الشرفات يكتب : في الضريبة العوراء لنا قول ...!!
الثلاثاء-2018-05-08 11:55 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الدكتور طلال طلب الشرفات
جميعنا يحب الوطن ونريد له الأعتماد على الذات وعدم الرضوخ لأملاءات صندوق النقد الدولي والمانحين من اجل كرامتنا واستقلال قرارنا الوطني ، ولا احد يستطيع ان ينكر البدائية والنفعية والعشوائية في ادارة التحصيل الضريبي ، ومعالجة التهرب الضريبي بوسائل حديثة وحازمة وعادلة والمبادرة بتحصين موظفي الضريبة من الفساد والواسطة والمحسوبية والرشوة وازدواجية الولاء للمكلف قبل الدولة .
ولكن كل ما تقدم لا يعني ان تذبح الطبقة الوسطى من الوريد الى الوريد ونقتل دورة الأقتصاد بقرارات انفعالية تحت وطأة العجز الواضح والفاضح في الموازنة العامة والذي جاء نتيجة لقرارات متسرعة في رفع الأسعار بشكل لا يعبر عن رؤى اقتصادية ناضجة ، ويضعف القوة الشرائية للطبقة الوسطى مما ينعكس معه الوضع سلباً على الأيرادات العامة ويعيد الى الذاكرة الاجواء التي رافقت الاقتصاد الوطني في نهاية ثمانينات القرن الماضي .
ليس حصيفاً ان تبحث الحكومة عن وسائل جباية سريعة على حساب عافية الاقتصاد الوطني المعتلة أصلاً ، ومن غير الحكمة ان تختبر الحكومة رغباتها بأساليب غير مدروسة ولا تعطي فائدة اكيدة لزيادة الايرادات العامة ولم تدرس انعكاس مشروع القانون على السلم الأهلي ومستوى الجريمة ودواعي الهجرة الدائمة للشركات والطاقات والكفاءات الوطنية او على مستوى البطالة وحركة التجارة والأقتصاد ككل .
الدول التي ترفع الضرائب تقدم تعليماً مجانياً متطوراً وتأميناً صحياً متميزاً وسكناً ملائماً للفرد والأسرة وتطبق سياسة الثواب والعقاب وتحترم سيادة القانون وتراقب نمو الثروة للأشخاص والشركات والمسؤولين بعيداً عن اوراق اشهار الذمة العدمية المسجاة في اروقة وزارة العدل كي لا تذهب الايرادات العامة الى جيوب العابثين بالمال العام في العطاءات والمشتريات العامة وغيرها من اوجه الانفاق ، والدول التي ترفع الضرائب تعزز معايير الشفافية ومتطلبات النزاهة والمساواة وتحتكم الى الضمير الوطني الخالص وأمانة المسؤولية في كل قرار او اجراء تتخذه وتبني عليه .
مشروع قانون ضريبة الدخل لا يأخذ بعين الاعتبار ظروف الأشخاص الذين يرزحون تحت وطأة الديون او طبيعة الألتزامات التي ينوؤون بحملها فالمشكلة ليست في حجم الشريحة المكلفة وانما في غياب الدراسة الأجتماعية والمعيشية الحقيقية للمواطنين من جهة ولغياب قدسية المصلحة الوطنية العليا وحرمة المال العام من جهة اخرى ، وبدون ان تبدأ الدولة
بالتقدير الحقيقي لدخول المتنفذين سيجد المكلفين الف طريقة وطريقة للتهرب الضريبي ليس اقلها الرشوة او شراء ولاء المقدرين او على الاقل ارشاد المكلفين لسبل ووسائل التهرب الضريبي المشين .
نصوص مشروع القانون لا تعكس دراسة فنية واجتماعية واقتصادية دقيقة وانما امنيات متسرعة وواهمة لحجم ايرادات لن يتحقق ، ويبدو ان الحكومة ما زالت غائبة او مغيبة عن اساليب التهرب الضريبي والاحتيال القانوني ودرجة الاختراق في جهاز الضريبة ، ولا اظن ان مشروع القانون سيمر من البرلمان بسهولة فحجم المصالح تتجاوز هذه المرة هموم المواطنين الى قوى لا تقل تاثيراً عن الحكومة في مضامين مختلفة وآثار محتملة .
لا نستطيع ان نشيد بهذا المشروع فثمة خلل بنيوي في مدى انسجام الاسباب الموجبة مع احكام النصوص من حيث عدم معالجة مظاهر الخلل في جودة ومهنية تطبيق القانون المعمول به حالياً وليس وضع مشروع جديد يكرر اساليب الحكومة في الجباية المباشرة التي لا تخدم احد .....!!!

