تحقيقات الفساد تتعمق والمحرقة تستقبل المزيد من الحيتان
الخميس-2011-12-16

جفرا نيوز - جفرا نيوز - لا أحد يعرف أين ستقف تحقيقات ملف بلدية العاصمة الأردنية عمان بصورة محددة بعدما أصبحت عنوانا لحرب جدية هذه المرة على الفساد فالوقائع والحقائق باتت وبسرعة تختلط بالشائعات والتسريبات وغالبا بالنكايات في مظهر متوقع يخشى بعض كبار السياسيين من تأثيراته السلبية على 'نظام العدالة' خصوصا وان المسألة برمتها تترتب تحت وطأة الضغط الشعبي.
والتحقيق في هذا الموضوع لم يقف عند حدود حبس شخصية كانت نافذة جدا من طراز رئيس البلديه الشهير المهندس عمر المعاني فأحد المرشحين البارزين لخلافة المعاني في موقعه تحول إلى مستوى الإتهام من صفة الشهادة خلال الساعات القليلة الماضية والتدقيقات إنتهت بحجم ضخم ومرعب من التجاوزات في المؤسسة التي كانت دوما المؤسسة الأغنى ماليا في البيروقراطية الأردنية وهي مؤسسة بلدية العاصمة.
ويبدو أن التحقيق بفساد نخبة من كبار موظفي البلدية سيتعمق ويراجع عطاءات ومشاريع لا تتعلق بالفترة التي ترأس فيها المعاني الجهاز حيث تتحول ملفات البلدية التي وصفتها مرشحة برلمانية يوما بأنها مستودع للفساد الإداري والمالي إلى عملية واسعة النطاق وعميقة جدا قد لا تتوقف عند كبار المسؤولين والموظفين فقط بل تطال رؤساء وزارات سابقين صادقوا على القرارات والمشاريع التي يحاسب عليها الان المعاني.
وأهم ما في هذه التحقيقات التي إنطلقت وبقوة بعدما أمر القصر الملكي جميع السلطات بالتحرك لمحاسبة الفاسدين تحت شعار'لا أحد فوق القانون' أنها تكرس تاريخيا ما دعا إليه الملك عبد الله الثاني عدة مرات وهو يقول 'لا توجد تعليمات من فوق' حيث لا يعفي الدستور الوزراء والمسؤولين من عواقب قرارات الملك الشفوية والمكتوبة.
يعني ذلك أن قصة الولاية العامة ستتجذر أكثر مستقبلا حيث لا يستطيع مسؤول أو وزير بعد الآن الإدعاء بأنه تلقى توجيهات عليا تتضمن مخالفات لقانون أو لمنظومة نزاهة فالملك فقط بموجب الدستور معصوم عن المحاسبة وحتى قراراته يحاسب عليها الوزراء.
واليوم تنتشر إشارات الرعب والقلق وسط جميع سكان الطبقة العليا من كبار الموظفين بعدما أصبح كل مخطىء في الماضي وكل طرف في خطأ بيروقراطي مرشحا لمحرقة التحقيقات الموسعة التي أمر بها النظام السياسي.
لذلك إرتبك الوزراء وتوقفوا عن توقيع أي قرارات يمكن أن تتسبب لهم بالصداع مستقبلا ورفع الغطاء عن المزيد من الشخصيات النافذة المشتبه بفسادها وتكاثرت إفصاحات الشفافية المفاجئة عبر وسائل الإعلام والصحف من طراز الإعلان الذي تقدم به أقرباء مدير المخابرات الأسبق الجنرال محمد الرقاد وهم يوضحون للرأي العام بأن بعض قطع الأراضي المسجلة بإسم الرجل وعائلته موروثة بالحق وليست منقولة بصورة غير قانونية.
ووصلت حمى هذه الإفصاحات حتى الإفراج عن معلومة لم يكن يعرفها الأردنيون وتتمثل في تسجيل قطعة أرض واسعة بإسم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي وفي مدينة السلط العريقة غربي العاصمة وفقا لما كشفته أمس صحيفة 'العرب اليوم' وهي تكشف النقاب عن رسالة لوزير الزراعة السابق سمير الحباشنة طالب فيها بإعادة ملكية ارض القذافي للخزينة الأردنية دون توضيح ملابسات حصول الزعيم الراحل عليها أصلا.
وهذه الإفصاحات الشفافة التي بدأها رئيس الوزراء عون الخصاونة شخصيا مستبقا الجميع في الكشف متبرعا عن كشوفات ملكيته وأمواله وعقاراته أصبحت تعبيرا عن حالة الهوس التي إجتاحت الكثير من 'المخطئين' في المؤسسة البيروقراطية الذين يسمعون الجميع يتوعدهم بالدخول إلى المحرقة الجديدة قريبا أو ألذين يبحثون بهوس عن إحتملات رفع الغطاء عنهم بعدما قرر النظام زيادة سقف التحقيق وإجراء عملية 'تطهير' جراحية متقنة لا توجد مؤشرات عن المنطقة التي ستصلها أو تقف عندها.
وسبب الهوس أن البداية كانت قوية جدا وصادمة فعمدة العاصمة الذي رفضت المحكمة تكفيله ثلاث مرات كان متنفذا للغاية ولم يستطع في الماضي عدة رؤساء حكومات ألإطاحة به، والأسماء الذي يتحدث عنها الرأي العام حاليا كانت دوما كبيرة جدا ومتحكمة بأمر الناس والحكم والشأن العام، والأهم محسوبة على أقرب حلقات النظام ومواقع القرار.
ومجازفة النظام هنا بالتضحية برموزه ورجاله المخطئين والفاسدين لن تقف عند حدود فالقائمة ألتي يتوقعها الجميع تتحدث عن أسماء جديدة ستفقد حجابها على حد تعبير أحد السياسيين الكبار وهذه المجازفة فيما يبدو أصبحت إضطرارية جدا وتعبر عن وقفة إجبارية ليس فقط لكي تعبر البلاد أزمة الربيع العربي بأقل الخسائر ولكن لكي يصدق الناس في الداخل والخارج بأن الفساد تواجد في النظام فعلا ولكن النظام نفسه ليس فاسدا وهو أمر تؤمن به بصراحة قاعدة عريضة من الأردنيين.

