النسخة الكاملة

كورونا ما بين الأزمة والفرصة الذهبية

السبت-2020-03-21 12:52 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - عمران فريحات
نمر والعالم بحالة يرثى لها من اضطراب غير المسبوق بالتزامن مع انتشار غير محدود لفايروس جديد ومتطور لم يجد له العالم مطعوم أو دواء لهذه اللحظة, وتتسارع كافة دول العالم ومنها الدولة الأردنية لاتخاذ خير إجراءات وقائية واحترازية لاحتواء المرض والسعي لعدم وصوله وتفشيه لا قدر الله, ومن هذه الإجراءات لربما قد نعتبرها فرصة ذهبية لمعالجة سلسلة من المشاكل التي تراكمت وتفاقمت سابقاً والتي قد صعب علاجها لما فيها من تجذر غريب في الحالة الثقافية والفكرية العامة وكذلك من الضروريات هامة التي تتطلب التريث قليلاً لإعادة النظر فيها بعقل جامع ومفكر وذا بعد ومنها:
أولاً: قطاع التعليم وذلك من خلال تعليق دوام المؤسسات التعليمية (رياض أطفال، حضانات، مدارس، جامعات، كليات، ومؤسسات ومعاهد تدريب) ولمدة أسبوعين بدأت من يوم الأحد 15-3-2020, هذا القطاع المهم والأساسي في أي دولة والمسؤول بالدرجة الأولى عن التنمية الفكرية والمعرفية لدى كافة أفراد المجتمع والذي ينجم عنه عقول قادرة على الارتقاء بأوطانها ومجتمعاتها وغيره للأفضل ولربما لا يتحقق ذلك إلا بتغيير فعلي ومواكب وتطورات العالم من حيث مقدم المعرفة الذي لم يعد في الغالب صاحب معرفة مواكبة وقادر على نقلها للغير بأسلوب يرتقي وقدرات المتلقي أو المتعلم ربما لانشغال الكثير منهم في أمور لا تتناغم مع عمق تخصصاتهم والابتعاد كثيراً عن القراءة وعدم اتخاذ آليات جديدة لتطوير المعرفة لديهم أما بالنسبة للمتلقي الذي في الغالب لم يعد سوا آلة استقبال وإرسال قد تحمل فلاتر معينة تدخل ما تشاء وتخرج ما تريد دون التفكير بماهية المحتوى الذي حصل عليه ويرتقي به، وقد وصل الأمر إلى هنا نتيجة تراكمات قد تزايدت وتناقلت من جيل إلى جيل سواء من معلمين أو متعلمين, وأما فيما يتعلق في البيئة التعليمية بالمجمل فما زالت تقليدية في غالبها منذ عقود كثير الأمر الذي لم يعد مقبولاً بالتزامن مع جيل أعتبر رقمياً حسب تصنيفات عالمية, كل ذلك يوصلنا إلى ضرورة تحويل الأزمة إلى فرصة تعلو وترتقي بهذا القطاع في ظل قرار تعليق الدوام للمؤسسات التعليمية الذي لم يعد مقبولاً أو معقولاً ببقائه على حاله دون تقدم.
ثانياً: إجراءات السفر واعتبار جميع المعابر الحدودية للمملكة البرية والبحرية والمطارات مغلقة أمام حركة المسافرين، باستثناء حركة الشحن التجاري وكوادر البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية بدءاً من تاريخ 17-3-2020 وبالمجمل فأنه لمن الضرورة التفهم أن مثل هذا القرار الصعب الذي سيعمل على الحد من انتقال المرض من الخارج إلى الداخل وأن له تبعيات كبيرة على قطاعات عدة يتوجب استيعابها أبرزها السياحة والنقل الدولي والصناعة والتجارة وأن معالجة هذا الأمر لا يكمن إلا باتباع خطط بديلة مدروسة موجهة للقطاعات المحلية لتفادي الضرر قد تتمثل ربما بتخفيض الضرائب والرسوم وتكاليف التشغيل وتقديم تحفيزات للمنشآت السياحة والترويج لها مما سيؤدي إلى انخفاض تكاليف الخدمات المقدمة منها والارتقاء بها الأمر الذي سيشجع المواطن المحلي الذي ينفق أكثر من مليار دينار أردني على السياحة الخارجية بحسب الأرقام الصادرة عن البنك المركزي لارتيادها دون تردد ورفع مستوى الرفاه لديه بتكاليف معقولة, وبالنسبة للقطاع الصناعي المهم ربما ستكون هذه الأزمة فرصة ذهبية له حال حسن تعامله مع الأزمة بارتفاع قدراته الإنتاجية وتحسين جودته وعرضها للمستهلك كبديل منافس عن المنتج المستورد في ظل المحفزات المذكورة أعلاه أو دونها.
ثالثاً: ايقاف بعض الفعاليات والمناسبات العامة، والشعائر الدينية فهذا القرار يتطلب منا حقاً إعادة التفكر بآليات التفكر الموجودة لدينا وبلغة أكثر بساطة فإن هنالك الكثير من العادات الموجودة لدينا الآن والتي لم تكن سابقاً كذلك وأصبحت تشكل عبء ثقيل غير مبرر من حيث حجم التكاليف والاستعراضات والدعوات الجماهيرية لغايات ساعات معدودة كانت فرح أم ترح والأسوء من ذلك هو حال من فرح اليوم بتلك الاستعراضات ليكون يوم غد مهكل بالديون أو بضياع الأموال دون تحقيق الغاية الأجل منها, دون نسيان الإشارة أن مثل هذه العادات قد ساهمت في الآونة الأخيرة بارتفاع معدلات العنوسة لدى الجنسين لما أصبحت تقتضي الحالة من ضرورة تماشي الكثير مع العادة المثقلة وإلا سيحرم الحبيب من حبيبته أو العكس, وحال من كان لديه مصاب جلل واثقلته العادة بتكاليف ضيافة قد تكون مبالغ فيها في الكثير من الأحيان ولا يقبل تصورها العقل أو الدين, فلو نظرنا وتعاملنا مع هذا القرار بصورة ذكية لنجد أنه خير فرصة لنا لكف كاهل الكثير من أبناء مجتمعنا على أمور حقاً لا داعي لها, بالنسبة للشعائر الدينية فقد يكون قرار إيقاف الصلاة في جميع مساجد المملكة وكنائسها، كإجراء احترازي ووقائي، مع الالتزام برفع الأذان في وقته، وبث خطبة الجمعة موحدة عبر محطات التلفزة فرصة للكثير بالتذكر أن الصلاة صلة العبد بربه مباشرةً لا صلة العبد بربه من خلال عباده أو أمامهم, وقد تكون فرصة لبعض الأئمة لتطوير أسلوبهم بالخطاب الديني الذي يترجم من خلال قدوات صالحة في المجتمع لا أقوال بدون أفعال.
قرارات عدة قد اتخذت وتتحذ من حين لآخر تماشياً مع الحالة والأزمة هي حقاً صعبة إلا أنها حقاً ضرورية للحفاظ على أنفسنا ووطننا ويتوجب علينا كأفراد تنفيذها بحذافيرها ودون تقاعس أو تخاذل.
وفي الختام فإن مرض كورونا قد يكون الفرصة الذهبية للعالم كله للتوقف ولو للحظة للنظر بشمولية مختلفة لسياساته المتبعة محلياً ودولياً. عمران فريحات
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير