النسخة الكاملة

"هل تُمثّل أمريكا دور الضحيّة:ولماذا جدع ترمب أنفه؟"

الخميس-2020-04-23
جفرا نيوز - جفرا نيوز - لعبة النفط والأسعار والأسواق المالية،هي لعبة الرأسمالية المفضلة،وهي لعبة ذات حدين،توظف في اتجاهين،الهدم والبناء،الهدم مثل ابتلاع المنافسين وطردهم خارج اللعبة،والاستقواء بالتحالفات والدمج،وتعظيم الاحتكارات وتشكيل الكارتلات 
في سبعينات القرن الماضي،وفي أوج الحرب الباردة والتناحر على بسط النفوذ،تركت أمريكا لمنظمة أوبيك هامشاً للمناورة،وهامشاً أوسع لأوابك،أي اوبك العربية،لهدف واضح هو توظيفها كأداة لاستقطاب الأنظمة للفلك الأمريكي بالمساعدات والتمويل،عداك عن السيطرة على الصحافة والإعلام،وقد نجحت نجاحاً كبيراً،وكلنا يذكر كيف تصدرت السعودية المشهد السياسي العربي،وقويت شوكتها بعد أن غيب الموت جمال عبد الناصر،ودخل حافظ الأسد اللعبة،وتراجع المد القومي،وصدرت الأوامر للسادات بفتح باب معاهدات السلام مع إسرائيل، فاستسلم بلا قيد ولا شرط،بعد اغتيال حليفه الملك فيصل،الذي أراد مغاهدة متوازنة تعيد القدس كاملة،وانتقد الانحياز الامريكي لإسرائيل،وهدد كيسنجر بقطع النفط وخفض الانتاج فعلاً بنسبة ٥/١٠٠،وهدد برفعها إلى١٠/١٠٠ فلم يجدوا طريقة إلا التخلص منه،بعد أن تيقنوا أنه استيقظت لديه الروح الدينية،لدرجة أنه اشترط لدعم التفاوض مع إسرائيل أن يصلي في أقصى حر في قدس حرة،وبدأ بالتقشف ونبذ الترف في حياته الشخصية.فأدركوا أن هذه الصحوة الدينية لا علاج لها إلا بالسم،فاغتالوه بيد ابن أخيه فيصل بن مساعد.ومكثوا غير بعيد خارج المشهد.

خلال عقود آتت هذه السياسة أكلها وتسلسلت عمليات السلام أو الإستسلام! بدأها الفلسطينيون  وسار الجميع في الركب،وأصبح التطبيع مع إسرائيل مجانيا وبلا ثمن،ودخل الجميع الحظيرة،وأزيح صدام حسين من الطريق،وطوقت أعناق دول النفط بالجميل الأمريكي فهو خصم مشترك وصل به الأمر لاحتلال الكويت عسكرياً.

وفي ظل هذا الجو أصبح الامر مهيأ لتفكيك أوبك وأوابك معاً وكسر احتكارهم وسحب امتيازاتهم وتدجينهم تدجينا كاملا،فقد انتهى دورهم السياسي وحتما سيتبعه الاقتصادي فلن ترفل العباءات بعد اليوم في الحرير والقصور،ولن ياكلوا الثريد ويمتطوا العبيد.

وكالعادة يلجأ الأمريكان إلى الحيلة التي يتقنونها،التمثيل!

فبين يوم وليلة ينهار سوق النفط الأمريكي،وهم يدركون تماماً أن حركة الأسعار هي حركة زلزالية ريادية ستؤدي إلى انهيار أسعار عالمي،فهكذا فلا أوبك ولا أوابك ولا احتكارات نفطية،إنها سياسة الإغراق التي ستقود في النهاية للهيمنة الأمريكية على الاسواق  مجاناً في البداية،ثم رفع الأسعار شيئاً فشيئاً بزعامة أمريكية منفردة.

طبعاً ستطيل إمريكا أمد هذه الأزمة حتى تستسلم  روسيا وإيران  وحزب الله والعراق وتخلي لهم الساحة السياسية،بعد أن يجف منبع التمويل الوحيد،فبدونه لا مجال لدفع كلفة التدخل العسكري،ومواصلة الحملة.فلا حشد شعبي ولا زينبيون ولا صواريخ حوثية ولا مرتزقة في ليبيا.

فسيد النفط الجديد هو من سيقرر.

ولكن هل فعلاً ستنجح هذه الخطة؟

في المدى القصير نعم!وسيوطيء الأمريكان الساحات المضطربة ويصوغون الاوضاع الجديدة على هيأتهم ومثالهم

فلننتظر لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

نزار حسين راشد
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير