هبوب الجنوب يكتب : بعد كل هذا التواطؤ

جفرا نيوز - جفرا نيوز - تلك رسالة لابد منها , للأسف لم يلتقطها ..سوى من تعمق في الإسلام السياسي , وقرأ ..تفاصيله من أحمد بن تيمية وحتى محمد بن عبدالوهاب ومرورا بأبي الأعلى المودودي ..وانتهاء بسيد قطب . في الفترة التي كانت فيها داعش تعيث خرابا في سوريا والعراق برزت مسميات على شاشات الفضائيات العربية لمجموعات من الأشخاص تحت مسمى (باحث في شؤون الحركات الإسلامية) ..وهؤلاء كانت وظيفتهم المعلنة , الحديث عن هذه الحركات ونشأتها وتطورها والية عملها ومستقبلها ...لكن ثمة وظيفة مخفية أخطر من المعلنة . هؤلاء ساهموا , في ترويج داعش وتغلغلوا في مفاصل الدولة والأخطر أنهم بتحليلاتهم شكلوا حالات من الإغراء لمجموعات هائلة من الشباب , من أجل الإنخراط في داعش ... لكني أتحدى أن تجد نصريحا لأي واحد منهم يدين سيد قطب ..أو يقول أن سيد قطب مثلا قد ارتكب ضلالة , أو خرج عن التفسير الصحيح للنص ...لم يجرؤ أي واحد منهم على إدانة سيد قطب ..بل قدموا ترويجا انطلى فيما بعد على المؤسسات الإعلامية والأمنية .. الأغرب أنهم أيضا , لم يقرأوا كتاب سيد قطب الذي أسس قاعدة الإسلام الجهادي (معالم في الطريق) في إطار إصلاح اجتماعي إسلامي ..من وجهة نظر مفكر قرأ الماركسية والرأسمالية وانحاز فيما بعد للإسلام ..بل تعاطوا معه في إطار القداسة , وأتحداهم جميعا أن يعلقوا ولو بجملة واحدة على فتوى (الحاكمية الإلهية)؟ ..
سأبسط الأمر أكثر ..في إطار الضرورات الأمنية . ذات يوم خرج أحدهم على شاشة الجزيرة , وتحدث عن الفوارق بين بنية التنظيم في سوريا وبنيته في سيناء , وقال أن الخلايا في مصر تكون أقل عددا ويولى عليها أمير بحكم ..الجغرافيا وقوة الرقابة الصارمة للدولة هناك , ولكن في سوريا الأمر يختلف فالتنظيم علني والخلايا أكبر عددا ..ويولى عليها أمير معلن للعامة. الأمر يشبه ..أن تشرح كيفية تدخين الحشيشة , فبدلا من أن تقدم برنامجا توعويا وتتحدث عن خطرها ..تقدم للناس طرق تدخين الحشيشة : فإما أن تقوم بخلطها من التبغ ..وإما للحصول على متعة أكثر تدخنا وحدها مع الأرجيلة ...هذا هو الأمر ...هذا ما فعلوه بالضبط الذين تحدثوا بهذه القضية الترويجية للتطرف والإرهاب ..هم الان أعضاء فاعلين في المجتمع السياسي , والأغرب أنه في حياتهم لم يقدموا إدانة لفكر سيد قطب ولو حتى بالتلميح ...وهذا يدل على أنهم ساهموا في الترويج للتطرف عبر القنوات الرسمية وانطلت كذبتهم على الدولة ... علما بأن سيد قطب تستطيع القفز عن إدانته , عبر الحديث عن تصور قدمه لمجتمع مسلم في إطار نظرية إجتماعية تشبه مثلا ما قام به (ماكس فيبر) ..وتستطيع أيضا أن تحاجج فكرة الحاكمية الإلهية عبر الإستناد على حديث الإمام علي (كرم الله وجهه) بأن القران حمال أوجه ... الوظيفة غير المعلنة والأخطر أن السفارات ساندتهم , وتعاطت معهم في إطار الإستماع لوجهات نظرهم , لا بل مولتهم ..لأن السفارات الغربية , لم تكن معنية بالإسلام المعتدل بقدر ما كانت تعزز التطرف ..وهذه الفئة التي حصلت على شهادات دكتوراة (خردة) من جامعات نصف مرموقة , تماهت ومشروع السفارات في ترويج الإسلام الجهادي على أنه الصورة الحقيقية للدين .. نعم هذا كان مشروع السفارات في العالم العربي : الأمريكية , الفرنسية , الألمانية , الأوروبية ...كلها كانت تحاول أن تقدم (داعش) لمجتمعاتها كصورة حقيقية للدين , وأظهرت فئة المحللين هؤلاء على شاشاتها , ومنحتهم دعوات ..(فل بورد) واستمتعت لتحليلاتهم عن (داعش) في إطار البنية ..وتطور التنظيم ..لكن أحدا منهم لم يجرؤ أن يخاطب الغرب في إطار نسف الفتوى التي قامت عليها هذه الحركات . أتحدى أن يخرج أي واحد من هؤلاء الباحثين في شؤون الحركات الإسلامية ويتحدث عن (ابن تيمية) أو سيد قطب ..في إطار النقد أو دحض الفتوى , السبب هو أن المتواطيء ..دائما ما يتسلح بعبقرية اللغة ويلتف حول الفكرة دون أن يطرق لبها . مع أن القصة سهلة , ابن تيمية جاء في أعقاب انهيار الدولة العباسية , وأراد بناء مجتمع إسلامي صلب , وسيد قطب جاء بعد انهيار الملكية في مصر , وبروز نظام عسكري صارم ..وأبو الأعلى المودودي جاء بعد أن استقلت باكستان كدولة إسلامية عن الهند ...كان بإمكانهم أن يفسروا كل هذه الأشياء في إطار حركة المجتمع وتغير هويته ...لكنهم لم يفعلوا كون ما أنيط بهم هو دور ترويجي فقط ... أتحدى أي واحد منهم أن يقدم لي دراسة محكمة منشورة , في مجلة جامعية عن الحركات الإسلامية ؟ ...أو حلقة نقاشية مصورة أو مشروع بحث على الأقل .. ليست (داعش) وحدها من وظف الإسلام , ولكن هذه الفئة في مجتمعنا وأقول بعضهم وليس جلهم , وظفوا الإسلام أيضا عبر الترويج المبرمج لداعش ..وامتلأت جيوبهم من السفارات تحت تبريرات تقديم الخبرة والبحث ...كيف حدث كل هذا التواطؤ وصمتت الدولة ..كيف ؟ لا أعرف لكنهم الان صاروا في مفاصلها , وعلى تحالف معلن مع الليبراليين والتكنوقراط ... فالقاعدة التي تجمعهم واحدة وهي الغرب والسفارات .