النسخة الكاملة

مقهــى خبينـي.. وأصـل الحكايـة

الأحد-2018-04-29 09:31 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتب:فارس الحباشنة
لا أذهب الى العقبة الا وتكون زيارة «مقهى خبيني» هي أولى الواجبات التي احرص عليها قبل أن أفعل أي شيء . المقهى علاقتي به قديمة لحد ما، وعرفني على المقهى صديق مهووس بالمقاهي الشعبية، وحينها كنت مدخنا، وكان أكثر ما يستهوي مزاجي «رأس زغلول» مع فنجان قهوة سادة، ويليه حتما «كاسة شاي سكر زيادة». من لم يزر «مقهى خبيني» لا يعرف العقبة، بعد العصر يوميا يلتم تحت «شجرة الخروب» الضخمة بظلها العامر والواسع والرحيب رواد المقهى من عقباوية وسواح عرب واجانب، وبالنسبة للعقباوية فان جلستهم على المقهى تبدو يومية واستراحة لازاحة اثقال كثيرة. المقهى شعبي بكل الوصف. 3 ابواب مخازن مفتوحة على بعضها البعض، ويقابلها على امتداد ظل شجرة الخروب طاولات وكراسي حديدية يجلس عليها الزبائن يتناولون» المشاريب « ويدخنون الاراجيبل على انواعها ويلعبون طاولة الزهر والشدة، وهذا هو سحر «خبيني « في قلب العقبة، وعلى طريقة تقليدية بسيطة تخفي عراقة المكان. صاحب المقهى عقباوي «حسن فرج القمبز «، وهو من أول مؤسسي مقاهي العقبة، ويقولون في العقبة أن «مقهى خبيني» من أقدم المقاهي القائمة، بعدما تم ازالة مقهى غندور الشهير . لم يصدف أن التقيت صاحب المقهى، ولكن نبيل العشماوي هو حارس ذاكرة المقهى والعقبة القديمة، يتذكر ويتحدث عن أيام زمان الجميلة، وفي حكايته عن المقهى والعقبة القديمة والميناء رنة أسى وحزن وحنين الى أيام وصور لها جمال خاص. السياح الاجانب من اكثر رواد المقهى يقول سعد العشماوي، ويشير الى أنهم يستدلون على المقهى من خرائط سياحية يأتون بها من بلادهم. فالمقهى معروف عالميا، ولا تكاد عند الاقتراب من المقهى الا وتسمع السواح يتهامسون أين المقهى، وقد عثرنا اليه، فالاستدلال على مكان المقهى له من اسمه نصيب. وما يحكى عن المقهى : أنه كان مكان لقاء عمال العقبة، وذلك الجيل الاول الذي دشن في العقبة وجودها الانساني والاجتماعي والاقتصادي، من بنوا الميناء ومشاريع العقبة الاستراتيجية الكبرى،جيل من العقباوية ومن توافدوا من المحافظات تباعا على العقبة، عملوا بها وامتزجوا. وبمحاذاة المقهى يتجمع مئات من العمال الهنود والبنغال يغادرون باجازة طويلة وقصيرة اماكن عملهم قاصدين المقهى ومطاعم قريبة منه تقدم ماكؤلات هندية حارة، ويدخلون ويخرجون بأدب وترتيب ونظام فائق الوصف والتعليق. سائق التكسي في العقبة عندما تسأله عن «مقهى خبيني « يبتسم. الاسم يحمل نوعا من الظرافة والخفة والدهشة ولم يأت من عبث وفراغ، فالمكان بعيد عن الاعين، وجرت التسمية كما يقولون على مراحل فالاسم الاول للمقهى كان القمبز، وهو مسجل بالاوراق الرسمية باسم « الفردوس»، ومعروف ومشهور عند الجميع واكتسب اسمه العريق والشعبي والجماهيري «مقهى خبيني «. «مقهى خبيني» سر عقباوي مجهول وغامض الى حد ما، ولربما أن كثيرا من العقباوية وزوارها لا يعرفون المقهى، وحتى المشتغلين في الترويج والدعاية والارشاد السياحي، ما يعني ماذا لو أن المقهى أضيف الى الخارطة السياحية ولمعالم المدينة؟ وماذا لو يجري قليل من الرعاية والاهتمام الرسمي ؟ حفاظا على روح وعراقة وذاكرة المدينة. السائح القادم للاردن لا يبحث عن مطعم وجبات سريعة ولا كافي شوبات خمس نجوم وفارهة، أكثر ما يجذبه هو التقليدية والبساطة والعراقة والاماكن الثرية والمشبعة بروح الماضي والتراث، وهذا ما يراعى في الترويج السياحي الاردني مع كل أسف واعتذار. سائح روسي في المقهى سألني لماذا الارجيلة في المقاهي السياحية تقدم بعشرة دنانير؟ واسئلة اخرى، الاجابة عنها تملك الكشف عن اسباب تراجع السياحة الاجنبية للاردن، واسباب اخرى عن عزوف السياحة عن اختيار الاردن مقصدا سياحيا، وهي من وجهة نظر بعض مسؤولي السياحة ليست مهمة، ولكن من الواجب أن يتم مراجعتها من باب تشجيع وتحفيز السياح الاجانب على اختيار الاردن مقصدا سياحيا، ولتكون فترة أقامة السائح الاجنبي اطول ومن بين يديه خيارات لأنفاق مالي أكبر. ما رأيته من توافد للسياح الاجانب على « مقهى خبيني» يدفع للتوقف والتأمل والاهتمام بما يريد السواح الاجانب وعما يبحثون ويثير اهتمامهم. فالمقهى وكما غيره من معالم ومرافق سياحية مغمورة ومهمشة وجهة تبهر العالم بتاريخ وذاكرة مدينة. الكلام عن المقهي يطول، ولربما قد تقودنا صدفة عشق هذا المكان وما قد يحكى عنه لجلب اهتمام المعنيين وتوجيه بوصلة الرعاية السياحية والتراثية لتزيد من تعرف الناس على المقهى وتختاره اداة لجذب السياح الاجانب، والمسألة بغاية البساطة لو ووجهت باهتمام موضوعي ومسؤول.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير