يارا الغزاوي تكتب: ما نحتاجه حكومة مبدعة ومبتكرة لا حكومة جباية
السبت-2017-06-03 07:09 pm

جفرا نيوز - جفرا نيوز- كتب: يارا الغزاوي
بدأنا نسمع في الآونة الأخيرة مصطلحات في غاية الأهمية تتعلق بالإقتصاد مثل ( التمويل الابتكاري ) والذي ما زال البعض يعتبره مصطلحا معقدا؛ لكنه في جوهره يعتمد على ابتكار نوع جديد من المنتجات المالية؛ وهو عبارة عن: سند مالي يمكن أن تسدده المساعدات التنموية التي ستقدمها حكومات الدول في المستقبل بدلا من الاعتماد على عائدات مشاريع محددة مثل مصاريف الطرق أو مصاريف استهلاك الكهرباء والماء .
إذا ما تحدثنا عن الإبتكار بشكل عام فإن الأمر لم يعد محصورا على الإقتصاد؛ بل اتسع نطاقه فبات يشمل الدول بشكل عام فأصبحنا نسمع بما يسمى (دول الابتكار ) حيث تكون الدولة هنا قائدة وممولة عملية الابتكار من حيث المبادرة بأفكار جديدة ومختلفة لمشاريع تكنولوجية غير تقليدية.
من خصائص تلك الدول هو شراكة القطاع الخاص في عملية الإبتكار ؛ بحيث يتعين على الدولة تسهيل عمل هذا القطاع. وتسهيل الإجراءات البيروقراطية؛ مع عدم اقتصار دور الدولة في الاقتصاد على تصحيح إخفاقات السوق فقط؛ بل العمل على الاستثمار في السلع والمواد العامة كما البحوث العلمية . بالإضافة إلى ضرورة بناء قواعد معلوماتية موثوقة وشفافة حيث يتوجب على الدولة المبتكرة أن تتسلح بالذكاء وتخزين المعلومات الضرورية من أجل خلق قطاعات مختلفة وأسواق جديدة وذلك بالتعاون مع كبار الخبراء المختصين في هذا المجال .
ومن أهم الركائز التي تقوم عليها الدول المبتكرة ؛ مواجهة التحديات المجتمعية والتصدي لبعض المفاهيم التي يصر عليها بعض الاقتصادين ومنها ( أن خفض الإنفاق الحكومي يحفز بدوره عملية الاستثمار الخاص ونتيجة لذلك تقلص أجهزة الدولة من ميزانيتها )؛ بل على العكس تماما فيما اذا أرادت الدولة أن تكون مبدعة ومبتكرة بصورة ناجحه فعليها مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ؛ والتحديات الاجتماعية كالفقر والبطالة وعدم تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة و المساواة بين افراد المجتمع الواحد ؛ وهو ما يتعارض فعليا مع سياسة خفض الإنفاق .
هناك ما يسمى بعقود B.O.T وهي حروف اختصار لكلمات البناء والتشغيل ونقل الملكيه وهي عقود تنميه تقوم على الشراكه بين القطاع العام والقطاع الخاص بحيث يقوم المستثمر ببناء مشروع او مرفق عام وتشغيله واستثماره لحسابه لمده زمنيه تحدد بالعقد من اجل استرداد تكلفة المشروع والحصول على الارباح خلال مدة العقد كونه مستثمر .. وفي نهاية مدة العقد يقوم المستثمر بعد ان حقق الربح بنقل ملكية المشروع الى الدوله وهي وسيله حديثه في تحقيق التنمية للدول خصوصا الدول الفقيره التي لا تسعفها ميزانياتها في بناء المشاريع والمرافق الخدميه للمواطنين علما بان دول غنيه كذلك تلجاء الى هكذا عقود من اجل توفير ميزانياتها لامور اخرى .. والحديث هنا طبعا عن المشاريع الضخمه الكبيره التي تتطلب مئات الملايين ... وقد بحثت كثيرا في هذا الامر ووجدت ان هناك العشرات من الشركات التي تقدمت للحكومه بهكذا مشاريع وفي مرافق مختلفه الا البيروقراطيه العقيمه التي تمارسها الحكومه تقف عائقا صلبا امام اي مستثمر يتقدم لهكذا شراكه .. وهذه أحد أفكار الإبتكار.
لم يكن العرب بعيدين يوما عن هذا التوجه فالإمارات العربية المتحدة تؤكد على أن الإبتكار في الحكومات ليس ترفا فكريا أو تحسينا إداريا؛ بل هو سر بقائها وتقدمها وهو سر نهضة شعوبها .
نتمنى أن تحذو حكوماتنا حذو دولة الإمارات العربية المتحدة لتصبح حكومات ابتكارية مبدعة لا حكومات جباية تعتمد على جيب المواطن دون أدنى حلول اقتصادية أو برامج إجتماعيه .

