النسخة الكاملة

سيادة القانون

الأحد-2018-11-11 03:50 pm
جفرا نيوز -

 جفرا نيوز - الدكتور فايز الشـورة - في البداية يجب التطرق لتعريف معنى ( سيادة القانون ) من الناحية القانونية، حيث يعتبر مصطلح سيادة القانون من المصطلحات الغامضة التي لم يتم الاتفاق على تعريفها دولياً مع ظهور عبارة "سيادة القانون" بالاتفاقيات والمواثيق الدولية وبعض الدساتير الاجنبية والعربية منذ عهد الاغريق وحتى بيانها حديثاً في الورقة النقاشية السادسة الملكية ( صاحب الجلالة الهاشمي الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه ) .
يعتبر مصطلح سيادة القانون بمصطلحً حقوقياً مركباً ينطوي على ابعاد تؤثر في حقوقنا القانونية وفي جميع مجالات حياتنا اليومية كالعقود والمنازعات القانونية والامن والتعليم والصحة والبيئة والعمل وادارة شؤون الدولة والمرافق العامة، وقد تكمن اهمية سيادة القانون في انها الضمان الاساسي لحماية حقوق الافراد وحرياتهم في أي نظام فالهدف من ارساء مبدأ سيادة القانون هو حماية امن وسلامة وحقوق افراد المجتمع وفض نزاعاتهم بالقانون بالإضافة لتامين العدالة بكفاءة ونزاهة ونمو اقتصادهم واستدامة مصادرهم والتمسك بحقوق الانسان .
وقد تحدث احد الفقهاء القانونيين بان لسيادة القانون ثلاثة اهداف منها - ان تسمح للأفراد بتدبير شؤونهم بقدر معقول من الثقة التي تمكنهم من معرفة العواقب القانونية في حال مخالفة القانون – ويجب على القانون ان يحمي أفراده ضد الفوضى او من الحروب – ويجب على سيادة القانون ان يقدم على الاقل ضمانات ضد بعض انواع التعسف ويلزم الحكومة بتوفير الامن والقدرة على التنبؤ والمنطق .
وبالتالي فان الفقه الانجلو ساكسوني تبنى مصطلح سيادة القانون وبالمقابل فقد تبنى الفقه اللاتيني مصطلح دولة القانون وهو نفس المصطلح الذي تبناه الفقه الجيرماني، حيث يقوم مصطلح " دولة القانون " بإيجاز على ان الدولة تخضع للقانون في جميع مظاهر نشاطها سواء من حيث السلطة التشريعية او التنفيذية او القضائية وذلك من خلال * احترام مبدأ هرمية القواعد التشريعية او تدرج القاعدة القانونية مثالها الدستور الذي يسمو على القوانيّن الصادرة عن البرلمان ثم الانظمة التي يضعها مجلس الوزراء وانتهاءً بالتعليمات او القرارات التي يصدرها المسؤولون في الدولة * الاخذ بمبدأ الفصل بين السلطات كضمانة لحماية الحقوق الخاصة بالأفراد وحرياتهم ويقصد بذلك توزيع السلطات العامة للدولة على ثلاثة سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية * الرقابة القضائية على اعمال السلطات العامة التي تتوافر فيها ضمانات تؤكد حياد القاضي واستقلاله وتوفير الفرصة لكل خصم في أن يدافع عن حقوقه * المساواة امام القانون .
 
وبالتناوب، فقد عرف الفقيه المصري د. احمد فتحي سرور مبدا سيادة القانون بأنه يحكم المجتمع المعاصر أياً كان مصدرة وأيا كان مستواه في النظام القانوني بمعنى سيادة القانون لا تعني فقط مجرد الالتزام باحترام أحكامه بل تعني سمو القانون وارتفاعه على الدولة، فالقانون يجب ان يكفل الحقوق والحريات للأفراد، فهذا الضمان هو جوهر سيادة القانون، رغم ان مصطلح سيادة القانون راسخ في ميثاق الامم المتحدة والتي تنص ديباجته على أنه أحد أهداف الامم المتحدة، وان ابرز الاعلان لسيادة القانون بوصفها مسألة شاملة لعدة قطاعات تربط الركائز الثلاث للأمم المتحدة بالسلام والامن وحقوق الانسان والتنمية .
سيما وان صاحب الجلالة الهاشمي حفظه الله ورعاه قد اكد من خلال الورقة النقاشية السادسة على سيادة القانون التي تعتبر كأساس للدولة المدنية التي حملت افكاراً ورؤى عميقة ترتبط بأهمية تعزيز مبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الجميع دون تمييز بالتغلب على المعيقات التي تعترض سير نفاذة، واشار جلالته (بعد الاقتباس) " انه لنتمكن من تعزيز منعتنا ومواجهة التحديات بثقة وصلابة ونحقق النمو والازدهار، هنالك موضوع رئيسي اطرحه في هذه الورقة ؛ وهو ما يميز الدول المتقدمة الناجحة في خدمة مواطنيها وحماية حقوقهم، وهو الاساس الحقيقي الذي تبنى عليه الديمقراطيات والاقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة، وهو الضامن للحقوق الفردية والعامة، والكفيل بتوفير الاطار الفاعل للإدارة العامة، والباني لمجتمع آمن وعادل؛ انه سيادة القانون المعّبر الحقيقي عن حبنا لوطننا الذي نعتز به، وان اعلانات الولاء والتفاني للأردن تبقى مجردة ونظرية في غياب الاحترام المطلق للقوانين" .
ولأهمية سيادة القانون اردنياً تم دمجها بأحكام الدستور وعلى اثر ذلك قام المشرع الاردني بذكر سيادة القانون صراحة ببعض نصوص القوانين منها قانون الانتخاب وقانون الاحزاب السياسية وقانون البلديات وقانون المركز الوطني لحقوق الانسان وقانون رعاية الشباب، بالإضافة الى بعض الاتفاقيات الدولية ومن اهمها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2004 والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2012 وميثاق الشرف الصحفي للصحفيين الاردنيين .
وبما ان الديمقراطية هي حكم الشعب للشعب فهي بحاجة لقانون يحميها ويضمن حصول افراد المجتمع على جميع الحقوق والحريات سواء كانت مدنية او سياسية او اقتصادية، ولا تقتصر فقط على ضمان حق الافراد في المشاركة في الحكم، وبالتالي يمكن ان نقول ان الديمقراطية ليست فقط سيادة الاغلبية بل هي سيادة القانون الذي يضمن الحقوق والحريات العامة .
ومن هنا فلا بد من ان نقف جهة لإنفاذ القانون وبمعاونة الاجهزة الرقابية والامنية الاخرى للحفاظ والاستمرار على تعديل وتطوير تشريعاتها بما يلائم رؤى صاحب الجلالة الهاشمي في بناء الدولة المدنية الحديثة بما يحقق هدف سيادة القانون وهي عماد الدولة الاردنية كما تم الاشارة اليها اعلاه .
 
الدكتور فايــــــــــــــــــــــــــــز الشـــــــــــــــــــــــــــــورة
دائرة الشؤون القانونية/ هيئة النزاهة ومكافحة الفساد

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير