النسخة الكاملة

المنظومة الأمنية .. وغياب القيمه الوطنيه عن وسائل التواصل

السبت-2019-08-17 02:37 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتب الصحفي خلدون عبدالسلام الحباشنة
تاريخ الإعلام بدء بالاتصال الكلامي ثم الاتصال الخطي وصولا إلى ذروة التطور التقني المعبر عنه بالاتصال الفضائي الذي أريد له أن يكون مرجعا قيميا ،عبر التنافس الذي هدفه اثبات الاقتدار للوصول إلى الظهور والابهار والتوصل إلى الرأي العام . بلغنا في الاردن عقلية الاستهلاك الاعلامي والنجوميه على حساب الاجتماعي والسياسي والإنساني في أغرب حالة اثبات على الاطلاق دون تثبيت القيمة المرجعية .
مركز الجاذبية الذاتية في ثقافتنا حول كل ما يدور الى قضيه عبر كثافة الضخ الذي لا ينقطع ليحول التقنيات كلها إلى خدمة دماغ لا يستعمل حواسه اطلاقا ...
رجل الأمن هو مجمع حواس متيقظه حد الاستنفار ، وهو في الأدبيات المعاصرة تعبير عن الخصوصية الجمالية ومستوياتها في الاجتماع والاقتصاد والأخلاق ، ولكنه مع التطور المتسارع من النقل الشفوي الى الكتابي ثم البصري المباشر بات مطالبا بسرعة الاختصار والإجراء والمطابقة خاصة مع سرعة تطور وسائل الابلاغ والتدليل على الحالة .
العنف والاحتفال بالعنف عبر وسائل التواصل يشير إلى أن الرهان على الاعلام الذي يتنقل من مرحلة بث تفاصيل قتل الذات عبر الانتحار الى قتل الآخر عبر مشاهد الجريمة وبينها سيل من العنف اللفظي والجسدي الذي يسعى إلى إبراز القوة كقيمة على حساب القانون .
الامن الاردني بمختلف درجاته يمتلك ثقافة التحري والكشف عن الجريمه ، لكنه ليس مطالبا ابدا بامتلاك مهارة مقاصد العنف ثم الوصول إلى وقائعها وأحكامها ، فالادبيات الامنيه في مختلف دول العالم ترى العنف حادث لسالف ينتج حادث اخر أساسه نزوع شخص إلى انتزاع الحق الطبيعي في الحياة أو الحقوق المختلفة عبر تجاوز مباشر لسلطة القانون والضمير وهو بهذا اعتماد مباشر ايضا على انعدام القيمه وليس فقط مصدره القوه .
وهو ما يجب علينا أن نسعى جميعا الى التحلي بثقافة القيمه والمعنى والتواصل للحد من رغبة البعض في تحويل خروج البعض منا وتحلله من كل قيمه اخلاقيه أو قانونيه على أنه تحول باتجاه" مدينة الشر " التي يكشف كثيرون عن رغبتهم في تصويرها على هذا النحو .
عمان ورغم حجم مشاهد العنف الاخيره هي مدينه مليونيه مفتوحة ديمغرافيا وايديولوجيا ولها مزاجها الاجتماعي الذي يشبه على نحو درامي كل المدن ، لكن رغبة البعض في اسباغ طابع عنيف مرده إلى نقد الذات عبر استقراء مختلف للأزمات والمازق ، إضافة إلى أن أسلوب المقايسه والدهشة والانبهار والاستنكار القصد منه تعميم المبالغة لخلق أمر واقع . ثقافة الصوره والفيديو والمباشر باتت تعني عند البعض بناء موقف اعتمادا على إمكانات معرفية متواضعه لدى العامه ،في المقابل المنظومة الأمنية ليست معنية ابدا بالتدافع الاجتماعي لأنها باختصار مؤهلة تقنيا وفنيا واجراءيا على تفكيك الموقف الجرمي أو العنيف على نحو قانوني .
نحن نتعرض في الاردن الى ضربات متدفقه وغير وطنيه اقتصاديا وماليا وثقافيا واعلاميا وحتى سياسيا بقصد الوصول إلى قناعه بالانفلات وهو أمر خطير جدا لا يتعاطاه ولا يروج له إلا المندسون والعملاء . ثقافتنا الوطنيه تستلزم رفض هذا السلوك وابقاءه ضمن حدوده الطبيعية ، علينا أن نحذر من إبدال الفعل الذاتي بنظرية التراكم والعموم .
تاريخيا منذ تأسست اول قوة أمن عام اردنيه عام 1920 وما طرأ على عملها من تطوير في ظل هدف حفظ النظام العام واجه الجهاز عبر تاريخه مشكلات معقده جرى التعامل معها بمهنية واحتراف خاصة ما كان مرتبطا بالتطور المجتمعي من ثقافة القبيلة والغزو الى أدبيات الدولة والنظام عبر استراتيجية مركزية التخطيط والتنفيذ والإعداد الاداءي الذي جعل جهاز الأمن العام الأردني المبني على أسس أكاديمية شرطية وتدريبية احترافية متطوره من افضل أجهزة الأمن في المنطقة . اطلاق شخص لنار أو مشاجره نسائيه أو اعتداء شخص على اخر لن تجعل منا منساقين وراء خوف كاذب وإشاعة روح من القلق لأننا نؤمن أن واقعنا الحياتي في عهدة رجال أمن نثق بهم ثقة كبيره بجهودهم وعطاءهم وتضحياتهم تجاوز الاردن أقسى الظروف .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير