النسخة الكاملة

طحن انتخابي والاوراق تختلط بدائرة الحيتان الثالثة ..انسحابات من التيار المدني وتكتيكات المنافسة تشتد

الخميس-2020-10-21 02:18 pm
جفرا نيوز -
جفرا  نيوز :
نجحت ما يسميها حزب الاخوان المسلمين في الأرد ن على مرشحي التحالف الإخوان للانتخابات البرلمانية ليقوم المرشح المسيحي في قوائم الحزب عودة قواس بإعلانه انسحابه من السباق الانتخابي الثلاثاء.
 انسحاب تعرف  انه قد سبقه الكثير من الضغوط على الرجل لعدم الترشح، ومن المتوقع ان يلحق به آخرون من فئة المتحالفين مع الاخوان أيضا.
هنا خيط يمكن متابعة تقاطعه مع آخر إذ انسحب وخلال اقل من 24 ساعة قبل قواس (الاثنين) المحامي عمر العطعوط انسحابه من قائمة معاً والتي ورثت التحالف المدني بعد الضربة القاصمة التي تلقاها الأخير باستقالة الدكتور مروان المعشر ومعه نحو ثلث المؤسسين للتحالف 
قواس والعطعوط يشتركان بأنهما كانا مرشحي قوائم برامجية في أهم دوائر العاصمة الأردنية عمان، ما يسهّل رؤية "الطحن الانتخابي” بما يتضمنه من تنافس شديد أو تدخلات في الدائرة الثالثة، المعروفة بدائرة الحيتان، وقبل نحو 20 يوماً فقط على الانتخابات المزمع عقدها في 10 نوفمبر/ تشرين ثاني.
ورغم فتور شعبي في التعامل مع الانتخابات هذه المرة سواء جراء الوضع الوبائي الحرج للمملكة أو فقدان الثقة أصلا بقدرة المجالس النيابية على التغيير، إلا ان المشهد في الدائرة المذكورة يبدو أكثر تداخلا خصوصا وهي تكاد تكون الوحيدة التي تتنافس فيها كتل برامجية وحزبية بالإضافة لكتل وازنة مدعّمة بشخصيات ذات شعبية واسعة.
وتتقاطع المفاجآت المحتملة في الانتخابات المقبلة أيضاً مع الحملة الشرسة التي تقوم بها الدولة على أصحاب الاسبقيات والذين اطلعت على كثير من الملفات المتعلقة ببعضهم وعملهم لصالح مرشحين في الانتخابات البرلمانية غالبا وعلاقاتهم المتداخلة مع المنظومتين الأمنية والإدارية.
بهذا المعنى تبدو المفاجآت محتملة ومتوقعة في الانتخابات البرلمانية ككل، الا ان انسحاب العطعوط وقواس وخلال اقل من 24 ساعة قد يدل على التركيز الشديد في الدائرة المذكورة على قائمة بعينها تنافس القائمتين المذكورتين.
وأهم ثلاث قوائم تتنافس في الدائرة هي قائمة تحالف الإصلاح والتي تتشكل من النائبين السابقين الدكتورة ديمة طهبوب وصالح العرموطي بصورة أساسية بعد خروج قواس الذي كان ينافس على المقعد المسيحي، تليها قائمة المستقبل التي تتشكل من تحالف النائب السابق أحمد الصفدي والوزيرة السابقة خولة العرموطي والقنصل الأسبق عمر النبر (عن المقعد المسيحي)، لتليهم قائمة معاً والتي يتزعمها النقابي واليساري المخضرم المهندس خالد رمضان متحالفا مع النائب السابق قيس زيادين  عن المقعد المسيحي أيضا .
ورغم ان اعداد القوائم وفقا للهيئة المستقلة للانتخاب في هذه الدائرة بلغت (18) قائمة، فيما بلغ عدد المرشحين (102) مُرشحًا بزيادة تقارب 80% عن الانتخابات الماضية، (كان عدد القوائم الانتخابية آنذاك إلى (10) قوائم، بينما وصل عدد مرشحي الدائرة حينها إلى (64)، كما بلغت نسبة الاقتراع في الدورة الانتخابية الماضية (19) بالمئة)، إلا ان المنافسة تبدو حامية الوطيس بين القوائم المذكورة، ولعل الانسحابين من قائمتي الإصلاح ومعاً تظهرا الميل الكبير لصالح قائمة المستقبل في الاقنية الخلفية للدولة.
