الابتكار في الوظيفة العامة
الأربعاء-2020-02-26 10:42 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. عبد الكريم محسن أبو دلو
يعتبر الابتكار من أهم أدوات التغيير في الوظيفة العامة ورافعة أساسية في تقدم أطر الإدارة العامة ومستوى الخدمات التي تقدمها، وأصبحت العديد من التشريعات والنظم الوظيفية تُدخل الابتكار إلى أساسيات الوظيفة العامة وتتبناه عاملا فاعلا في خلق أفق مستقبلية جديدة ومعيارا حيويا في التنافسية بين مختلف القطاعات الحكومية
ويقوم الابتكار على انتهاج أساليب عمل غير مسبوقة وأفكار ابداعية تستشرف المستقبل، تؤدي إلى تغيير الأنماط السائدة في أداء الإدارة العامة وتقدم حلولا ذكية لمختلف المخاطر، بما ينعكس أثره إيجابا على قدرة الإدارة في أداء مهامها وواجباتها وتوفير الخدمات بأفضل طرق ممكنة. بالتالي فإن القطاعات الحكومية التي لا تستجيب إلى متطلبات العصر الحديثة ولا تجاري الانفتاح بأبعاده المتنوعة أو لا تستفيد من الفرص بكفاءة ستنعزل عن المستقبل المتغير
ويكـرّس نظام الخدمة المدنية رقم 9 لسنة 2020 بوسائل متعددة الابتكار ويشجع موظفي القطاع العام على الإبداع والتميز، منها النص على منح زيادات التميز المبنية على جائزة الملك عبد الله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية وجائزة التحول الالكتروني، وأيضا منح جائزة الموظف المثالي للموظفين الذي يحققون المعايير المطلوبة، ورسم النظام مسارا خاصا من هذه الجائزة للابتكار والإبداع، إيمانا منه بأثر ذلك الضروري في تطوير القطاع العام، إذ تم تبني مفاهيم الابتكار والإبداع لأول مرة في نظام الخدمة المدنية النافذ حاليا لعام 2020
إن تكريس الابتكار في الوظيفة العامة، يفرض على الإدارات الحكومية تبنّي نهجا مختلفا، يجذر ثقافة التميز ويهيئ المناخ الوظيفي الملائم ويقدم الأدوات المناسبة بما يحفز على سلوك هذا النهج. ويتطلب ذلك استحداث وحدات إدارية في الوزارات والمؤسسات الحكومية تختص بالابتكار والرشاقة وترعى كل ما من شأنه تحقيق ذلك وتتابع الموظفين المبدعين، فوجود مثل هذه الوحدات يعد مؤشرا حيويا على مدى انفتاح الوزارة أو المؤسسة واستجابتها لمتطلبات التطوير والتغيير
إن ما يشهده العالم من تحوّلات جذرية متسارعة في الأدوات والمفاهيم ومنها الثورة الرقمية، تفرض تداعياتها على المشهد العام للمجالات المختلفة، وبالتالي يجب على الدول أن تنساق في إطار هذه التحولات إلى تغيير الأنماط التقليدية للوظيفة العامة وتواكب التحول المعرفي، باعتبار الوظيفة العامة من الأدوات الرئيسة في إدارة الدولة، بما يكفل لها أن تسير إلى المستقبل بأفق تمكنها من البقاء والإستمرار

