النسخة الكاملة

الاردنيون يقولون "للزمان ارجع يا زمان" قبل كورونا... وسنقبل مشاكلنا من أزمات المرور والفقر والبطالة وارتفاع الفواتير ..؟

الخميس-2020-11-22 10:44 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز  - عصام مبيضين  

 هل بدأ الأردنيون يتحسرون على الزمن الماضي الجميل، فما كان الامر عاديًا في اللقاءات والسهرات والتجول وجلسات المقاهي والأفراح، أصبح أمنيات ومن الأحلام بعدما كانت من الأمور العادية قديمًا.

واليوم فات الميعاد على أشياء جميلة والأردنيون يقولون اليوم  قل" للماضي الجميل قل للزمان ارجع يازمان"، حيث يرحم عندما كانت الهموم تنحصر بأزمات المرور واختناق الباص السريع اليومية وارتفاع الفواتير والشكاوى من أرقام البطالة وثقافة العيب وأسعار المطاعم وأقساط المدارس  الخاصة وارتفاع الإيجارات ومطالب الزوجات وشغب الأطفال وتأخر الابناء بسهر واسئلة التوجيهي الصعبة وموديل السيارات القديم وتغيير الأثاث والسفر بالعطلة الصيفية للخارج.. فعلًا  اشتقنا لكل شيء من الزمن الجميل، واليوم تغيرت الدنيا وأصبحت الهموم قناطير مقنطرة والكل يشكو، رجال أعمال و"بزنس" وفقراء وأثرياء ومعدمين.

 وبدأت رياح تسونامي تعصف بالقطاعات السياحية والتجارية والمطاعم والمقاهي والمحلات والمصانع والقطاع الخاص، وموازنة الحكومة القادمة مهلهلة مع ضعف الإيرادات وانخفاض التداول والعقار والبورصة والحركة التجارية واكتشفنا وجود مليون اردني بلا شبكات ضمان اجتماعي من  صغار الكسبة وعمال المياومة وعمال ارزاق يا دنيا ارزاق ...الخ.


 والآن وفي خضم كل أنواع الحظر الذي طبق علينا خلال الفترة الماضية سواءً منه الجزئي أو الشامل لحمايتنا من فيروس كورونا، وبقاء الناس خلف أربعة جدران ومنازلهم سجون برفاهية، وإقتصار حرية التحرك بين ممرات الشقق والتجول للتسوق في الشوارع القريبة وهي محيط المنازل والعرسان بلا افراح وأصبحت بيوت العزاء كلمات جامدة على الفيسبوك.

 ولهذا فإن الأغلبية يشعرون بعصبية وضيق وحنق من الأوضاع وإشكال حظر التجول، حيث أن هناك أجيال كثيرة لم تعرف وترسم في خيالها، منعها من الخروج من منازلها سجون جماعية، ولا تعرف أسم قانون الدفاع والطوارىء، وأن حظر التجول لم يتعامل معه إلا اشخاص تجاوزت أعمارهم الخمسين فما فوق، حيث مرت عليهم أيام الأحكام العرفية في الخمسينيات وحتى السبيعينات من القرن الماضي، بسبب المظاهرات ولكن بصورة لم تشهد رعبًا مثل الوضع الحالي وهنا الفرق الخطير.

 لقد حشرنا في زاوية خيالية فنتازيا، لم نحشر بمثلها وأغلقت على معظمنا البيوت، حيث أن العدو الذي يلاحقنا في كل مكان، هو قادر ويجرؤ على أن يحشرنا خلف أبواب مغلقة، ليس عدوا فقط ، ولكن شبح متحرك غير مرئي، من هنا أصبح الجميع يخاف من الجميع، ولهذا انعزل البعض واعتكف وأبعد نفسه عن الأقارب والأصدقاء والمعارف، وحتى تصاعدت موجات "الفوبيا" لدى قطاع واسع من كل شيء من مقابض الأبواب، والحائط والأسطح وباب السيارة، وأصبحنا نعاني من وسواس قهري بموضوع النظافة اليومية، مع وجود خطوط حمراء، هي مسافة المتر ونصف المتر التي وضعت للتباعد وغيرها.

 فعلاً أنها حقبة زمنية جديدة يطغى عليها عدم الانفتاح على الآخر وإنغلاق تام، من هنا فإن الرؤية انه لن تكون هناك حياة طبيعية مثل السابق، إذا لتطرح الاسئلة المشروعة، ماذا لو تم فك وانتهت  كل اشكال حظر التجول عنا هل سنرجع كما كنا سابقًا..؟ هل سيرجعنا الجنرال كورونا من رحلتنا البعيدة ما وراء الخيال الى الأرض وسنرى فسيفساء وانماط حياة جديدة من العلاقات والإرتباطات والتفاعلات بين الناس مثل الزمن القديم وللاسف الشديد فإن الحقيقة والمعطيات تظهر عكس ذلك على الأقل لزمن ما قادم، لايعرف احد يقصر أم يطول ذلك، حيث ان مخلفات الزوابع الأخيرة من تسونامي كورونا صعبة ،ولن نتمكن بعدها من استعادة العادات القديمة وملامحها بدأت اليوم، حيث يشعر الجميع أنه ما كان بالنسبة لهم من نعم وأمرعادي وروتيني وغير مهم، من اجتماع الأقارب وقضاء ساعات في المقاهي والسهرات وحضور الموتمرات والإجتماعات في الفنادق وحضور المناسبات الإجتماعية من أفراح وعزاء وإقامة الولائم أصبح من الماضي الجميل وما جرى ويجرى الآن بالنسبة لهم ولا في الأحلام.

 وما بعد كورونا بتأكيد ليس كما قبله اجتماعيًا ونفسيًا وسنكون مجبرين على القيام بأداء أدوار نرفضها، وبتأكيد سيكون لقاء بعضنا مع بعض بلا روح.. فاتر جاف ومن غير حرارة.. وبلا توابل عاطفية ولا مصافحات ولا عناق ومزاح ولا قبلات ولا همس في الاذن ولا قهقهات جانبيًا ولا ضرب كف في الكف، ولا أحاديث حميمة، ولا ربت على الأكتاف سنبتعد مسافة الأمان، نتبادل ابتسامات خافتة، وضحكات صفراء لاتصل أبعد من الأسنان، ممزوجة بنكهة الحذر نقف في انتظار قطارات ستقلنا إلى جهات مختلفة تهرب بنا من التجمعات والإختلاط، وسنشهد انحسار الزيارات، وحضور المناسبات الإجتماعية سواءً منها الأفراح أو الأحزان والمهرجانات العامة والإجتماعات والمباريات وحتى لانكون متشائمين سنفتقد الحماس لحضور اغلبها بزمن قادم.

سنعشق العزلة سترى الناس مقبلين وهم مدبرون، بل إن كل واحد منهم سيدير للآخرين ظهره، سيكون الضياع عنوانًا لكل حركة فائضة عن الحاجة والضرورة.

 وفعلا كما يقول المثل لطالما تمنى العاقل الوحيد في مدينة أصيب أهلها كلهم بالجنون أن يكون مجنونًا وحين يكون المرء مبصرًا في مدينة أصيب أهلها بالعمى، فإنه لا يرى قيمة لنعمة البصر وبيت الشعر الأصدق رب يوم بكيت منة فلما صرت بغيرة بكيت علية

انها هي النهاية نفسها فهل سيحمل العائدون من زمن كورونا إلى الحياة شيئًا من ملامح أهل الكهف..ويقول كم لبثت يومًا أو بعض يوم من هنا علينا بعد كورونا أن نقوم باجراء مسح نفسي  ونقارن بين زمنين