جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب مصطفى الريالات
تُواجِهُ موازنةُ العامِ المُقبلِ تَحدِّيات أبرزُها وباءُ الكورونا المُستجد والذي كانت آثارُه الاجتماعيةُ والاقتصاديةُ كبيرةً وهائلةً على الاقتصادِ الوطنيِّ، فالمؤشراتُ الاقتصاديةُ وفقًا لدراسةٍ أعدَّها مركزُ الدُّستورِ للدِّراساتِ الاقتصاديَّةِ المَنشورةِ داخلَ العددِ اليَوم، تُظهرُ ارتفاعَ المَديونيَّةِ وتراجعَ النمو الاقتصاديِّ وارتفاعَ معدلِ البطالةِ وانخفاضَ الإيراداتِ المَحليةِ وانخفاضَ النَّفقاتِ الاستثماريَّةِ وارتفاعَ العَجزِ قبلَ وبعدَ المِنَحِ وتراجعَ الصَّادراتِ وتراجعَ حجمِ التَّداولِ في بُورصَةِ عَمَّانَ.
ومنَ التَّحدياتِ أيضًا حالةُ عَدمِ الاستقرارِ السياسيِّ في المنطقةِ والتي أدَّت إلى إغلاقِ الحُدود مع دولِ الجوارِ بسببِ وَباءِ كورونا وهو الأمرُ الذي أدَّى إلى خسارةِ أسواقٍ تصديريَّةٍ مجاورةٍ مهمةٍ جرّاءَ الإغلاقاتِ، فيما يُضافُ إلى هذه التَّحدياتِ العجزُ في نِسبةِ تَمويلِ «خطةِ الاستِجابةِ» للجوءِ السُّوري بنسبةِ 71 ٪، ورغمَ ذلكَ التزمَ الأردنُّ بمساعدةِ اللاجئينَ السوريينَ، وهو موقفٌ يُحمِّل ميزانيةَ الدّولةِ أعباءً مضاعفةً؛ فالأردنُّ يُعامل اللاجئينَ المُسجَّلينَ غيرَ السُّوريينَ في المُستشفياتِ والمراكزِ الصحيةِ التابعةِ لوزارةِ الصِّحةِ، بنفسِ مُعاملةِ الأردنيينَ القادرينَ غيرِ المُؤمَّنين (تسعيرةُ القادرِ الأردنيِّ) لجميعِ الخِدْماتِ المَعمولِ بها، واستيفاءِ أُجورِ المُعالجةِ والمُطالبةِ المَاليةِ منهم مُباشرةً.
ووفقَ تَقريرِ مُفوضيةِ الأممِ المُتحدةِ لشُؤونِ اللاجئينَ الذي صدرَ الشَّهرَ المَاضي حولَ تمويلِ عَملياتِها في الأردنِّ، فإنَّ مجموعَ ما أنفقتهُ الأممُ المُتحدةُ منذُ مَطلعِ العَام الحاليِّ غطَّى ما نسبتُهُ 49 ٪ من إجماليِّ احتياجاتٍ مَاليةٍ مُخصَّصةٍ للاجئينَ للعامِ الحَاليِّ، وبنسبةِ عَجزِ 51 ٪.
كما يَبرُزُ تحدٍّ آخرُ أمامَ مُوازنةِ العامِ المُقبلِ وهو الظُّروفُ السياسيَّةُ التي تَعصِفُ بالمنطقةِ، والمَوقفُ السياسيُّ الأردنيُّ المُستندُ إلى ثَوابتِهِ الوطنيَّةِ التاريخيَّةِ، ودِفاعُهُ عن مَصالحِ الأمَّةِ العَربيةِ وفي مُقدِّمَتِهَا القضيَّةُ الفلسطينيَّةُ عُمومًا والمُقدَّساتُ خُصوصًا.
تَحدِّياتُ المُوازنةِ هي تَرِكَةٌ ثَقيلةٌ تتحمَّلُهَا اليومَ حكومةُ الدكتورِ بِشر الخَصاونة، التي جاءتْ في وَقتٍ أَلقتْ مَرحلةٌ سِياسيَّةٌ واقتصاديَّةٌ صَعبةٌ، بظِلالِهَا على أجواءِ المَملكةِ والمنطقةِ عُمومًا، ولذلكَ فإنَّ الحكومةَ جُزءٌ من هذه المَرحلةِ، التي يَتوجَّبُ على الجَميعِ التَكاتُفُ، والعَملُ من أَجلِ الخُروجِ منها، لتَحقيقِ التَطلُّعاتِ نحوَ إصلاحاتٍ شَاملةٍ، سياسيَّةٍ واقتصاديَّةٍ واجتماعيَّةٍ وإداريَّةٍ.
رَئيسُ الوزراءِ وفريقُهُ الوزاريُّ يُدركونَ أنَّهم لا يَملكونَ تَرَفَ هَدرِ المَواردِ ولا إضاعةَ الوَقتِ والجُهدِ، مثلمَا يُدركُ الخصاونةُ وأعضاءُ حكومتِهِ بأنَّ ما يُصْلُحُ للناسِ ويُحسِّنُ من أحوالِهِم يجبُ أنْ يستمرَّ ويتعزَّزَ، ومَا لا يُشكِّل خدمةً واضحةً للوطنِ والمُواطنِ، هو فَائضٌ عن الحَاجةِ، وليسَ ذا أولويَّةٍ، وبالإمكانِ الاستغناءُ عَنهُ أو تأجيلُهُ.