النسخة الكاملة

إلى الملك

Friday-2020-04-03 04:28 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتب - عبدالهادي راجي المجالي
جلالة الملك !
هل نمت البارحة جيدا ؟ أعرف أننا أتعبناك ..وأعرف أنك مثلنا تتلقى التقارير اليومية وتفرح حين تقل أعداد المصابين , وينتابك الصمت وربما بعض القلق حين تزداد الأعداد ...أنا أعرف أنك تصحو في الصباح باكرا , وتهرع مباشرة للهاتف , كي تتلقى تفصيلات عما حدث ..في فترة نومك ..أعرف .
حتى حين تزور مديرية الأمن العام ومركز الأزمات , ربما تحس بالأسى حين يبتعد رجالاتك - قائد الجيش ومدير الأمن العام والضباط - عنك أمتارا , وأنت لا تريد ذلك تعودت أن تقابلهم ..بالحضن تعودت أن يطبعوا على جبينك قبلة أو قبلتين ...تعودت أن تصافحهم باليد ...وتضرب بكفك على أكتافهم ...لكنهم يفعلون ذلك حبا فيك , ولأول مرة يصبح البعد عشقا .
أعرف أنك تأكل الطعام وأنت تقرأ تقريرا جاء من المخابرات , وقد نسيت ارتداء القازات الطبية , ومهما أخبروك في القصر أو قالوا لك ..أن ترتديها , لا تفعل ذلك ...لأنك كنت رجلا في الحياة , وفي العسكرية ...كنت رجلا في المحافل الدولية وفي الحرب ...ورجلا في الحب , والرجولة لا تقسم ...أنت لم تخف من أكبر الأشياء في العالم أمريكا وإسرائيل , فهل تخيفك أصغرها ؟ ..فايروس بحجم رأس الدبوس وأقل بكثير .
أعرف أنك تركت الشاشات التي تبث من مركز الأزمات قليلا , كي تشرب الماء في فناء الحديقة , وستفكر ...طويلا في الإجراءات الحكومية , في حجم الأزمة ...والهواجس في رأسك هي : أننا لا نريد أن نكون وطنا معافا فقط , بل نريد أن نكون نموذجا في الدنيا , فالعالم الذي خذلك وتركك تحمل هم اللاجئين وحدك , وترك تحمل هم اقتصاد متعب وحدك , وتركك تقاتل (غول) المنطقة إسرئيل وحدك ...والعالم الذي صار ينازعك على القدس , وأنت أقسمت أن لا تتركها ..تركك في المعركة وحدك , وهو الان يتركك وحدك ...ولكنك ستنتصر : ستقول لكل الذين خذلوك نحن نعرف أن ندير للدنيا ظهر المجن , ونحن مؤمنون بأنه لا يوجد صعب في قاموسنا , ونحن الصابرون على البلوى ..وخلقنا في هذه الدنيا كي ننتصر , ولايوجد هزيمة في مسارنا أبدا .
أعرف أنك في هذه المعركة وحدك , مثل كل المعارك التي خضتها ...وأعرف أن الشيب والعمر والأيام تداهمك , وأعرف أن صور الشهداء من أولادك في القوات المسلحة لا تغيب عن ذهنك , ولكنك تعودت في هذا العمر أن يكون معك الله فقط ..ونحن الشعب الذي يتلهف لرؤيتك وأنت ترتدي القايش والبوريه وتوزع ابتساماتك بكل الرضى والقناعة .
أعرف ..أن الحرس الخاص يبتعدون عنك أمتارا في الواجب الرسمي خوفا عليك, لكنك في عيونهم وقلوبهم , حتى لو كان بعدهم الالاف الكيلومترات , و يرقبون وجهك ومحياك , ويدك اليمنى ..يرقبون وميض عيونك ...وهم في كل زيارة , سلاحهم ليس المسدس المركون على الخاصرة فقط, سلاحهم هو الدعاء لك ..في سرهم , وصدقني ..أن هذا الدعاء أصدق من طلقة المسدس , ومن كل التدريبات الخطرة ..هم يحبونك لأنك قائدهم , ولأنك الأب ..الذي تعود أن يقابلهم في الصباحات الندية مثلما يقابل هاشم وحسين ..ويغمرهم بكل الحب والأبوة .
قدرك أن تخوض المعارك وحدك , قدرك أن يشتعل الشيب في رأسك , وقدرك في هذا العمر ..أن تكون الزعيم الوحيد في عالم عربي مرتجف وخائف وقلق , والذي ترفع له الأمهات والعجائز والثكالى الأكف حين يطل بوجهه على الشاشة , هل يوجد أنبل من هذا الرصيد وأعظم من هذا الحب ؟ ....وقدرك أن تكون أب أولاد الشهداء الذين سقطوا وما سقطوا ولكنهم ارتفعوا شهداء في معارك الوطن ضد الإرهاب , وقدرك ...أن تتعب أكثر مما نتعب بكثير .
ستنتصر ...وسنعود معك , للساحات ..,سيعود الحرس كي يقتربوا من أكتافك النبيلة , ويبعدوا أمواج البشر , التي جاءت كي تحظى بقبلة أو مصافحة منك ....ستنتصر ويعود قائد الجيش ومدير الأمن العام ومدير المخابرات وكبار الضباط , يعودون كلهم ..للإقتراب منك وحضنك وتقبيل وجهك الهاشمي الأغر ...ستنتصر , الله لا يخذل ملكا أحب القدس وأحب شعبه وأحب العروبة ..وأمضى العمر يقاتل , والله لا يخذل شعبا ..فتح كل بيوته للاجئين والثكالي والمعوزين والهاربين من جمر المعارك ... حتما ستنتصر ...وأنا كل يوم أحبك أكثر من اليوم الذي غاب .
أنت ملكي وهويتي , وأنت التعبير الصادق عن العروبة والدولة والنصر والحياة الكريمة الحرة .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير