النسخة الكاملة

القمة العربية وانتزاع النصر

الأحد-2018-04-22 12:21 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز ـ د. فايز بصبوص الدوايمة  في سياق التحضيرات التي سبقت انعقاد القمة العربية برزت التجاذبات السياسية ما بين محورين سياسيين متناقضين في المضمون ومتناغمين في الشكل.  محور اتخذ من صفقة القرن والاعتراف الأمريكي في القدس كعاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني ، وعودة الدور الأوروبي البريطاني والفرنسي للمنطقة من خلال التصعيد العسكري ضد دمشق مبررا لاعتبار هذه  القمة ، قمة مواجهة التمدد الإيراني والتدخل الإيراني في المنطقة أولوية ، وان البوصلة يجب ان تتجه نحو المواجهة الشاملة ضد ايران وحلفائها من خلال التعاون مع كل القوى الإقليمية والدولية لإنجاز هذا الهدف ، وان هذه القمة يجب ان تشكل منعطفا سياسيا عربيا ورسيما ، نحو المواجهة الشاملة ضد ايران وحلفائها في المنطقة بتعاون إقليمي ودولي ضد العدو المشترك أي حلف إقليمي ودولي يضم كل القوى لمواجهة ايران.  أي ادخال الكيان الصهيوني الى الحظيرة العربية من باب المصلحة المشتركة، ويعني أيضا التغاضي عن قرار نقل السفارة ولإجراءات الصهيونية ضد الفلسطينيين ومسيرة العودة وتهويد القدس والتدرج الاجرائي لنزع الوصاية الهاشمية عن المقدسات في القدس الشريف من قبل الكيان الصهيوني، وان القضية الفلسطينية قضية ثانوية مقارنة مع الخطر الإيراني المشكوك في حجم تأثيره.  المحور الاخر والذي قاده باقتدار وتوازن الأردن بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والذي وقف بحزم ضد قلب البوصلة من القدس الى طهران تمهيدا لتمرير صفقة القرن . لقد استبق الأردن هذه القمة من خلال تصريحات لوزير الخارجية الأردني قال فيها بكل وضوح ان مركزية قضية القدس ،  وأولويتها خط احمر لن يسمح الأردن بتجاوزه ، متماهيا ومنسجما مع كل تصريحات جلالة الملك عبد الله الثاني المفدى حول مركزية القضية الفلسطينية واولوية عروبة القدس وبان القضية المركزية أي القضية الفلسطينية هي الرافعة الحقيقية للاستقرار والسلم المجتمعي في منطقة الشرق الأوسط على قاعدة حل الدولتين وان القدس عاصمة خالدة للشعب الفلسطيني وان الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية أولا والإسلامية ثانيا لماذا المسيحية أولا؟  وذلك لأن ما تسرب من معلومات حول صفقة القرن بأن يكون من تجلياتها إعطاء الوصاية المسيحية على المقدسات المسيحية في القدس الشريف ان تكون تابعة للفاتيكان ان هذا المحور اصطدم بموقف حازم اتخذته السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية بتنسيق وتكامل ووحدة راي بأن القضية المحورية التي يجب ان تناقش بالقمة هي قضية فلسطين والقدس وقد دار هذا الصراع قبل ان تعقد القمة ونوهت الخارجة الأردنية ان أولوية القضية الفلسطينية والقدس هي خط احمر وفي سياق التحضيرات أيضا ، كان واضح جليا ان هذه القمة كان يراد منها ان تكون قمة القرن أي القمة التي يخرج عنها حرف البوصلة شرقا اتجاه ايران عن مسارها الحقيقي القدس ، ولكن الموقف الأردني والفلسطيني وبأسناد عراقي وجزائري وتونسي ، قد أوقف هذا التوجه وكانت الضربة القاضية ضد هذا المشروع هو ما تخلله خطاب جلالة الملك في افتتاح القمة عندما حدد الالويات المطلوبة من القمة العربية والتي تتكامل مع ما عمله الأردن خلال رئاسته لهذه القمة على قاعدة مرتكزات ثلاث أولوية القضية الفلسطينية حل النزاع السوري سلميا على قاعدة وحدة الأراضي السورية ومن ثم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ، دون تحديد للقوى الإقليمية او الدولية التي تتدخل في الازمة السورية هذا الخطاب صنع خارطة طريق القمة معيدا جلالته البوصلة الى مرساها الأخير والدائم وهي القضية الفلسطينية وهذا بحد ذاته ما انتزع من هذه القمة في بيانها النهائي ومخرجات ذلك البيان الختامي التي ترجمة الى حد 85% مما يصبوا اليه الأردن في البيان الختامي . هناك كثير من الراي العام وأنا منهم اعتبر ان القمة العربية في الظهران وكل القمم العربية التي سبقتها لن تغير من الواقع العربي بشيء ، ولكن عظمة الدبلوماسية الأردنية والتي قادها باقتدار جلالة الملك المفدى قد اجهض سابقة ، كان يمكن ان تكون كارثية على السياسة العربية تحت يافطة الصراع ضد الصفوية والتمدد الإيراني كأولوية من أولويات النظام العربي الرسمي مستمدا شرعيته من هذا المشروع ، ولكن فطنة جلالة الملك اعادت الأمور الى نصابها وظهر ذلك بكل وضوح من خلال الموقف الحازم والجازم والجاد جدا الذي اتخذه جلالة الملك ضد تمرير ما يسمى بصفقة القرن المشؤومة من خلال انتزاع قرار رسمي عربي في الموافقة شبة المبدئية على هذا المشروع ( صفقة القرن ) ان هذا الموقف الأردني سيضع الأردن تحت مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية عقابا له على افشال ذلك المشروع ولكن هيهات ثم هيهات ان يخضع الأردن في ظل هذه القيادة الحكيمة والتوحد الغير مسبوق خلف القيادة الهاشمية من كل أطياف الشعب الأردني والتي تقف كحجر مركزي في مواجهة ما يطبخ للقضية الفلسطينية والمستقبل السياسي الأردني خلف الكواليس فنحن لا تهزنا خشخشة خفافيش الليل لأننا لن نبتعد عن ثوابتنا وحقوقنا التاريخية والروحية والحضارية والسياسية طوبا لك جلالة الملك على هذا الجهد المضني والذي تصنعه دون تردد ودون انتظار شكر او تقديس او تملق من احد فأنت صاحب استكمال راية الرسالة الهاشمية الناجزة من خلال إعادة صناعة التاريخ السياسي ليس في الأردن فحسب وأنما للوطن العربي والأمة الإسلامية جمعاء .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير