النسخة الكاملة

مأزق الوزراء حين يتراجعون عن تصريحاتهم

الخميس-2012-01-10
جفرا نيوز - جفرا نيوز - تدرك الأوساط السياسية والإعلامية، أن الحكومة واقعة في مأزق صعب، فمن جهة تحاصرها المسيرات والمظاهرات والحراكات الشعبية والمطلبية، ومن جهة أخرى تناكفها قوى الشد العكسي، التي تكبح من سعيها لإدارة دفة البلاد.
وتتهم الحراكات الشعبية الحكومة بالبطء في عملية الإصلاح، بخاصة وأن الحكومة لا تملك ترف الوقت للتخطيط والتنظيم لخطواتها، لاسيما وأنها طرف يقع في المنتصف بين عدة قوى، وتكاد تكون الحلقة الأضعف بينها.
وربما لعبت الاصطفافات الأخيرة للحكومة مع تيار دون آخر من المعارضة، دورا في اشتداد عمق الأزمة، وهو ما بات يظهر جليا في التصريحات الحكومية، التي تغازل أطرافا من المعارضة من جهة، وتوجه سهام النقد لأخرى.
وهو ما يرتب على المسؤول الحكومي، في هذه الحالة الحساسة الراهنة والمهمة، أن يلتقط الإشارة التي تأتي في أجواء إصلاحية، إما للحد من تصريحاته التي يعود وينفيها في اليوم التالي، أو لتوضيحها، وفقا لبرامج الحكومة وحساسية مقتضيات المرحلة.
ويفترض بالمسؤول الحكومي، عندما يطلق تصريحات، أن يكون واثقا منها، بخاصة عندما يبلغ أنها ستكون للنشر، أما أن يطلق تصريحا على عواهنه، ثم ما يلبث أن ينفيه أو يشكك بمصداقيته، فهذا لا يليق بمسؤول إعلامي متمرس، زاوج بين الصحافة والسياسة.
نحن نعلم حجم الحرج الذي يقع فيه المسؤول الإعلامي، بيد أننا لا نقبل أن يشكك في أبجديات المهنة التي نشارك زميلنا همومها.
ونحن معشر الصحفيين، نستبشر خيرا حينما يوزر صحفي في الحكومة، معتقدين أننا ودعنا زمن المسؤولين الذين يطلقون التصريحات لينفوها في اليوم التالي، أو لاستخدام وسائل الإعلام كبالونات اختبار، لقياس مدى تأثيرها على الشارع في أي قرار.
لكن يبدو أن الأزمة الداخلية التي تعيشها الحكومة ووزراؤها، تظهر سريعا في أي تصريح صحفي لمسؤول حكومي، وهو ما حدث بالأمس مع وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الزميل راكان المجالي، الذي صرح لـ"الغد" خبرا حول إجراء الانتخابات النيابية، ثم ما لبث أن اتهم الصحيفة بعدم الدقة في نشره، وهو أمر مستهجن ومستغرب، يدل بشكل كبير على أن الوزير تراجع عن تصريحاته بعد ضغوط ربما مورست عليه، وبدلا من أن يعترف بأنه أخطأ في التصريح، أنحى باللائمة على الصحيفة، واتهمها بعدم الدقة.
وبالمناسبة، مطلوب من وزير الدولة لشؤون الإعلام، أن يوضح ما هو الأمر "غير الدقيق" في تصريحاته التي أطلقها، وما هي توجهات الحكومة بهذا الصدد؟ ولماذا تراجع عن تصريحاته؟ ولماذا أطلقها من الأساس، إن كان لا يستطيع أن يتحمل نتائجها؟
ونتمنى من الزميل الوزير، أن لا يعتب علينا، فالمصلحة العامة تقتضي المصارحة والشفافية والتعاون، بدلا من اتباع سياسات إعلامية حكومية عفا عليها الزمن، ومستهلكة منذ عدة عقود.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير