النسخة الكاملة

"الكورونا والأردن" قصة النار والصبر ..سنبقى ويندحر الخطر

الإثنين-2020-03-16 02:08 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتب عبد الهادي راجي المجالي 
في حرب ال(48) ..قالوا ربما سينهار هذا الوطن الناشيء للتو , فالبدوي لن يواجه ببداوته , جبروت إسرائيل ...وهزم البدوي اسرائيل ولم تتأثر (طوبة) في عمان , أو جدار في الكرك 
خضنا المد الناصري وحركة الضباط الأحرار في منتصف الخمسينات , وبشر البعض بزوال هذا الكيان وتقسيمه , وقالوا أنه مجرد تراب طاريء على الجغرافيا العربية وسيعود لسوريا الأم ...وراح البعض يروج لخرابه , ولكن المروج اندحر والأحلام السوداء اندحرت وسلم البلد 
في حرب حزيران , نصف الدولة تم احتلالها ..هذا يعني نصف السكان , ونصف المقدرات , وعلقت صحافة الغرب على الأمر بالقول : أن الدولة التي فقدت نصف مقدراتها ونصف سكانها , حتما ستسقط تلقائيا , وليست بحاجة لقفزة أخرى من إسرائيل ...وأعطونا شهرا أو شهرين فقط للإنهيار التام , وعاد الجيش بعد سنة واحدة , وهزم اسرائيل في معركة الكرامة ..وأعدنا تسليح أنفسنا وتكيفنا مع الوضع الجديد 
في السبعين , قالت الصحف الإيطالية ..أن النظام يلملم أوراقه , وأن عمان لم يعد فيها دولة , عمان صارت محتلة ...,هي هانوي العرب كما يسمونها , وستتحول تلقائيا إلى بؤرة للثورة والمقاومة , وجاء الصباح وإذا ورق الجرائد يتحلل ..ويرمى بالقمامة , ويسترد الحب قبضته عليها والورد ..وتعود الحياة أجمل مما كانت بالرغم من الدم وصراع الإخوة ...
في العام 91 ..صحونا على حصار غريب عجيب , لامنفذ يمر عبره طحيننا ولا بحر يحمل لنا البواخر المحملة بالطعام , وقالوا بعد العراق سينتهي الأردن تماما ..وهو مهدد بانفجار اجتماعي ينسف كل شيء , ولكن صبرنا تجاوز حدود الصبر نفسه ..,كان الله معنا , وعبرنا زمن الدم والذبح وحصار الأمة ..
في العام 99 غادر الملك حسين الحياة , وكان الغرب غير واثق بالمشهد لدرجة أن مفكريه وساسته قالوا : هذا وطن ولد مع الملك حسين , ونظنه سيموت مع وفاة الحسين ...لكننا عبرنا , وتجاوزنا ....تجاوزنا الإرهاب والتخويف , تجاوزنا تهميش الدور ..
تجاوزنا في صبرنا الأيوبي الجوع , تجاوزنا من قسم الوطن لشركة تفرخ شركة ...تجاوزنا , الربيع العربي وخاف ابن المخيم على ابن البادية ..وأهل الريف بدمعهم ووجعهم خافوا على عمان , وكان وعينا أشد من القذيفة والطلقة ...وجعلنا البلد سالمة وقلنا ستعبر وعبرت ...في حين أن عواصم العالم العربي دفعت من دم أولادها , ما عجز (الكورونا) عن سفكه ..أو اغتياله , فسوريا وحدها قدمت المئات من الألوف ..وليبيا مازالت في الدم غارقة 
بعد كل هذه المعارك , نواجه الان معركة جديدة هي (الكورونا) وهي ليست بأرحم من التجويع ..ليست بأرحم من الإحتلال , وليست بأرحم من النار والقذائف التي تدك أسوار عاصمتك ولكننا سنتجاوزها حتما , لأن هنالك سر رباني في هذا الوطن لايعلمه إلا الله ...سر يؤكد أنه في كل محنة يعبرها , يخرج أصلب وأقوى ..وأنه في كل معركة يخوضها ينتصر ..حتى لو كان العدو هو العالم ..
أليس هو من قال فيه الله : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) نعم هو بجوار الأقصى ومبارك في رجاله وشجره وحجره وهوائه ومساره ومستقبله ..
أنا لست خائفا , فجدي انتصر في زمانه , وأبي انتصر في زمنه ..وأنا ما تعودت أو أورث الخوف والقلق لأولادي ..سأورثهم الرضى والإنتصار وحتما سيعبر (الكورونا) ونبقى نحن الأردنيون ..قصة النار والصبر , قصة الحياة والعبور , قصة المجد والرضى ...حتما سنبقى ويندحر الخطر.


 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير