النسخة الكاملة

الرزاز بين الموروث والمأمول "الجزء الثالث والأخير"

الإثنين-2019-03-04 09:38 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتب: علاء أبو صالح
عرض الجزء الثاني لأوراق الاعتماد التي قدمها الرزاز من إرث تاريخي، يكاد الآن يكون عبئاً عليه، ومن شهادات عليا حصل عليها، ولربما أغفل الجزء الثاني أن الرزاز قد حاز على شرعية شعبية هتفت مناديةً باسمه على الدوار الرابع في رمضان الماضي. ولربما كانت هذه الشرعية الشعبية، إن جازت تسميتها، هي الأولى من نوعها منذ عهد وصفي التل.
 كل هذه المؤهلات، مثّلت فرصة تاريخية للرئيس المكلف لاجتثات منابت الفساد وتجفيف منابعه دون حسابات أو تخوفات من أي أطراف، وكانت فرصةً لتصحيح المسار الاقتصادي في ظل خبرات الرزاز السابقة.
كانت هذه فرصة تحول تاريخي في تاريخ الحكومات الأردنية، فتوقعات الشارع كانت مرتفعة جداً خاصة في ظل طلب الرئيس من قتيبة ألا يهاجر! وليته هاجر!!
وبدأت مرحلة المخاض في تشكيل الحكومة، ولربما كانت مرحلة المخاض هذه هي الأطول في تاريخ تشكيل الحكومات الأردنية منذ تأسيس المملكة. فالبحث عن شخصيات تستطيع ضبط الإيقاع في تلك اللحظة الدقيقة بعد "هبة رمضان" كان لزاماً على الرئيس لإعانته على احتواء الشارع وقيادة المرحلة القادمة. وككل مخاض للجبل، فقد ظهرالمولود مشوهاً يحمل خمس عشرة جيناً من جينات حكومة الملقي، تلك الجينات التي وصفها جلالة الملك عبدالله الثاني وقسمات وجهه يعلوها غضب ملكي بأنها "نائمة"، وخلافاً لتوصيات جلالته، فالجيل الجديد لم يكن له حظ في الحكومة.
من المؤسف أن يتصور بعض الساسة في بلدان العالم الثالث أن العمل أو الظهور في النشاط الخارجي يمكن أن يعوض بعض القصور أو النقص على مستوى الإنجاز. فعلى العكس تماماً، فإن النشاط الزائد والظهور المتكرر الذي قام به رئيس الحكومة لم يخدم أياً من الأهداف التي سعى إليها.
 فزيارة رئيس الحكومة المكوكية صباحًا إلى كشك أبو علي، ومن ثم شربه للشاي في مركز أمن المدينة، وزيارته لرقيب السير في المدينة الطبية، ومن ثم وزارة الصحة جميعها بدت زيارات غير مفهومة. فأين الطاقم الإداري والوزراي المسؤول؟ ولماذا يبدو الرجل وحيداً في كل هذه الزيارات؟ وإذا كانت رعاية كشك أبو علي مسؤولية رئيس الحكومة، فلماذا يتم تعيين جيوش جرارة من الموظفين في كل القطاعات؟ والأهم من ذلك، أين نائب الرئيس؟؟ جميع زيارات الرزاز بدت زيارات غير مجدية ودون فائدة مرجوة، ولربما لم تتعدى كونها ما يسمى باللغة الإنجليزية (Photo Opportunity)، أو فرصة لالتقاط صورة. كل هذه الزيارات المكوكية والمفاجأة، لا يمكن وصفها إلا بالمراسم، ولا يمكن للمراسم أن تغطي الحقائق! ولم تكن تلك الزيارات إلا مساحيق تجميل، في وقت كان الرئيس أحوج به إلى المرايا من المساحيق التجميلية، فالمرايا تعكس الصورة الحقيقية، بينما تخفي عيوبها مساحيق التجميل.
في كل ظهور للرئيس، وفي كل قرار له أو لوزرائه، كانت أوراق الاعتماد تتناقص ورقة تلو الأخرى. وكان ظهوره وحيداً في كل الظروف يطرح الكثير من الأسئلة عن الفريق الذي اختاره هو، كما يقول. ففي كثير من الأحيان ظهر رئيس الحكومة مندهشًا من قرارات وزراء في حكومته وأحياناً من قرارات صادرة من مجلس الوزراء! مما يطرح تساؤلاً مشروعاً عن مدى التوافق الحكومي، وتساؤلاً أهم حول من يقود دفة الحكومة. إن التجربة "التويترية" (استخدام تويتر) يجري الآن استنساخها من أعضاء الحكومة سعياً منهم، ربما لاحتلال مواقع قيادية مستقبلاً، تيمناً بتجربة الرزاز!
بدا المأمول من د. عمر الرزاز بحجم الموروث. وعود على بدء بالحديث عن التاريخ، فإن رجال الفكر والتكنوقراط نادراً ما نجحوا كرجال دولة.    



© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير