يُحكى أنّ...
Friday-2020-03-13 12:51 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز-كتب:سلطان إبراهيم العطين
في سفارةِ المملكةِ الأردنيةِ الهاشمية في دولةِ الواق واق نسيَ دبلوماسيو السفارةِ ما كُتِبَ في الصفحةِ الأولى في الجوازِ الأردني: "بإسمِ صاحبِ الجلالةِ الملك، إلى مَن يهمّه الأمر، يُرجى مِن موظفي حكومةِ المملكةِ ومِن ممثّليها في الخارج أن يسمحوا لحاملِ هذا الجواز بحريةِ المرور وأن يبذلوا لهُ كلَّ مساعدةٍ أو حمايةٍ قد يحتاجُ إليهما."
حاولتُ أن أُبررَ نسيانَهم، فضبابُ الواق واق شاعريٌّ قد يُنسيكَ صفاءَ سماءِ وطنِك، وفي الواق واق ساعةٌ تحكُمُ التوقيتَ العالمي، فكيفّ لا تحكُم عقولَهم وتُنسيهِم لماذا يقطنون الواق واق وما صفةُ عملِهم هناك. أقول..حاولتُ أن أبررَ لهُم، ولكنني كلّما تذكرتُ توجيهَ جلالةِ الملكِ على جوازِ السفر ، أتذكّرُ الفخرَ الذي غمرَني في أولى محاضراتِ القانون في جامعتي، حين تنبَّهتُ لأولِّ مرةٍ لهذا التوجيه الملكي، ثم تظهرُ مواقفَ أخرى تكادُ تغتالُ فَخري.
في سفارتِنا في الواق واق الدبلوماسيون فقدوا الكثيرَ من حميّةِ الأردني لمدّ يدِ العون، رغمَ أنّ وظيفتَهم كما يوجّهُ جلالتُه: "أن يبذلوا كل مساعدةٍ أو حماية" قد يحتاجُها الأردني. حاولتُ أن أعذرَهُم، فمَن عاشرَ القومَ يأخذُ مِن طِباعِهم، وأهلُ الواق واق يتّصفون بالبرودة، ولا وجود للحميّة في قاموسِ تصرفاتِهم. أقول..حاولتُ أن أعذرَهم، ولكنني كلّما تذكرتُ أنّني خُذِلتُ حينَ طلبتُ مساعدتهم في الاستعلامِ عن مسألةٍ ما، بينما زميلي من دولةٍ عربيةٍ شقيقة حُمِل على كفوف الراحة في سفارةِ دولتِه حين استنجدَ بسفارتِه لإنقاذِه من ورطة. فهل يستوي مَن يَخذِلُ ومَن يجبُر؟! لا والله لا يستويان.
توجيهُ الملكِ يجبُ أن يُدرَّسَ لدبلوماسيي الدولة، إذ يبدو أنّ كثراً ممّن يحصلون على منصب في إحدى السفارات يعتقدون أنّهم خارجون بصفةٍ سياحية وليس بوظيفةٍ فيها من الحِملِ والأهمية ما يجبُ أن يكونوا قادرينَ على حملِه، فيها من رحابة الصدر والشهامة ما يجعلني أتعجّب أكثر حين أُلاحظ حتى تنمّرهم على موظفي السفارةِ نفسها، ممّا يجعل أيّ إنجاز للسفارة مجرّد عملٍ مشوَّه خالٍ من أيّ حسّ. لو فهِمَ هؤلاء التوجيهَ الملكي، لو تمعّنوا في تسيير جلالتِه رحلةً لجلبِ المواطنين الأردنيين، ومواطنين عرب، من ووهان الصينيةِ في أولى عملياتِ الإخلاءِ الرسميةِ منَ المدينةِ الموبوءة، ولو انتبهوا أنّ المواطنَ الأردني حينَ يستنجدُ على وسائلِ الاتصال والتواصل يستنجدُ بجلالةِ الملك لا بغيرِه، لأدركوا أنّ الحملَ الثقيل يحملهُ جلالتُه وحدَهُ، بينما كثرٌ ممّن يعملون تحتَ اسمِ الأردن لا يبذلون ما عليهِم بذله..أو أنّهم حين قرؤوا في التوجيهِ الملكي: "إلى مَن يهمهُ الأمر" أصمُّوا آذانهم، فهم غيرُ مهتمين.
أمام سفارةِ بلدي في الواق واق لم أرَ يا سيّدي علمَ الأردن كذاك الذي اعتَدنَا أن نُنشِدَ ناظرينَ إليه: "عاشَ المليك، سامياً مقامُه، خافقاتٍ في المعالي أعلامُه". في سفارتِنا في الواق واق لم أرَ أعلامَ وطني خافقات، وفي هذه لن أحاول حتى أن أُبرر لهم أو أعذرهم؛ فغزارةُ أمطارِ الواق واق لم تمنَع أعلامَ دولِ السفاراتِ الأخرى مِن أن تخفقَ عاليةً، فلماذا عليّ أن أقف حائراً على بابِ السفارة، أأدخلُ أم أنّ بردَ الشارع أحنُّ على قلبي من بردِ قلوبِ أبناء بلدي!
العطين