وتخدم قائمة المستقبل وتحديدا اللاعب الأبرز فيها النائب السابق احمد الصفدي  أي نواب اخرين طامحين برئاسة مجلس النواب المقبل ووراثة الرئيس الأسبق عاطف الطراونة والذي اعلن عدم ترشحه في وقت يدعم فيه خصم الصفدي في معركته اللاحقة نصار القيسي، خصوصا 
المشهد الثالث الذي يخدم قائمة الصفدي هو ذلك الذي تهتّكت فيه قائمة معاً مرتين: الأولى في تشظّي التحالف المدني بعد انسحاب عرابه الدكتور مروان المعشّر ومعه الوزير الأسبق سعيد دروزة والقيادية المسيسة سمر دودين والوزيرة السابقة مها الخطيب وغيرهم، والثانية حين أعلنت الأحزاب اليسارية والقومية خوض الانتخابات عبر قائمة خاصة (القائمة التقدمية- والتي يترأسها الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني فرج طميزي).
ورغم ان المفاجآت تبقى محتملة في الانتخابات المقبلة، إلا ان قائمة الصفدي والتي تحظى بدعم م  وعدد من الجهات النافذة في الدولة، من الواضح انها تستفيد من خصومات قوائم مع بعضها او من خصومات مع الدولة ما يزيد فرصها على حساب الاخرين، ورغم ان الصفدي نفسه ضمن المجلس السابق الذي هناك رغبة في عدم تكرر وجوهه، إلا ان قربه للدوائر الرسمية من الواضح انه يعزز حظوظه بصورة كبيرة على الأقل في الاتجاهات العامة، وقبل صناديق الاقتراع، في دائرة تتهندس قوائمها غالبا بتوافقات امع رؤساء وزراء سابقين ورجال اعمال، وعدد ناخبيها يصل إلى (241) ألف ناخب.
طهبوب والعرموطي.. المقعد النسائي العمّاني!
وبدا لافتا منذ بدء الإعلان عن نوايا الترشح، الرغبة النسائية الواسعة في الانخراط بالمنافسة هذه المرة، إذ بلغت اعداد النساء المترشحات حتى اللحظة 369 مترشحة على مختلف دوائر المملكة بنسبة زيادة بلغت 46% في المترشحات الإناث مقارنة بانتخابات 2016 وفق ارقام تحالف راصد لمراقبة الانتخابات، في الوقت الذي حازت فيه الدائرة الثالثة على مترشحات من خلفيات متعددة وبشعبيات متباينة.
وتظهر الوزيرة السابقة خولة العرموطي والتي تزيد من حظوظ قائمة الصفدي (المستقبل) كأبرز المرشحات في الدائرة الثالثة، بالتوازي مع النائبة القوية السابقة الدكتورة ديمة طهبوب والتي تنافس على قوائم كتلة الإصلاح الاخوانية كما الدورة السابقة.
وفي الوقت الذي تحتدم فيه المنافسة بين المرشحتين يرى مراقبون ان وجودهما قد يسهم في تقويض فرص حليف طهبوب في القائمة النائب السابق صالح العرموطي، من جهة بسبب الأداء المتباين له مع طهبوب في المجلس السابق لصالحها، ومن جهة ثانية لكون العرموطي الوزيرة قد تسحب منه عددا من الأصوات التي كانت داعمة له في الانتخابات الماضية؛ ذلك إلى جانب كون النائب السابق العرموطي كان قد اثار الكثير من الجدل في الطريقة التي عرض فيها قضاياه، وغيرها دون أي إجراءات لاحقة، وكذلك بعد مواقفه من صفقة الغاز الإسرائيلي التي اكتفى بها بتصريحات لم تتحول لإجراءات، ما يعرّضه لمضايقات وتدخلات امنية وتراجع في الشعبية بذات الوقت.
بهذا المعنى قد تظهر طهبوب كصاحبة حظوظ اعلى للفوز بمقعد الكتلة، رغم إعلانها اصابتها بفايروس كورونا المستجد ما يمنعها من مواصلة نشاطاتها الانتخابية المكثفة، وذلك يتطابق مع تقييمات مؤسساتية اطلعت عليها ” سابقاً تؤكد ان النائب العرموطي قد تتم الإطاحة به اما عبر أدائه السابق او عبر انتقال كتلته التصويتية لصالح قريبته العرموطي.
