النسخة الكاملة

كلمة غنيمات في حفل تأبين صالح عربيات

الأحد-2019-05-05 12:09 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز- قدمت وزيرة الاعلام جمانة غنيمات كلمة في حفل تابين صالح عربيات وتايا نص الكلمة   آل عربيات الكرام، رفاق القلم والحبر، الأخوات والإخوة، أبدأ بالسلام على روح صالح عربيات، وعلى الأحياء والشهداء من آل عربيات وآل السلط جميعا، وآل الأردن بلا استثناء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لا يليق بصالح أن نكتب به عرائض الرثاء أو مسيرة صعوده إلى العلياء، سيما وهو المحب للحياة والحرية والجمال، المشاكس الوديع، المضحك المبكي، المتشائم والمتفائل في آن؛ لكنه بالتأكيد كان ذلك المستقبلي المثير الذي لطالما بشرنا بأول الطريق، وضوء نهاية النفق، والشمعة التي تكسر الظلام..
وكيف يمكن الكلام في غياب حضرة سيد الكلمات صالح عربيات، المبدع أبدا، الإنسان دائما، الساخر من كل شيء؟!، لكن لا عاصم لنا اليوم من الموت ولا عزاء..
غادرنا صالح ذات بغتة، وترك الباكيات عليه وهن شقيقات البواكي على عرار وهلسة والسبول ومؤنس والموسى والزيودي.. فلك منا يا صالح ألف سلام. 
في الكتابة، كان صالح مع كسر القوالب وتجاوز الحدود، وإعادة عجن اللغة كي تشبهه وتشبهنا، يبتعد عن التأطير والتنظير وينحو نحو البساطة والتبسيط، يدخلنا في متاهاته والتقاطاته وزواياه المدهشة ذات الدلالات الواضحة حد الغموض، والغامضة حد الوضوح.
كان كاتبا استثنائيا، بسخريته اللاذعة وأسلوبيته في الكتابة، لا يقبل التصنيف، تضيق به الخنادق والاتجاهات، يساري أحيانا، ويميني تارة أخرى، تعتمل داخله تناقضات الكاتب الهادئ والمتمرد، والناسك والثائر، لكنه كان مسكونا بحب الناس وحب هذا الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
كانت تستوقفني كل مقالاته التي ترد إلي، فأقراؤها بإمعان لا يخلو من متعة، فتضحكني مرة، وتحزنني أخرى، وأحيانا أشعر بالفرح والحزن في النص ذاته والفقرة ذاتها، لكنها رغم بساطتها كانت عميقة الأثر، مفعمةً بالحب والحزن، والألم والأمل..  
منذ لحظة رحيل صالح اجتاحتني نوبة حزن نبيل، فقد رحل من صنع عالما من الكلمات، وجعلنا نتأمل في الزوايا المعتمة التي كان يرتادها في الكتابة، فأمسينا نبحث عن صالح بعدما طوى جناح المنازلة وغادرنا بلا استئذان. 
استحضر في هذا المقام، ما كتبه صالح في احد مقالاته "سلام على وصفي"، وقال: "نحن اليوم نضرب الكف بالكف حسرة وألما على رحيلك"، كما كتب عن رحيل محمود الكايد: "بكت السلط وتوجع الأردن برحيلك، كنت من أغلى أبنائها لأنك احببتها بصدق".
رحل صالح، والوطن الذي احب وأخلص له، يمر اليوم بمفترق دقيق وحساس.. رحل وترك لنا مسؤوليات حراسة الوطن بقلوبنا قبل عيوننا، وحمايته من مخاطر تلوح من هنا وهناك... ولو كان صالح بيننا لكانت كلمته وحرفه تعويذة لحماية الوطن... ليعبر إلى مئويته الثانية بعزم وصمود وقوة رغم كل التحديات. 
سبقنا صالح إلى العالم الآخر، وبقينا هنا حرّاس حلمه الذي كان يطبق عليه جفنيه كي لا يغيب. سلام على صالح، وسلام على آل عربيات، وعلى السلط والأردن..  
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير