النسخة الكاملة

من هم الذين خرجوا في اعتصام الجمعة ؟

الأحد-2018-12-02 01:02 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتب - ابراهيم عبدالمجيد القيسي.
الناس؛ الأردنيون منهم، يتفاعلون بسرعة مع الشأن العام، وبذاكرة قصيرة المدى، متطايرة، ومن بينهم من يعجبه الوضع القائم ولا يثير حفيظته، بل إنه يحرص على دوامه كحرصه على استقرار البلاد، ونجاحها في تجاوز كل الأزمات، وهؤلاء هم الأغلبية الساحقة من الأردنيين، وهم قلما يعبرون عن رأيهم، لهذا يطلق بعضنا عليهم "الأغلبية الصامتة"..والصمت علامة الرضا. وثمة أردنيون؛ يتابعون الشأن العام من زاوية مختلفة، فيعارضوا السياسات العامة، ويعبروا عن آرائهم بشتى الوسائل والطرق المشروعة، والمكفولة بالقانون والدستور، ومن بينهم قلة قليلة، تدرك تماما أهمية معارضة الحكومات، لكن مع كل أسف، فقلة قليلة من القلة القليلة ثبتت "تحجّرت" على موجة المعارضة التي لا تتزحزح، ولا تتبدل أو تتغير، حتى وإن انتهت القضايا التي يعارضون الحكومات من أجلها، فهم لا يجيدون مهنة أخرى سواها، دأبهم؛ انتظار القضايا الجديدة ثم الابحار من جديد عكس التيار الحكومي، وأحيانا عكس الوطن والعقل والمنطق..القصة شغل ومهنة، والشغل مش عيب. يوجد فئة لا يمكننا أن ننسبها للمعارضين ولا للأغلبية الصامتة، وهم؛ بعض من الممسوسين بثقافة تشكيك غير مكتملة المعايير، فئة استعراضية، تبالغ في تقديم نفسها بأنها تحوز ثقافة استثنائية وموسوعية، ولا يدرك مراميها سواهم، ويقولون بأنها تستمد تميزها من مختلف المشارب الثقافية، وطنية وأمنية واجتماعية وسياسية واقتصادية وأدبية ..وتجدهم، بتوفيق من الله وفتح كبير من لدنه، يتقلبون في الموقف، الصبح يكونون وطنيين محافظين، ووقت الظهيرة ليبراليين يساريين، وتالي الليل ثوريين يمينيين، وفي وقت السحر يكونون أمنيين أكثر من رجال الأمن، وحين يرضون عن الخلق، نكتشف بأنهم ملكيين أكثر من الملك نفسه..خلطة سحرية أردنية، لا تجد مثلها الا في الأردن، وهذه سمة أخرى تميز الخصوصية الأردنية. الفئة المستعرضة العبقرية المذكورة، منهمكة في تقديم روايات تحليلية استقصائية، تريد أن تجد إجابة على سؤال افتراضي، فهم يقولون بأن البلد "كلها" باتت تتساءل اليوم: مين همه اللي اعتصموا قدام مستشفى الأردن يوم الجمعة؟..مين يا حلويييين؟. السؤال ليس مثيرا ولا يوجد فيه استعراض لمعرفة حصرية لدى رواة الروايات التحليلية العبقرية، لكنهم يضفون على السؤال شرحا يثبت بأنهم متفردون بالعلم والمعرفة بخبايا وبواطن الأمور، يقولون:  يا عمي النقابات ما طلعت ولا دعت الى الاعتصام، والأحزاب كمان، حتى الاعلام ما سوق الحدث، من وين اجو هذول الناس؟ حتى الجهات "الرسمية" التي دعت "والكلام على ذمتهم" الى اعتصام الدوار الرابع قبل 6 أشهر، لم تدع أو تدعم اعتصام الجمعة..طيب من وين إجو هذول الناس مساء يوم الجمعة الماضي، ويبلغون بالحديث الى استخلاص نتيجة مفادها:  (ما بدنا نحكي انه رئيس الوزراء نفسه هو اللي جعلهم يخرجون الى الساحة الواقعة أمام مستشفى الأردن مساء الجمعة الماضي، حيث سبق الاعتصام ورشتي عمل، الأولى وضعت "زفتة" على أرصفة الساحة، والثانية "طرشت" الساحة باللون الأبيض.) اسمحولي اتقدم ببعض المعلومات العادية، والمواقف المتبقية في ذاكرتي خلال الشهور الستة المذكورة: اولا؛ الناس خرجوا الى الدوار الرابع بمن فيهم النقابات والأحزاب، يعارضون قانون الضريبة الذي كان مشروعا آنذاك، قدمته حكومة الملقي، وطالبوا برحيل الحكومة وسحب المشروع من مجلس النواب، ومطالبات أخرى أقل، وتم الأمر بتدخل بل بطلب ملكي دستوري..  ثانيا؛ وكنت قد كتبت قبل الشهور الستة وبعدها عن فهم موضوعي للموقف اﻻردني من الضريبة وقانونها، الذي يبين أن لا مفر من قانون ضريبة جديد يعالج الاختلالات، ويلبي شروط جهات مالية دولية مقرضة ومانحة، وقلنا بأن تغيير الحكومة لن يغير هذه الحقيقة والحاجة الأردنية، وهذا الموقف أصبح موقف الأغلبية الساحقة من الناس، فهم اقتنعوا بأن لا مفر من قانون ضريبة، وتم تقديمه واقراره بمشاركة من كل الجهات والمواطنين حتى الرافضين، وتم تجاوز بعض النقاط في المشروع القديم، كالشرائح والفئات المكلفة..وانتهينا. ثالثا: قام النواب بالتمسك بموقف صلب من أجل القانون، وهو الموقف الذي أثار حفيظة الجهات المالية الدولية ومجلس الأعيان، ويقال بأن الحكومة تدخلت لدى مجلس الأعيان "وهو من حقها"، فعدلوا على قرار النواب وأعادوا المشروع لهم، ثم "توافقوا" على القانون، وهو الموقف الذي حاول بعضهم تسويقه بأنه اعلان جديد للتحرك الشعبي.. وهو اعلان في غير مكانه، فلا مفر من القانون وهو ليس بهذا السوء، وبكل الأحوال هو أفضل من القانون السابق. رابعا: لم أذهب الى أي اعتصام، لكنني سأكشف للمتسائلين عن جنسية وهوية الناس الذين تجمعوا هناك، حيث كنت قد قرأت تصريحا للنائب السابق هند الفايز حول اعتصام ساحة مستشفى الأردن يوم الجمعة الماضي، تسوقه وتطالب الناس ان يتوجهوا اليه، وهي سيدة معروفة، ولا تشكروني على كشف اسم شخص من الذين شاركوا، تاركا لكم أن تكشفوا عن أسماء البقية من المشاركين، لنجيب على سؤال الفئة السائلة. ibqaisi@gmail.com
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير