رعدية البحر الميت (ثقافة مغيبة)
السبت-2018-10-27 01:17 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كوثر عياد
منذ الطفولة ونحن نسمع حكايات الرعدية، من اشهرها حكاية الراعي الذي انتشرت اغنامه في مجرى السيل وعندما دب صوت الرعد فجأة لم يلحق هو واغنامه الهرب الى المناطق المرتفعة فجرفهم السيل وماتوا، في نهاية الحكاية كان يتم تحذيرنا من المشي في مجرى المياه خاصة في فصل الشتاء وان صوت الرعد يعني ان سيول جارفة ستاتي لتجرف الحجر والشجر والبشر، وكان الكبار دائما يستخدمون تلك الجملة ( قبل ان تقول يا رب ارحمني ستكون المياه قد جرفتك).
هذه الثقافة التي تم تغييبها بسبب الاحساس بالامان فما عادت الامهات ولا الاباء يحذرون اولادهم لانهم لا يعرفونها واذا عرفوا عنها فان حياة المدينة والشوارع المعبدة جعلتهم لا يشعرون بان هناك خطر يلاحق اولادهم، وهنا لا اتحدث عن الاطفال في كارثة البحر الميت بل عن المعلمات وسائق الباص فهم جيل من الواضح انهم لم يتم تحذيرهم او اعلامهم بمعنى مجرى مائي في بداية فصل الشتاء وخاصة اننا نعيش في زمن اصبحت فيه المعلومة سلعة متوفرة فالنشرات الجوية التي تابعها كل الاردن منذ بداية الاسبوع والتي اظهرت وجود امطار رعدية في نهاية الاسبوع من المتوقع ان صاحب المدرسة والمدير والمشرفين تابعوا النشرات الجوية لكنهم لم يدركوا الخطر المتوقع لانه وكما قلت سابقا لا يمتلكون ثقافة الرعدية.
لقد غمرنا التطور والاعتماد على معرفة تُمنح لنا عبر المدارس والكتب والشبكة العنكبوتية مما جعلنا نُغيب ثقافة اجدادنا عن كل شيء في حياتنا فاحوال الطقس والمناخ ذلك العلم الواسع المخزون في صدور اخر جيل عرفه ومنهم ما زال على قيد الحياة ومنهم من انتقل الى جوار ربه ذلك العلم المختص بطبيعة بلادنا في فصوله الاربعة تلك المعرفة التي نشأة من المراقبة على مدار مئات السنين لم يتم استغلالها اطلاقا وتم الاكتفاء بكل ما هو حديث ولو انطلقت علوم المناخ والنشرات الجوية من تلك المعلومات وكانت مواكبة للاجهزة الحديثة وصور الاقمار الصناعية لعلمنا احوال الطقس على مدار شهر كامل، ولو ان وزارة التربية والتعليم تتوقف عن استيراد المعرفة ووضعها في الكتب المدرسية لو انهم اخذوا العلوم الحديثة خاصة في مادة علوم الارض ودمجوها باسلوب علمي انيق مع معرفة اجدادنا لحافظوا على ذاك العلم الذي يجعل من علوم الارض مادة مفيدة له في حياته اليومية وليس مجرد مادة يحفظها ليقدم بها امتحان.
رحم الله من قضوا في رعدية البحر الميت والهم ذويهم الصبر والسلوان.

