هل توظف الاشخاص لتخبرهم ما الذي يجب فعله، أم ليخبروك ما الذي يجب فعله؟
الخميس-2020-08-15 06:46 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الدكتور محمد عدنان الحموري
تعتبر شركة 3M مينيسوتا للتعدين والتصنيع من أشهر الشركات العالمية في تصنيع أدوات التلصيق لمختلف الاستخدامات والقطاعات، وتعد من أفضل الأمثلة على أن الإهتمام والانفاق السخي على الأبحاث العلمية سبب رئيسي في نجاح أي منظمة سواء عامة أو خاصة، حيث فازت الشركة بأرفع جائزة حكومية للإبتكار على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، كما وحققت الشركة هامش ربح اجمالي على مدار العشرين سنة الأخيرة بمتوسط 51%، وتصنف الشركة انها من أفضل 20 شركة مفضلة للمجتمع الأمريكي بحسب تقرير مجلة فوربس العالمية، ولكن ما علاقة الابتكار والفوز بجوائز وتحقيق أرباح، بموضوع الإنفاق على الأبحاث والدراسات.
هناك مئات القصص عن شركة 3M ومن أبرز تلك القصص هي أن (سبينسر سيلفر) كيميائي كان يترأس فريق متخصص في برنامج لتطوير لاصق قوي لاستخدامه في صناعة الطائرات، وبعد محاولات عديدة باءت بالفشل في صناعة اللاصق خرج اللاصق بصورة ضعيفه جدا بحيث لا يمكن استعماله لتثبيت أجزاء الطائرات، وكنوع من المبالغه والاستهتار قال سبينسر "أن الملصق سيء لدرجة انه لا يمكن استخدامه حتى في تلصيق ورقة، وقد فشلنا في هذه التجربة"، وكان من بين الحضور (ارثر فريه) وهو موظف يعمل في الشركة كباحث لتطوير الأعمال. كان ارثر يشارك في الغناء ضمن فرقة الكنيسة في صلاة يوم الأحد من كل اسبوع، وكان يواجه صعوبه في وضع وتثبيت أوراق كلمات الأغاني مقابله لغنائها، فقام بإستخدام اللاصق لتجربته، ونجحت التجربة وما زاد سعادته أن اللاصق لا يترك أثرا بعد ازالته على الإطلاق، توجه الى الادارة لطلب مساعدة ودعم من الشركة لتمويل فكرة خطرت على باله من كلام الكيميائي سبينسر.
وقام باختراعه الذي يملء مكاتبنا ومدارسنا ولا نستغني عنه على الإطلاق (Post - it) ورق الملاحظات اللاصق. وهذا ليس بغريب على تاريخ الشركة حيث يوجد لدى الشركة بحسب تقرير هارفارد بيسنس ريفيو ثلاثة معامل للابحاث، مقسمة الى ثلاثة أجزاء المبنى الأولى مخصص لأبحاث تطوير منتجات قصيرة الأجل من سنة الى ثلاثة سنوات، والمبنى الثاني متخصص بتطوير منتجات متوسطة الأجل من ثلاثة الى عشر سنوات، والمبنى الثالث يركز على تطوير منتجات طويلة الأجل يتجاوز العشرين سنة. والآن ليس من المستهجن أن نقول أن شركة لبيع أدوات التلصيق حققت مبيعات في عام 2019 بأكثر من 32 مليار دولار. وهنا على الرغم من اهمية إكتشاف ارثر فريه الذي غير منظور العالم عن كيفية تدوين الملاحظات ونشكره جميعا على ذلك ونقدره، إلا أن الفضل يعود الى ايمان القائد والادارة العليا بإنفاق الأموال على الأبحاث والدراسات العلمية والاستثمار في الموظفين.
هل تولي موضوع البحث العلمي اهمية في منظمتك؟ لذا لا تستغرب من تقدم وتطور منظمات تعتمد على الابحاث، واندثار منظمات تعتمد على الفطنة والذكاء فقط.
الدكتور محمد عدنان الحموري عضو هيئة التدريس في إدارة الأعمال الدولية