النسخة الكاملة

حكومة الخصاونة "خارج التغطية" ؟

الخميس-2012-01-05
جفرا نيوز - جفرا نيوز - ماجد توبة
ثمة قلق عام يلف المشهد المحلي، ومشاعر توتير واستفزاز واضحة في الأجواء السياسية، تنبئ – كما يبدو- بما هو أسوأ، في ظل تزايد وتكاثف حالات التحشيد والاتهامات، التي باتت تملأ الفضاء الإلكتروني والإعلامي والسياسي الأردني، منذ أحداث جمعة المفرق قبل الماضية.
لم يعد خافيا أن الجميع بات يضع يده على قلبه، مما يمكن أن يجري ظهر غد الجمعة، في ظل إشارات متواترة، من أكثر من جهة ومكان، عن حالة شحن وتحشيد متبادلين، بين حراكات إصلاحية شعبية والحركة الإسلامية ومناوئين لهم، فيما تتوالى الاتهامات لجهات رسمية باستهداف الحراك الإصلاحي وفاعليات المعارضة، تقابلها اتهامات رسمية للإسلاميين وحراكات إصلاحية برفع سقف الشعارات، وانتهاج أساليب غير سلمية في فعالياتها الجماهيرية.
 في خضم الأجواء المذكورة، واشتعال الساحة الداخلية بحرب التصريحات والاتهامات التي تولد القلق والترقب، تبدو حكومة القاضي عون الخصاونة "خارج التغطية"، منذ نحو أسبوع، وغائبة عن "المعركة" المندلعة على صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية وتحت قبة البرلمان.
وباستثناء تصريحات نارية أطلقها الناطق باسم الحكومة راكان المجالي بعيد أحداث المفرق، وبعض التسريبات من محيط الرئيس الخصاونة، غداة تلك الأحداث، والتي أشارت إلى تحميل مراكز قوى مسؤولية الاعتداء على مسيرة الإسلاميين في المفرق وحرق مقر حزبها، نأت صاحبة الولاية العامة، عن الخوض في المعركة الدائرة منذ أيام. بل وكان لافتا أن الحكومة ورئيسها تجنبا أمس الرد او التعليق على ما أثاره نواب أمس، بحضور الحكومة من اتهامات وهجوم على الإسلاميين.
المعلومات الراشحة من أوساط مقربة من الحكومة، تشير إلى أن للحكومة تحفظات على مواقف إشكالية للحركة الإسلامية، كما في إصرارها على تنظيم مسيرة المفرق، برغم نصائح الخصاونة للحركة، وأيضا تحفظات على ما ورد في بيان شباب الإخوان أو استعراض شبيبتهم في مسيرة الجامع الحسيني في عمان يوم الجمعة الماضي، وهي مواقف وأفعال جرت عليهم اتهامات واسعة لخروجها عن مألوف نهج الحركة.
إلا أن الحكومة، بحسب ما يرشح من أوساطها، غير راضية عن طريقة المعالجة الرسمية للأزمة مع الإسلاميين، والمديات التي تذهب إليها.
وبين صمت الحكومة ونأيها بنفسها عن المعركة المندلعة، وتزايد أجواء القلق والترقب التي تلف المشهد المحلي، تبدو أوساط محايدة عديدة في حالة من الحيرة، في تقييم تصاعد الأزمة مع الإسلاميين وحراكات إصلاحية، وسط ارتفاع حدة الاتهامات المتبادلة والتلويح بالتصعيد، سواء من جهة الدولة أو من جهة الحركة الإسلامية وبعض الحراكات الإصلاحية.
وفيما تتناسى وتتجاهل الحملة الإعلامية والسياسية المستعرة حاليا ضد الإسلاميين تاريخا ممتدا من العمل السلمي والسياسي للحركة الإسلامية في الأردن، وتذهب إلى حد تخوينها واتهامها بالخروج عن النهج السلمي والقانوني والإعداد للتحول إلى "ميلشيا" مسلحة، تبدو الحكمة وقد غابت عن الحركة الإسلامية، عندما مررت إصدار بيان شباب الإخوان، ومن ثم تنظيم استعراض لشبابها في مسيرة الحسيني، بحيث أرسلت برسائل ملتبسة، ليس فقط للحكومة بل للرأي العام أيضا، وإن كان مناصرو الحركة أو المتعاطفون معها قد برروا "غلطة الشاطر"، التي وقعت فيها الحركة، بأنها "ردة فعل" خاطئة وهوجاء على حجم ما لاقته مسيرتها السلمية في المفرق من اعتداء وتنكيل، تحت سمع وبصر الأجهزة الحكومية.
ونستذكر، في هذا المقام، أن قوة الحركات الشعبية التي جرت في البلاد العربية، التي أنجزت ثوراتها أو إصلاحاتها كمصر وتونس، انبثقت من سلميتها، وإصرارها على انتهاج الاحتجاج والتعبير السلمي، رغم ما لاقته من قمع وقتل وتنكيل، وبذل تضحيات كبيرة بصدر مفتوح، بدون أن تنجر إلى الخروج عن السلمية، ولا حتى التلويح بذلك، فالسلمية هي مفتاح النجاح لأي حراك.
تبديد القلق والترقب الذي يلف الرأي العام يحتاج اليوم وقبل الغد، العودة سريعا إلى مربع الحوار، ووقف التصعيد وحرب الاتهامات، مع ضمان الحق بالتعبير السلمي والسعي إلى الإصلاح، وتحت مظلة، وأيضا تحت حماية، القانون والمكلفين بإنفاذه.
أما الحكومة، فعليها التقدم والإدلاء برأيها وموقفها فيما يدور، وتقديم رسالة تبدد القلق السائد.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير