النسخة الكاملة

في موضوع قطــاع الطاقــة

الإثنين-2019-03-11 11:35 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب : د.أحمد حياصات
المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية وشركة الكهرباء النووية تكاثرت في الفترة الأخيرة الأحاديث في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن قطاع الطاقة وعن زيادة القدرات التوليدية عن الحاجة مما يكبدنا مبالغ طائلة كان من الممكن توفيرها , وبهذا الخصوص أود تقديم عدد من الملاحظات : أولا : إن صيغة الاستثمار المعتمدة في الأردن حسب رأيي مناسبة لظروفنا وهي المبنية على مبدأ " خذ أو ادفع Take or pay " " وبغيرذلك لن نجد مستثمرا يشارك في المشاريع التي نطرحها , ويتلخص هذا المبدأ في حق المستثمر الذي يملك محطة توليد تقليدية جاهزة للعمل في تقاضي تعرفة الاستطاعة , وهي تعرفة تدفع مقابل جاهزية مولدات المستثمر للعمل سواء تم تشغيل هذه المولدات أم لا , علما أن شركة الكهرباء الوطنية هي من يطلب التشغيل أو التوقف حسب حاجتها , وتقدر المبالغ التي تدفعها الكهرباء الوطنية كتعرفة استطاعة لجميع محطات التوليد بحوالي 400 مليون دينار سنويا . يستثنى من ذلك محطات الرياح والطاقة الشمسية حيث أن الدفع يتم حسب كمية الانتاج على أن تكون لها أولوية في التشغيل , بمعنى أن شركة الكهرباء الوطنية ملزمة بشراء كل ما تنتجه هذه المحطات وبالتالي لا توجد لها تعرفة استطاعة .
ثانيا : هناك بالفعل زيادة في القدرات التوليدية المتوفرة في الأردن , وحتى نستطيع تقديرهذه الزيادة نذكر أن الحمل الأقصى المسجل في الأردن حتى تاريخه هو 3320 ميجاواط , وقد حدث عام 2017 , ولأداء سليم للنظام الكهربائي يحتاج هذا النظام إلى احتياطي في حدود 15% من قيمة الحمل الأقصى حسب الخبرة المحلية والعالمية , أي أننا نحتاج لتوفر قدرات توليدية بقيمة 3800 ميجاواط . إن المتوفر حاليا من القدرات التوليدية حسب النشرة الإحصائية لشركة الكهرباء الوطنية لعام 2018 يبلغ 5259 ميجاواط , أي أن الزيادة في القدرة التوليدية تساوي 1459 ميجاواط , وفي ظل نمو سالب أو متواضع للحمل الأقصى للنظام الكهربائي كما نلاحظه في السنوات الأخيرة ستزداد قيمة القدرة التوليدية الزائدة إلى أكثر من 1900 ميجاواط عام 2021 في ضوء الانضمام المتوقع لمحطة توليد الصخر الزيتي بقدرة 470 ميجاواط والتي ستدخل الخدمة خلال عامي 2020 و2021 , وستزداد القدرة الزائدة بشكل ملموس إذا أخذنا بعين الاعتبار مشاريع الطاقة المتجددة ( شمسي ورياح) تحت الانشاء والمتوقع دخولها الخدمة خلال العام الحالي والعام القادم والتي تزيد بالتأكيد على 500 ميجاواط لنصل تقريبا إلى 2500 ميجاواط على الأقل من القدرة الزائدة والتي تكلفنا بالتأكيد مبالغ نحن في غنى عن إنفاقها .
ثالثا : لقد نجمت الزيادة الكبيرة في القدرات التوليدية عن الاندفاع غير المحسوب في مشاريع الطاقة المتجددة وعن عدم التخطيط الكافي في الاضافات للقدرات التوليدية التقليدية وعن الضغط الذي تعرضت وتتعرض له شركة الكهرباء الوطنية في قبول هذه الاضافات . إن شركة الكهرباء الوطنية تمتلك كادرا تخطيطيا مؤهلا يقوم سنويا بإعداد خطة التوسع في التوليد وتقدير الأحمال الكهربائية المتوقعة وبناء عليه يقترح مشاريع التوسع في التوليد لضمان توفر القدرات التوليدية الضرورية مع احتساب الاحتياطي المناسب , لكن حصل مؤخرا تغول على صلاحيات الشركة وألزمها بقبول مشاريع لا تحتاجها وبالتالي ندفع حاليا ضريبة هذا الخلل في التخطيط .
رابــعا : إن قرار مجلس الوزراء بوقف مشاريع التوليد قرار سليم , بل جاء متأخرا , وأرى أن يتم هذا الوقف لسنوات قادمة يتم تحديدها من قبل كوادرشركة الكهرباء الوطنية بناء على حسابات خطة التوسع في التوليد وتقدير الأحمال الكهربائية , وأتوقع أن تظهر الحاجة لتمديد العمل بقرار مجلس الوزراء المذكور لحوالى خمس سنين قادمة بحيث تبرر الزيادة في الحمل الأقصى حينئذ استئناف التوسع في التوليد .
خامسا : طرحت أفكار حول إمكانية تصدير الكهرباء لمعالجة مشكلة الزيادة في القدرة التوليدية وهذا باعتقادي لا يعالج المشكلة نظرا لمحدودية إمكانية التصدير بسبب محدودية الربط الكهربائي الموجود حاليا ومحدودية رغبة الجهات المرتبطة بشراء الطاقة من طرفنا .إن الربط الوحيد المتاح حاليا هو مع مصر , وتوقف عمل الربط الكهربائي مع سوريا بسبب ظروفها , أما إنشاء شبكات ربط جديدة مع دول مجاورة كالسعودية فيحتاج فترة زمنية لا تقل عن خمس سنوات حتى في حال وجود الرغبة في إنشائها . إن تخطيط التوسع في التوليد استنادا لفكرة تصدير الكهرباء في ظروف منطقتنا خطأ كبير يجب أن لا نقع فيه .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير