هل نحن على مشارف إنشاء مجلس التعاون العربي من جديد؟
الأربعاء-2017-05-31 01:55 pm

جفرا نيوز -
مخاضات الشرق العربي الحبلى بالمفاجآت؟! ... هل نحن على مشارف إنشاء مجلس التعاون العربي من جديد؟!...هل نحن امام نسخة محدثة لحلف بغداد 2017؟!
جفرا نيوز - احمد عبدالباسط الرجوب
يتابع المواطن العربي من المحيط الى الخليج تسارع وتيرة الاحداث الداخلية في اوطاننا العربية سواءً بالتراشق الاعلامي المقري والمرئي والمسموع وهذا مآلة الى عمق التناقضات وتباين المواقف بين هذه الدول ، او التراشق النيراني بالصواريخ على جبهات التخوم الشمالية لبلادنا العربية على جبهات الموصل العراقية أوعلى كامل اراضي الدولة السورية ، او عند تخوم باب المندب في عامة الاراضي اليمنية ، وتندرج جميعها بسخط القدر السيئ الذي تعيشة بلادنا العربية ، والتي هى في اعتقادي تراكمات لعشرات السنين امتدت من القرن العشرين الغابر السيئالصيت " قرن اغتصاب فلسطين " الى حاضرنا في هذه الايام من القرن الحادي والعشرين وهى انتكاسات لم يشأ اصحاب القرار وقادة امتنا التنبة اليها ولم يحسنوا استمطار معرفة الغيب او معالجة الخواصر الرخوة التي تحيط بنا وبخاصة في العراق واليمن على وجه التحديد وتركهما لقمة مستساغة للتدخل الاجنبي فيهما ، ولو فتح الله بصيرتهم " اي قادتنا " لتغير الحال ونحن بالف نعيم وراحة ..
وعودا لموضوع مقالي ، وحتى نصل سويا الى مآلات حالتنا العربية في وقتنا الحاضر وفي عجالة اتذكر واياكم في مفارقات السياسات الدولية وتاثيرها على ساحتنا العربية ... حيث عاش العالم بمختلف دوله فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى والثانية تحت وطأت الأطماع الألمانية التوسعية إذ كانت تسعى إلى السيطرة على العالم مما أدى إلى حدوث الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية ، وقبل هذا التاريخ كانت القوى الكبرى تتمثل ببريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد السوفيتي ، وحيث انتهت الحرب العالمية الثانية وظهرت دول أقوى اقتصادياً وعسكرياً وهي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وعلى الرغم من تحالفهما مع بعضهما إلّا أنه بعد انتهاء الحرب أصبحتا القوتين المتنافستين على زعامة العالم ، وأطلق على هذا التنافس الحرب الباردة وأسس كل منهما حلف عسكري اقتصادي لحمايته من الآخر ولتوسيع مناطق نفوذهما وهما:
- حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوروبا ويعتمد على مبادئ الاقتصاد الحر الديمقراطي ( المعسكر الرأسمالي ) وكان ذلك عام 1949.
- حلف وارسو بزعامة الاتحاد السوفيتي وضم دول أوروبا الشرقية والصين ويعتمد على مبادئ الاشتراكية كعقيدة لمواجهة الأخطار المحتملة من حلف شمال الأطلسي وتم توقيع أوراق هذا الحلف عام 1955 أي بعد تشكيل حلف الأطلسي.
على ضوء هذا الواقع أخذ كل حلف يحاول استقطاب الدول الأخرى إلى جانبه فاتجهت الأنظار إلى العالم الإسلامي والعربي " نهج الرئيس ترامب الآن " لما لهما من أهمية اقتصادية فعمدت الدول الاشتراكية إلى نشر فكرها بين شعوب هذه المنطقة ولما كان أغلب شعوب هذه الدول يدين بالديانة الإسلامية فلابد من إيجاد أدوات لمواجهة هذا الخطر فعملت الولايات المتحدة على التنبيه لهذا الخطر من خلال اتصالها بدول الشرق الأوسط وخاصة الدول المجاورة للاتحاد السوفيتي.
ومن هنا ولدت فكرة حلف بغداد ، وحيث ان بغداد هي عاصمة العراق وكان بها نظام ملكي ولها ثقل كبير وعلاقات مع باقي الدول المجاورة لها فقد عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تأسيس حلف قوي من دول المنطقة ليكون رديفاً لحلف الأطلسي ويقف في وجه المد الاشتراكي المنافس لها في توسيع رقعة النفوذ خاصةً وأن هذه الدول غنية بمواردها الطبيعية ، وحتى لا اطيل في هذا الموضوع فقد عهدت الولايات المتحدة الأمريكية مهمة تأسيس هذا الحلف إلى المملكة المتحدة (بريطانيا ) فبدأت الحلف بتركيا وإيران وأفغانستان وباكستان والعراق إلا أن النظام العراقي لم يدم طويلاً بسبب الثورة التي قام بها حزب البعث العراقي على النظام الملكي واستلم زمام الحكم وتم إعلان العراق جمهوريةً وسمى الحلف بعد انسحاب العراق " بالحلف المركزيCENTO ".. ومن نافلة القول في هذا الصدد فقد كان الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر من اشد المناهضين لهذا الحلف في ذاك الوقت ، وايضا ومن مفارقات القدر أن تركيا وإيران كانتا من بين دول حلف بغداد , وهما ذاتهما الدولتان المتداخلتان الآن فى الأزمة السورية مع تغيّر الأدوار.!
وهنا وبنفس المقياس فقد اعادت لنا الذاكرة السياسية المثخنة بمفارقات تاريخية لا حصر لها باننا على مشارف انشاء الاحلاف والسؤال المطروح " هل نحن امام نسخة لحلف بغداد الجديد 2017 وبمن سينظم إليه من (عرب وأجانب )؟! " وهل للرئيسان التركي اردوغان والمصري السيسي مصلحة في الاعلان عن هذا "الحلف" المولود الجديد مع اختلاف التسميات ، لكن المرجح بان هذه الاحلاف تستوطن بلادنا العربية دون غيرها وسرعان ما تتكون حاضنتها السياسية والاقتصادية وبدعم او تناقض موقف القوتين الاعظم في هذا الكون ..؟!
وعودا الى الزيارة التاريخية لساكن البيت الابيض - الرئيس ترامب - الى الشرق الاوسط مؤخرا نجد انها هى بداية الطريق لمثل هذه التكتلات " واحداثها ووقائعها " تشبه الى حد كبير الظروف التي تم فيها انشاء حلفي الاطلسي ووارسو في تلك الأونه " وحاضرنا فهناك صراع بوتين الروسي - اوباما / ترامب الامريكي " يلقي بضلالة على المنطقة حاليا .. وخاصة اذا ما تأملنا نهج الادارة الامريكية الجديدة وتعاطيها مع الشأن الدولي والعربي تحديدا والمبدا الذي تسير عليه بعقلية التاجر وافتتاحة المزاد العلني لمبدأ الحماية ، فهو في صف من يدفع اكثر ولا يستثني احد "اي ترامب" عربيا ودوليا ، فاليابان وكوريا الجنوبية ودول حلف الاطلسي ليسوا استثناء من تعرفة (Tariff) السيد ترامب التي يسير عليها سيما وان الادارة الامريكية الحالية تعمل وفق اجندة " التاجر " وهى الربح او الخسارة ، وللتوضيح ودون الخروج عن مسار مقالنا فإن الرئيس ترامب عندما طلب من أعضاء الناتو في زيارته الاخيره بما يشبه التوبيخ لزيادة مصروفاتهم العسكرية ، وهي أبرز تجلٍ لعقلية التاجر، إذ لدينا تاجر لا يفكر بالحروب خصوصًا منها المكلفة ، وقال لهم ستدافعون عن أنفسكم لا نحن من سيدافع عنكم ، وأمريكا ليست خاسرة بل مستفيدة ماليًا وطالما لا تفكر في حرب إيران فالعودة لسياسة الاحتواء أو أقله إبقاء سيف الابتزاز مسلطًا وإيران ليست خاسرة بل مستفيدة ، أما اسرائيل فحسب الوعد الأمريكي وعلى لسان السيد ترامب في زيارته الاخيرة لدولة الكيان الصهيوني - فلها الضمانة الامريكية على بقائها القوة المنفردة على الاستقواء " شرطي المنطقة " التي لا يجاريها احد في الشرق الاوسط " سواء إيران او الدول العربية " وهنا وفي اعتقادي وامام هذه السياسة الامريكية الجديدة " طبعة ترامب " سنكون أمام فوضى من نوعٍ جديد وفي الايام او الاشهر القادمة..!!
وفي المشهد العربي الراهن حيث لا زالت رحى المعارك محتدمة في اكثر من بلد عربي وكما اسلفت في مقدمة مقالي هذا ، والمناكفات البينية التي تشهدها بعض الدول العربية والتجاذبات مع دول شرق اوسطية والتي قد تؤدي الى خلق كيانات واصطفافات يرسم لها بالخفاء ، وهذا ما يذكرنا بانشاء مجلس التعاون العربي والذي تم تأسيسه في العاصمة العراقية بغداد في 16 فبراير 1989 بعد انتهاء حرب الخليج الأولى 1988 " الحرب العراقية الايرانية " ليجمع كلاً من جمهورية العراق والمملكة الأردنية الهاشمية واليمن الشمالي وجمهورية مصر العربية ، وكان مخططًا لمجلس التعاون العربي أن يقوم بدور ريادي في المنطقة لولا الحروب التي أتت عليها ، حيث كانت الرغبة في توثيق عرى التعاون والتكامل الاقتصادي فيما بين أعضائها ...والسؤال في هذا الاطار هل هناك في الافق لدى الدول الى اعادة صياغة واحياء مجلس التعاون العربي من جديد ولكن بديباجة وحلة جديدة واختلاف الاعلام التي سترفرف على امانته العامة لو قدر الله واعلن عن ولادته في قادم الايام كحلف سياسي وعسكري وللتنسيق الامني والاستخباراتي ومناكف وممانع لما يجري على الساحة العربية ؟! لننتظر والايام حبلى بالمفاجأت !!
السلام عليكم ،،،
Mail:arajoub@aol.com
Web: ahmadrajoub.net

