النسخة الكاملة

رؤساء وعتب "ملك" !

السبت-2019-02-23
جفرا نيوز - جفرا نيوز -  شحاده أبو بقر العبادي

إعتدنا على أن نقرأ إيضاح الجمل الغامضة في أخبار بلدنا التي تبثها وسائل إعلامنا , في إعلام خارجي غير أردني له مصادره الخاصة عندنا , ولا أدري ما الحكمة في ذلك , هذا إن كان في ذلك حكمة أصلا ! .

أدرك جيدا وقد عملت في إعلامنا الرسمي ستة عشر عاما , أن الأخبار المهمة تأتي جاهزة من مصادرها , وتبث كما هي كحديث في العموميات بمنآى عن التفاصيل !.

هذا في تقديري المتواضع نهج خاطيء , والصحيح المجدي وذو الأثر الإيجابي , هو الخوض في التفاصيل كي يكون الخبر خبرا لا مجرد جمل إنشائية وحسب , ليبحث الأردنيون عن المعلومة الحقيقية بالتالي , في وسائل إعلام خارجية , قد يكون بعضها مغرضا أو غير محايد ولا نتهم كي لا نظلم حظنا .

والغريب , أن سائر حكوماتنا كانت وما زالت تشكو من أمر كهذا , وهي تعلم يقينا أن الرد , هو بنشر الأخبار متضمنة كل معلوماتها , فالناس ونحن في القرن الحادي والعشرين , قرن الطوفان الإعلامي الهائل وعلى مدار الثواني , لم تعد تولي أدنى إهتمام أو إعتبار لأخبار إنشائية بلا مضمون , وعلى طريقة إعلام الخمسينيات والستينيات حتى يومنا هذا , ومن هنا تنشأ البيئات الخصبة للإشاعات والتكهنات التي تلامس مشاعر وعواطف الجمهور الذي يبحث عن المعلومة بنهم , وهذا حقه .

مناسبة هذه المداخلة الطويلة , هي ما وصفته وسيلة إعلام خارجية بأنه عتب ملكي على رؤساء الحكومات الذين إلتقاهم جلالة الملك مؤخرا , ومضمونه الضمني هو عدم الإنخراط في بلورة ما جاء في الأوراق الملكية النقاشية بشأن الإصلاح السياسي المنشود .

إذا ما صحت رواية" العتب " الملكي وأعتقد بأنها صحيحة , فإن ذلك يتماهى مع ما كنت طالبت رؤساء الوزارات الأفاضل به في مقال سابق , وهو نهوضهم مجتمعين وبما يتوفرون عليه من حكمة وخبرة , بترجمة تلك الأرواق الملكية النقاشية إلى مسودتي تشريعين للإنتخاب وللأحزاب , إلى جانب مسائل إصلاحية أخرى.

من الطبيعي أن الملك وإنسجاما مع بديهية " أدب الملوك " لا يثير عتبه مباشرة وإنما يأتي تلميحا وعبر إشارات تحقق الغرض, ولا تخدش مشاعر المستمع المخاطب , فلو حظيت الأوراق النقاشية الملكية الصريحة بما تستحق من نقاش وبلورة في هيئة تشريعات وخطط , لكان الأمر اليوم مختلفا ربما , إلا أن المعنيين بها من أحزاب تطالب بالإصلاح كل يوم وسواهم من نخب سياسية , لم يحركوا ساكنا يذكر في هذا الإتجاه , ولسبب غير مبرر, أو حتى غير مفهوم أصلا ! .

يملك " الملك " أن يقول وللجميع , لقد سبقتكم جميعا وعرضت ست أوراق نقاشية إصلاحية شاملة طرحتها للنقاش , لكنكم لم تفعلوا , وهذا ذنبكم وليس ذنبي .

لم يفت الوقت بعد , ولا أظن الملك كان يسعى من وراء تلك الأوراق , لإكتساب بيانات أو مقالات صحفية , تشيد بها وحسب , كما فعل كثيرون !, وإنما كان ينتظر أن يفتح نقاش واسع وعلى مستوى وطني حولها , للخروج بتشريعات وقرارات وإجراءات إصلاحية عامة كبرى .

نعم , لم يفت الوقت بعد وإن كان متأخرا , ومن البديهي أن يكون العتب الملكي حافزا للسادة رؤساء الحكومات السابقين الأفاضل , لقيادة نهج إصلاحي مع الحكومة والبرلمان والأحزاب وسواها من أطر ونخب سياسية , لولوج عتبة الإصلاح المنشود عبر تلك الأوراق الملكية .

وبالمناسبة , أشفق كثيرا على رئيس الوزراء الحالي الدكتور عمر الرزاز وحكومته , خاصة والكل يريد منه ما نعرف جميعا أنه حمل ثقيل جدا لا طاقة له به وحده , إن لم يجد أعوانا ثقات مخلصين , وبالذات رؤساء الحكومات السابقون الذين عليه إستشارتهم فرادى ومجتمعين دائما, وليس موسميا فقط , فالمسؤولية الوطنية لم تكن يوما حكرا على شخص أو شخوص بعينهم , وإنما هي مسؤوليتنا جميعا بلا إستثناء لأحد .

عشنا طويلا في المملكة , زمنا كان رئيس الحكومة فيه , يترك وحيدا من جانب النخب السياسية كلها , لا ويعمل بعضهم ضد حكومته كي تذهب سريعا عل الثمرة تسقط في أحضانهم , وهو زمن نسأل الله أن يكون قد ولى إلى غير رجعة .

الظروف التي يجتازها بلدنا المجروح اليوم حتى في لقمة عيش شعبه , وفرصة عمل أبنائه , وصعوبة مديونيته, وعجز إقتصاده وفقره , وهول تحدياته الإقليمية والدولية , وووو, هي ظروف ما عادت تحتمل منهجية دع الحكومة تعمل وحدها لنرى هل تنجح أو ترسب , فلا حكومة بمقدورها أن تنجح , إن لم يكن رجال الدولة وجميعا , عونا لها . والله جل جلاله من وراء القصد .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير