النسخة الكاملة

خلوا هالناس يدخنوا الكتروني ..

الأحد-2019-04-21 02:29 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - ابراهيم عبدالمجيد القيسي
مرّ حوالي شهر ونصف ولم أقم بشراء علبة سجائر واحدة، وذلك بعد أن أصبح لدي واحدة من تلك السجائر الالكترونية، المهربة الى البلاد بواسطة العباد، فكان تهريبا مفيدا للناس، أعني الذين كانوا قبل شهر ونصف يشتروا دخان "عادي" ب4 الى 5 دنانير يوميا، فأصبحو بنعمة الله يوفرونها جميعها، وهذا ما أزعج المتاجرين بالدخان العادي، الذين ما انفكوا يغلقون كل الحدود على مهربي الدخان الأنظف والأرخص سعرا، بينما يقدم بعضهم نفايات التبغ للمدخنين!..
فتاوى تحرم السجائر الالكترونية، وهي الفتاوى ذاتها التي تحرم الدخان االعادي والكحول، فلا جديد ولا توظيف للفتوى كما يعتقد بعضهم، فالدخان يضر الصحة بغض النظر عن شكله ونوعه، وهذا أصل الفتوى في الأردن وحول العالم الاسلامي، لكن الناس وأنا شخصيا منهم، تندّرنا على هذه المحاولات التي يقف وراءها اقتصاديون، يحاولون حماية استثماراتهم التي أصبحت مهددة، وانكشف حجم سعرها المرتفع وخطرها على الناس والصحة، بعد أن ظهرت السيجارة الالكترونية وانتشرت بين المدخنين..ولعله السبب نفسه الذي دفع بكبريات شركات التبغ العالمية أن تنتج سجائرها الالكترونية وزيوت التدخين المستخدمة فيها، كي لا تصحو في اليوم التالي وقد أضاعت زبائنها..
جهاز السيجارة الالكترونية جهاز بسيط، ولا يستحق مثل هذا السعر المرتفع الذي يتعامل به "المهربون"، فهم غالبا يبيعونه ب10 أضعاف سعره الحقيقي، وكذلك يفعلون مع قطع الغيار الخاصة به ومع "العصير" أعني الزيت المستخدم فيها، والذي يحتوي على نسب "اختيارية" من النيكوتين، وحين يتم تسخينه يخرج بخارا ونكهات حسب الطلب، ولا ينتج عن مثل هذا الاحتراق الالكتروني لا أكاسيد كربون ولا قطران ..فلا يستنشق الشخص غير المدخن الذي يجلس بقرب المدخن "الالكتروني" سوى روائح عطرة بنكهات ما، وعلى الرغم من هذه النتائج الطيبة التي تحققها السيجارة الالكترونية للناس الذين لا يدخنون وكانوا يتأثرون برائحة الدخان المعروفة، ويعانون الكثير من الأمراض، الى الدرجة التي نقول عنهم بأنهم يدخنون قسرا.. هم أصبحوا الآن بمأمن من هذه التأثيرات.
لا أقدم هنا دعاية لسيجارة الكترونية أو شركة تنتجها، فهي ورغم انتشارها المتزايد، إلا أنني لم ألتق الا بشخص واحد "رشدي القرالة"، يحمل سيجارة من نفس نوع سيجارتي فالأنواع كثيرة جدا، وسعرها مرتفع جدا، وعلى الرغم من كل هذا فهي مجدية اقتصاديا بالنسبة للمدخن الذي كان يشتري علبتي سجائر يوميا، حيث انخفض انفاقه على التدخين الى ما دون الربع، وأصبح يصحو من النوم مرتاحا أكثر، ويبدأ يومه وكأنه "ممرض" يتعامل مع الحقن والإبر، يملأ "مواعين" السيجارة بالزيت، وينظف العدّة ..(التغيير حلو).
أنا أتفهم جدا قلق شركات التبغ والسجائر المحلية وغيرها، وأتفهم أيضا القلق الحكومي حول التهديد الذي يستهدف بعض أرقام الضرائب والرسوم حول هذه السلعة، ومن حق الحكومة أن تقوم بترخيص هذه السلعة البديلة، وتجعلها خاضعة لمواصفات ما، فثمة دول اقتصادية كبرى كبريطانيا، قامت بإجراءات مشابهة، حتى إن وزارة الصحة البريطانية تفكر وربما أقرت السماح لأطبائها، أن يكتبوا السيجارة الالكترونية كوصفة طبية للذين يريدون الإقلاع التدريجي عن التدخين..وهذا ما يجب أن نفعله هنا أيضا، فالنتائج الإيجابية للسيجارة الالكترونية مقارنة بالكلاسيكية، تشجعنا على مساعدة الناس للتخلي عن التدخين نهائيا، أو التخلص على الأقل من بعض تهديداته المعروفة وتأثيراته القسرية على الآخرين.
هذه بلاد حرة مفتوحة، ووقعت الاتفاقيات الدولية في التجارة الحرة ، وسوقها حرة في أسعارها وتنافسيتها، ومن البؤس أن نلجأ الى المنع والتهريب حين يمكننا إصدار تعليمات بشأن أي سلعة جديدة، يتداولها الناس بحرية، ما دامت لا تضر بالآخرين أو تستهدف حيواتهم.
خلي هالناس يدخنوا اليكترونيا كما يفعلون كل شي تقريبا "اليكترونيا"، يعني ما وقفت عند التدخين بعد أن أصبحت المواطنة والتفاعل والتواصل كله اليكتروني..
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير