نيوز - ناهض حتر
المزيد والمزيد من الشائعات و"المعلومات" و" التسريبات" و"الإتهامات" تتداخل لكي ترسم مشهدا غامضا حول الفساد في الصحافة الأردنية. الأرقام كبيرة، تصل إلى مئة ألف دينار حصل عليها صحافي واحد في أُعطية واحدة، وتشتمل على مكافأت منتظمة لصحافية وصحافي من اللون الليبرالي بمبلغ 5000 دينار شهريا الخ تتركز الإتهامات في فترة رئيس الديوان الملكي الأسبق، باسم عوض الله، ومدير المخابرات الأسبق، محمد الذهبي. لكن بعضها أقدم ويتعلق بأُعطيات ما سُمي" برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي"، وبعضها أحدث، ويشير إلى صرف أموال طائلة من مخصصات أمين عمان السابق، عمر المعاني. كذلك، إلى تلقي صحافيين مبالغ من السفارات، وتمويل مشبوه لمواقع ألكترونية ومراكز دراسات ... الخ تخلط الإتهامات بين الأسماء والمواقف، وتشيع جوا يلوّث الوسط الصحافي كله، مما يهدد صدقيّة المهنة التي تُعَدّ عمودا من أعمدة الديموقراطية. وهو ما يجعل مهمة كشف الحقائق الكاملة، مهمة وطنية لتبرئة السلطة الرابعة، ونبذ الفاسدين منها. وقد تكون أموال الفساد في الصحافة، على ضخامتها فيما يُقال، لا تُذكَر مقارنة بأموال الفساد في عمليات الخصخصة وبيع مقدرات الدولة والتراخيص وتفويض الأراضي، لكنها، في رأيي، أكثر أهمية؛ لأنه يمكن التخلص من عشرات الفاسدين من نادي الحكم وتجديده سياسيا، لكن تلوّث الصحافة يلوّث الضمير الوطني، ويلقي بظلاله على المناقشات السياسية الضرورية على صفحات الصحف والمواقع الألكترونية، وعلى الدور الرقابي للصحافة وصدقيتها. على مستوى ثان، فإنه من الظلم الشديد أن تبقى إتهامات الفساد مسلطة على أبرياء سيظلون مظلومين طالما لم تكشف الجهات المعنية عن الصحافيين الفاسدين بالأسماء والوثائق. إنني أتوجه، خصوصا، إلى رئيس الديوان ومدير المخابرات الحاليين، للكشف عمن تلقى أموالا من الصحافيين في فترة عوض الله ـ الذهبي،و تسليم المعلومات، ضمن الأطر الرسمية، إلى هيئة مكافحة الفساد التي يتوجب عليها أن تباشر التحقيق، أيضا، في حالات ومصادر ومتلقي الأموال السوداء في الصحافة الأردنية. كشف فاسدي الصحافة هو حق مشروع للبلد والديموقراطية والمهنة وللصحافيين الشرفاء، ولا يدخل في باب التعرّض الشخصي أواغتيال الشخصية، بل هو ضروري لحماية شرف الصحافيين والمثقفين من الإيذاء العابث وتصفية الحسابات السياسية. ولربما تكشف التحقيقات أن هنالك أموالا صرفت من "الديوان" لبعض الصحافيين تحت بند المساعدة الإنسانية كما يحدث مع أي مواطن آخر. كذلك، يمكن أن تكون هنالك أموال صُرفتْ من مؤسسات عامة أخرى في إطار دعم مشروع...الخ. كل ذلك سنعرفه عندما يجري تحقيق شامل وشفاف وينتهي إلى قائمة محددة بالفاسدين. كلّ زميل حرّ.. معني شخصيا بالدفع نحو إجراء تحقيق كذاك. فالشائعة التي تسيء إلى زميلك اليوم، ستتناولك غدا. وسيجد الوسط الصحافي نفسه في النهاية "متهما". والبديل الوحيد لإنقاذ شرف المهنة هو كشف الحقائق كاملة من دون إستثناءات ولا مجاملا

