النسخة الكاملة

"لماذا جاء ماكرون إلى لبنان دون زوجته"

الخميس-2020-09-06
جفرا نيوز - جفرا نيوز - نزار حسين راشد
لم يُعلّق أحد أهمية كبيرة على هذا السؤال،وفي الحقيقة فإن لذلك مضامين ومغازي على درجة كبيرة من الأهمية.

أولها أن هذه الزيارة غير بروتوكولية،وحسب العرف الديبلوماسي فإن الزيارات غير البروتوكولية،هي زيارات غير مقيدة ولا ملزمة،وتبقى في حدود الجولة الإستطلاعية التي لا يترتب عليها كبير نتائج.

هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى،فهو لا يريد أن يعطي للسياسيين اللبنانيين قيمة اعتبارية كبيرة،حتى لا يرسخ في الأذهان انه جاء لدعمهم وإسنادهم،وإنما الرسالة التي أراد إيصالها هو أنه جاء لإعادة تقييمهم،ومراجعة أوراقهم ومحافظهم السياسية.وبالتالي فإن لقاءهم بدون زوجاتهم وخارج الإطار البروتوكولي الرسمي يجردهم من الهالة التي تكرسها الإحتفالية التي يمليها حضور السيدات.

نقطة اخرى يغفل عنها الكثيرون،هو أن السياسيين الفرنسيين،يلجأون إلى هذا الأسلوب الشعبوي منذ مجيء نابليون لمصر ولبسه للعمامة،ويبدّلون صورة المستعمر المتغطرس بصورة واحد من الشعب وجزء لا يتجزا منه.

وبالتالي فقد قرّر ماكرون أن يفتتح زياراته بزيارة نموذج ورمز شعبي هو السيدة فيروز،وقد آتى هذا التكتيك أكله فوجدنا ماكرون محاطا بالجماهير وسارعت ماجدة الرومي إلى إلقاء نفسها في أحضانه.

وأخيراً قطف الثمرة الكبيرة والجائزة الكبرى بتقديمه رئيس وزراء جديد من اختيار يده.

ولكن ماكرون وبالغباء الفرنسي المعروف لم يستنكر إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في الصحف الفرنسية،وربما افترض مخطئاً طبعاً أنه لا يتعامل هنا في لبنان مع مجتمع مسلم،ورغم ذلك التقى بممثل لحزب الله سرّاً،وكأنه يتستر على عيب او فضيحة،وكأنّ هذا اللقاء يجرح أو يفضح الصورة التي اراد الإيحاء بها.

ولم يتردد وعلى طريقة ترمب في توبيخ الصحفي للذي أذاع سرّ هذا اللقاء،ونسي أنه اعتبر نشر الرسوم المسيئة حرية صحافة،ونسي أنه قادم من بلاد"le figaro"

وأنه في بلاد النهار  والأنوار والحياة،وسمير قصير ورياض الريس،وأن من هؤلاء من دفع حياته ثمناً للكلمة.

وهكذا فإن النجاح المبدئي لماكرون يعود الفضل فيه لا لمزاياه الشخصية أو سياساته العبقرية أو رؤيته الكاشفة الجوهرية، بل إلى أنه يمثل فقط خشبة الغريق وأول من فزع للمجيء.

وأن نجاحه النهائي يعتمد على كثير من العوامل والأبعاد التي تتجاوز نواياه الطيبة الممتزجة بسوء التقدير والرؤية القاصرة لكثير من جوانب الصورة الحاضرة في المشهد والبانوراما اللبنانية.