النسخة الكاملة

"فزعة الملك.. وغضبه".. كي يبقى صالح "صالحا"

الخميس-2020-10-14 02:28 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز| نضال فراعنة

في أوطان أخرى تُتْرَك جرائم القتل للأجهزة الأمنية هي التي تسهر على فك طلاسمها، وترتيب مسألة إحالتها إلى القضاء، لكن في الأردن كان الوضع مختلفا ف"رأس السلطات الثلاث" سهر مع شعبه الغاضب حتى ساعات الفجر الأولى وهو يتابع الجريمة الوحشية التي تعرض لها الفتى صالح بمدينة الزرقاء، وهي جريمة أبكت العيون وأدمت القلوب.

جلالة الملك عبدالله الثاني ظل حتى ساعة متأخرة يتابع الموقف أولا بأول، ويطلب التقارير المحدثة لحظة بلحظة لمعرفة سير العمليات الأمنية والاستخبارية بشأن الجريمة التي هزت وجدان الأردنيين، وأثارت رأيا عاما غاضبا وحزينا في الأردن، وهو ما جعل "ملك القلوب" غاضبا وحزينا لغضب وحزن شعبه الذي استبشر خيرا عندما أعلنت السلطات الأمنية أنها ألقت القبض على الفاعلين، وتم توديعهم الجهات المختصة لمباشرة التحقيق معهم، إذ أثنى الرأي العام على "الملك الإنسان القريب من نبض شعبه".

تصرف الملك وسهره ومتابعته وغضبه وتوجيهاته هي رسائل ملكية لا تقبل القسمة على اثنين، ولها صندوق بريدها السياسي الذي وصلت إليه، فهو يوجه رسالة للحكومة بأن "نبض الشارع" ووجعه يجب أن يكون قبل أي أولوية أخرى، وهناك رسالة أخرى وهو أن المشرع يجب أن يعمل لإيجاد منظومة قانونية تردع هذه الوحشية في بلاد الزيت والزيتون والزعتر والشيح والتي ما عرفت غير المياه وهي تسيل بين جبالها ووديانها عامرة بما يغسل القلوب، وبما يعيد الحياة إليها.

يريد الملك من الفتى صالح أن يظل "صالحا" في بيئة تظن أن التوحش والإجرام يمكن أن يقيم في بلادنا، وهو أمر لا "حاضنة أو حصانة" له في الأردن، ولذلك فإن الملك بعد أن أطلق "حزمه وعزمه" على إجراءات مشددة في هذه القضية، عاد لينثر "أبوته وحنانه" على الطفل صالح بإيلائه كل الرعاية الطبية والنفسية الممكنة، وعلى يد رجال الخدمات الطبية الملكية اللذين يثق الملك بقدرتهم على "تلطيف أوجاع الأردنيين".

وحكايا "سيدنا" مع الفزعة لا يقتصر أثرها ومفعولها على وجع الأردنيين، بل أن الملك طلب من الحكومة أن تضع إمكانياتها في خدمة اللبنانيين عند حادث انفجار مرفأ بيروت، إذ أرسل الأردن مشفى ميدانيا باشر عمله خلال ٢٤ ساعة من الانفجار، بينما لم يتردد "الملك العروبي" من أن يشمل بعطفه وكرمه ورعايته السياسي الفلسطيني صائب عريقات بعد إصابته بفايروس كورونا، إذ سأل متابعون عرب ما إذا كان قادة آخرين حول العالم يملكون هذا "النبض الإنساني" الذي سُمِع في أماكن عدة من الكرة الأرضية.