كل ذلك قد يفتح المجال لتحوز الوزيرة السابقة العرموطي على اعلى حظوظ المنافسة النسائية في الدائرة الشهيرة، (وهذا بتجاهل استطلاعات غير مؤكدة تفيد انها من الممكن ان تتفوّق بدورها على شريكها بالكتلة أحمد الصفدي).
في حال فوز السيدتين عن مقاعد كتلتيهما سيترك ذلك المجال لسيدة ثالثة للبروز عن مقعد الكوتا الخاص بالعاصمة، وهنا قد تحصل مفاجأة تتعلق بفوز الدكتورة رولا الحروب والتي تخوض الانتخابات مجددا ولكن عن الدائرة الثانية.
ورغم ان الدائرة الثالثة لا تزال تحمل أسماء عدد من السيدات كبثينة الطراونة ومنى الهنداوي وغيرهن إلا ان وجود السيدتين الأخيرتين عن خلفيتين متقاربتين قد يتيح المجال لأن "تأكل أصواتهن بعضها”، خصوصا مع تراجع فرص نجاح الهنداوي رغم دعمها من شخصيات وازنة وثقيلة في المشهدين السياسي والقانوني في العاصمة منها الشيخ حمدي الطباع ورئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة، بعد تعيين شقيقها أحمد الهنداوي في مجلس الاعيان.
وبذكر الهنداوي، تبقى قائمتها "تقدّم” التي يقودها المحامي أسامة البيطار (مرشح اجماع "شوام عمان”) تحظى بشعبية مهمة قد تؤهل البيطار نفسه ليكون أخيرا عضوا في مجلس النواب.
المقعد المسيحي ولعنة التيار المدني..
قائمة الإصلاح والتي تضم طهبوب والعرموطي خسرت بالضرورة بانسحاب المرشح عن المقعد المسيحي عودة قواس، كون الأخير احرز أرقاما هامة في الانتخابات الماضية، ما يحصر المنافسة عمليا بين ا  عمر النبر والنائب السابق قيس زيادين، إذ يخوض الأخير معارك كبيرة جدا في خلفية المشهد الانتخابي مع العضو المؤسس الأسبق للتيار المحامي هيثم عريفج، ما يشتت الأصوات التي كان زيادين قد يحصل عبرها على المقعد بسهولة.
وخاض زيادين معارك واسعة في التيار المدني أسهمت بصورة أساسية وفق معلومات” الموثقة بإقصاء الدكتور المعشر ومن استقالوا معه، قبيل تشكيل القوائم البرلمانية للانتخابات المقبلة، ما يجعل زيادين شخصيا مستهدفا من الخصوم الجدد، بالإضافة لتجربته المتواضعة في الانتخابات الماضية بالنسبة لشريكه في القائمة المهندس خالد رمضان.
بهذا المعنى يبدو ان القنصل النبر يستفيد أيضا وفي قائمة الصفدي من "لعنة التيار المدني” التي تطارد زيادين وتجعل من حظوظه تضعف بعد انسحاب المرشح الإسلامي القوي عودة قواس.
كل هذه القراءات لا تزال بالضرورة بانتظار الصناديق وقدرة الأخيرة على تغيير المعادلات والحسابات، كما لا تزال المعطيات بانتظار مراقبة "تجيير الكتل التصويتية” للمرشحين المنسحبين خصوصا نائب رئيس مجلس النواب الأسبق خميس عطية، والمنسحبين الجديدين المحامي عمر العطعوط شريك "معاً” وعودة قواس شريك الإسلاميين.
إضافة الى ما سبق، فإن نتائج الحملة الأمنية على أصحاب السوابق والبلطجية، قد تحمل مفاجآت في كل دوائر المملكة اذا ما كانت هناك رغبة حقيقية في معرفة من كان يحمي ويسهل أمور هؤلاء.
بكل الأحوال، يظهر وبصورة قاطعة ان هناك تركيز كبير على الدائرة الثالثة في الانتخابات النيابية المقبلة ومن الواضح انها قد تتجاوز حسم عدة مقاعد في البرلمان المقبل، لتحسم مصير رئيس المجلس وسيدة العاصمة وقد تظهر أيضا مفاجآت لها علاقة بتحجيم دور التحالف التابع للإسلاميين في واحدة من اهم دوائر منافستهم، وهذا كله سيتبدّى اكثر في الأيام المقبلة 
عن  راي  اليوم  اللندنية