الملك .. وتقبيل اليدين !
السبت-2019-03-09

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - شحاده أبو بقر العبادي
في معرض تعقيبه على ضغوط يقول أنها تمارس على الأردن لإتخاذ إجراءات ضد " الإخوان المسلمون " , يرى رئيس وزراء عربي محترم أسبق , أن " الإخوان " لو عرفوا حجم تلك الضغوط , لسارعوا وقبلوا يد الملك .
ومع تقديرنا لحسن نية الرجل وتقديره لموقف جلالة الملك والدولة عموما , فإن ما يعنينا هنا, هو القول بأن الملك لا يقبل ولا يرضى أساسا بأن يقبل أحد من مواطنيه يده .
كلنا نعرف أن الملك , وجريا على نهج والده الراحل الكبير الملك الحسين رحمه الله , وجزاه الخير على ما بنى وأنجز وعانى تعب حد الشقاء في سبيل وطنه وشعبه وأمته , يستل يده بسرعة من يد كل من يصافحه محاولا تقبيل يده , حتى لو كان طفلا صغيرا في عمر أطفاله.
في عرفنا نحن الأردنيين في المملكة الأردنية الهاشمية حكاما ومواطنين , أن الإنحناء والركوع لا يكون إلا لله جل في علاه , وأن تقبيل اليدين مقتصر في عاداتنا على الوالدين مرضاة لله سبحانه , وربما على الأخ الأكبر إن كان ولي أمر متقدما في السن .
تلك شيمة أردنية خاصة نعتز بها , ونقدر للملوك إعتزازهم بها أيضا . صحيح أن الملك في عقيدتنا الدينية هو ولي أمر , لكنه يأبى أن يركع أو يطأطيء مواطن أردني هامته أمامه كي يقبل يده . وهذا أمر حسن يحفظ للمواطن كرامته , وللملك هيبة تواضعه , وليس سرا أن كثرة منا ترى في من يحاول تقبيل يد الملك وهو يعرف أصلا أن الملك لا يقبل , بأنه متملق , والملك وكما هو معروف وللكافة , يمقت التملق بوضوح تام .
بالطبع لكل شعب ولكل نظام حكم أعرافه وتقاليده التي نحترمها ولا نعارضها , ونرى أنها حقه وشأن يخصه . أما أردنيا, فنحن نرى أن الملك ليس بحاجة لمن يقبل يده , بل لمن يعينه ويعرض رؤيته ونصيحته ومشورته بين يديه متى كان في حضرته , ونجزم أن الملك يريد ذلك .
من يريد إكرام الملك , يحترمه شخصا ومقاما بالكلمة الصادقة المعبرة , وبالموقف الصادق المعبر , ومن يحب الملك , يسدي له النصيحة في أمر وطني ما , ويعرض أمامه أو له وعبر وسائل التواصل على كثرتها, فكرة إبداعية فيها إصلاح شأن من شؤون البلاد والعباد , أو يجلب إنتباه جلالته , لحالة وطنية ما تستوجب المعالجة والإصلاح من أجل الصالح العام , لا من أجل منفعة شخصية خاصة .
لو نفعل ذلك كلنا , وبالذات النخب ورجال الدولة العاملون والمتقاعدون , وبأساليب حضارية راقية تنسجم وأدب مخاطبة الملوك , لأسهمنا تباعا وبتدرج واثق , في معالجة الكثير من مواطن شكوانا , ولشاركنا في إصلاح شؤون بلدنا ودولتنا وبهدوء مجد يثمر بالضرورة , كل ما يجب أن يكون , حتى لو بدت لنا الدنيا خرابا يصعب إصلاحها في نظر بعضنا ! .
الكلمة الطيبة تخرج الأفعى من جحرها , والخبيثة المتشائمة والعياذ بالله , تزيد الطين بلة , ولست أخال أردنيا يريد ذلك أبدا أبدا ! .
خلاصة القول , الملك لا يرغب في أن يقبل أحد من شعبه يده , ويأبى ذلك بإصرار , والإخوان جزء أساسي من شعبه , وهم يلتزمون دستور الدولة وقوانينها ونظامها العام , وما داموا كذلك , فلا مبرر يسوغ قبول الضغوط لعمل ضدهم , إلا إن هم خرجوا عن تلك الثوابت , وعندها فشأنهم أمام القانون , شأن أي مواطن أردني آخر . والله من وراء القصد .

