النسخة الكاملة

ما هكذا تورد الإبل يا جامعات: الجهلة يعلمون النوابغ

الثلاثاء-2018-05-08
جفرا نيوز - جفرا نيوز - أد. سيف الدين الفقراء/ جامعة مؤتة ثمّة ظاهرة برزت في جامعاتنا الأردنية خلال العقد الأخير تنذر بخطر على مستوى التعليم العالي الذي عاني في الأصل من انحطاط وتراجع بسبب السياسات المتبعة في هذا القطاع, وغياب الشفافية والمؤسسية عنه, وهبوب رياح من قممه تحمل في ثناياها ألواناً من الفساد والشللية التي غدت عنوان مرحلة. إنّ من أسوأ معطيات المرحلة في واقع التعليم العالي أن يتسرب إلى الجسم الأكاديمي أعضاء هيئة تدريس غير مؤهلين, بل إنّ قسماً منهم لم يحقق شروط القبول في الجامعات الأردنية في الأصل؛ بسبب تدني معدله في الثانوية العامة, وبقدرة قادر يصبح مدرساً في الجامعة, ومثل هؤلاء يجيدون التسلق فيصبحون مسؤولين في تلك الجامعات, ويتسلمون مقاليد الأمور في المناصب العليا كنواب الرئيس أو العمداء ونوابهم ورؤساء أقسام, والأسوأ من ذلك أنّهم يتسللون إلى مواضع صنع القرار في المجالس العليا في أروقة التعليم العالي ومجالس الأمناء.وقد حدثني رئيس جامعة سابق أنّ رئيساً سابقاً له أصبح وزيراً لاحقاً عيّن عشرة أعضاء هيئة تدريس معدلات بعضهم أقلّ من 60% في الثانوية العامة, وأصبحوا يحملون رتبة الأستاذية لاحقاً بقدرة قادر, وألتقيت أحدهم في سنة خلت يعمل عميداً لكلية معظم أساتذتها من الأوائل. إنّه من غير المعقول بل من العار أن يصبح عضو هيئة تدريس معدله في الثانوية العامة في خانة الخمسينات وبداية الستينات عميداً لكلية علمية الحد الأدنى لقبول طلبتها 80% أو 85% في الثانوية العامة, والأنكى من ذلك أنّه يرأس نخبة من الأساتذة هم من المتفقون علمياً, ومن غير المعقول أيضاً أن تقوم الجامعات بتعيين الحاصلين على شهادات الدكتوراه من جامعات تمنح شهاداتها لعابري السبيل من شارع الأردن وغيره, وتراهم على مواقع التواصل الاجتماعي يعتلون منصة مناقشة الرسائل العلمية في الماجستير والدكتوراه, وأمر يندى له الجبين عندما تشاهد أحدهم يصول ويجول في تدريس طلبة الدراسات العليا, وأنت تعرف أنّ له باعاً في سرقة أبحاثه, وعندما تسأل عن شهاداته تجدها من جامعات الواق واق. والأسوأ من ذلك أن تقوم الجامعات بإيفاد طائفة ممن لا تنطبق عليهم شروط الابتعاث, وتترك المتميزين الذين يفتقرون إلى الواسطات, وأنّ تقوم بعض الجامعات بتشكيل لجان لاستقطاب أعضاء هيئة تدريس في كليات الطب والصيدلة والهندسة وإدارة الأعمال لا تنطبق عليهم شروط التعيين؛ بسبب أنّ معدلاتهم في الثانوية أقل من 65%, وتقديراتهم في البكالوريوس أقلّ من جيد, فما عليك إلاّ أن تتخيل هؤلاء يدرسون في كلية الطب والصيدلة التي يكون معدل قبول طلبتها في الثانوية في التسعينات في الغالب؟ ويكاد قلبك ينفطر وأنت تستمع إلى الطلبة وهم يقيّمون أمثال هؤلاء, ويتندرون بهم, ويسردون لك قصصاً من مواقف الجهل تخجلك من نفسك أنّك غدوت واحداً من هذه الفئة من العاملين في المؤسسات الأكاديمية. لا ريب أنّ هذه السياسات وتراجع معايير التعيين, وغياب المؤسسية في التعيين, وانعدام الضوابط التي تلزم الجامعات بأسس صارمة في اختيار أعضاء هيئة التدريس, لا ريب أنّ ذلك سبب في تدني مخرجات التعليم التي ستكون كارثيّة على المستقبل, وتقذف إلى الوطن كواكب خريجين أقرب إلى الأميّة يحملون فكر الجهلة الذين درسوهم ويترسمون منهجهم في الحياة وخطاهم في التسلّق.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير