راح ترامب إجا ترمب..
الإثنين-2017-05-22 10:06 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - ابراهيم عبدالمجيد القيسي.
كتابة الاسم في العنوان مقصودة، لأن العالم والعرب، وصحافة العرب تحديدا، ما زالت لا تعرف اسم الرجل بالعربية، فيكتبونه على الطريقتين، ويضيفون له دونالد ويمكن دونلد .. وسيحكم امريكا والعالم ثم يذهب ولن نعرف عنه أكثر مما عرفنا عن الرؤساء الأمريكيين، الذين يحكمون البلد الأول في العالم، ويتنافسون من يخدم بلاده أكثر ممن سبقوه من أقرانه أو ممن سيخلفونه في الحكم، فخدمة بلدهم ليبقى الأول في العالم هي الهدف، وما خطابات الانتخابات سوى مواد خطابية تقتضيها الانتخابات، ثم يؤخذ منها ما يخدم أمريكا ويترك سواه.
لم أقرأ كثيرا لا عن "ترامب/ترمب" ولا عن زيارته الأولى خارج أمريكا، التي لا أفهم منها سوى أنها ذات أولوية على جدول أعمال لرجل أعمال، وليس الفرق كبيرا إن كانت تلك الأعمال سياسية او اقتصادية او أمنية.. فالرجل يدير العالم، والعالم لا يختلف كثيرا عن شركة في هذا الزمان والمكان، لم أقرأ..لأنني غير مهتم ولا متفائل بشيء، لكن وصلتني بعض الهرطقات على واتساب، قرأت بعضها وأجزاء من بعضها، وللدقة لم أقرأ سوى مقالة واحدة في صحافتنا الأردنية، وهي للاستاذ الزميل حمادة فراعنة، وردتني على بريدي الخاص، وفيها مضامين عروبية مهمة، ولم يتغير مستوى اهتمامي بالرئيس الأمريكي.. وما زلت أهتم بالأخبار الطريفة التي سترافق الزيارة، والتي تعتبرها بعض أنواع الصحافة بأنها المادة الأهم التي ستنال اهتمام الناس خصوصا العرب، الذين أطلقوا على الرئيس "أبو إيفانكا" فتبعتهم شركة جوجل تكريسا لعقلية الهزل عندنا، فأغلب الاهتمام العربي يرتكز على الصهباء ابنة الرئيس التي قد تكون عبقرية في السياسة وغيرها، وليست مجرد أجنبية شقرا !.
توقعت الصحافة الهابطة مواقف طريفة تتعلق بابنة ترامب، وكيف ستتصرف حين تحضر للسعودية، وقد بدأت الأخبار تظهر:
هذا مواطن سعودي رزق بطفلة فأسماها على اسم ابنة الرئيس الأمريكي، وأكد بأنه أطلق على ابنته الجديدة هذا الإسم احتفاء منه بانطلاقة جديدة في العلاقات بين أمريكا والسعودية، وقالت الأخبار بأن "ايفانكا بنت ترمب" ستلتقي بـالطفلة السعودية"ايفانكا العنزي" ، ولم يقل الخبر شيئا عن رأي المستشارة الخاصة لوالدها، بشأن حجم الصفقات التي سيوقعها الوالد خلال هذه الزيارة، ولا عن لقاء رجل الأعمال بزعماء 55 دولة اليوم الأحد، او عن رؤيتها عما ستتمخض عنه المنطقة بعد هذه القمم الثلاث التي سيعقدها الوالد الرئيس في أول جولة عمل له خارج أمريكا العظمى.
في عهدة ترامب لا يمكننا ان نتحدث عن السياسة كما عرفنا الحديث عنها، وفي منطقتنا لا جديد مبشر بخير سوى ما يمكن أن تفعله أمريكا وبقية اللاعبين، فاسرائيل ستبقى تحظى بكل الرعاية الامريكية والدولية، وبلدان العرب لن تتغير سوى بما يخدم مصالح اسرائيل ومصالح القوى الكبيرة المعروفة، وفي أفضل الأحوال قد تتمخض المنطقة عن "تقسيمات وأحلاف" جديدة، وربما مختلفة قليلا عما عرفنا، والحروب لن تتوقف بل ربما ستتسع بناء على تلك التحالفات.
زيارة ترمب للمنطقة؛ قد تنهي حالة الترقب التي جثمت على تصرفات وتحركات زعمائها منذ عام تقريبا، حيث تسمر الجميع في حالة ترقب لما ستفضي إليه الانتخابات الأمريكية، وكان ترمب فيها "هو ترامب العنصري"، الذي تحدث بخطاب غير لائق تجاه المنطقة وبعض الدول العربية وتجاه الاسلام، واتخذ قرارات لم يسبقها إليه رئيس أمريكي، قيل ويقال عنها بأنها عنصرية ضد المسلمين والعرب، ولم يتراجع عنها بل أعاد إصدار قراراته بشأنها، بعد أن قام القانون الأمريكي بإثبات لا قانونيتها ولا أخلاقيتها، ومع هذا فالعرب يتمتعون بسعة الصدر الكبيرة ولم يفعلوا أو يطلبوا شيئا من ترامب حول هذه التوجهات وتلك التصريحات التي أدلى بها وقت الإنتخابات، ولا ننسى ما قاله الرئيس الأمريكي حول مصالح أمريكا وكيفية تحقيقها مع دول المنطقة العربية والاسلامية.. فالحديث منسوب لرئيس كان وما زال رجل أعمال، ويفهم السياسة هكذا، ويريد المال لأمريكا ثمنا لعلاقاتها مع أية جهة خارجية باستثناء اسرائل بالطبع، فهو سيدعمها أكثر من سلفه الذي حقق رقما قياسيا في تقديم الدعم المالي لإسرائيل، رغم ما وصفت به علاقته معها بأنها فاترة وعدائية أحيانا، إلا أن اوباما هو أكثر رئيس أمريكي قدم دعما ماليا لاسرائيل، ولا بد سينافسه ترامب في هذا الرقم ويتفوق عليه!.
كل ما يهمني في هذه القصة هو الأردن، فبعد كل هذا الصبر يجب أن يتغير الموقف الدولي تجاهه، ويحظى بالاهتمام العالمي بشأن أزماته وقضاياه، التي هي في أغلبها امتداد او ردود أفعال على الصراعات الدولية في جواره العربي، فلا مسطرة نقيس عليها أهمية هذه الأحداث والقمم إلا مسطرة مصالحنا، ولا بد من القول بأننا آخر من رفع شعار مصالحنا الوطنية، بعد كل هذه المعاناة والالتزام بقضايا المنطقة ومصالح الشعوب العربية، لنصل إلى هذه الدرجة من التأزم في أوضاعنا الداخلية والخارجية..
لا يهمنا إن "أجا ترمب" أو "راح ترامب" ولا بنته "شو اسمها" ..بمقدار ما يهمنا حلول لمشاكل تضرب في استقرارنا واستمرارنا وأمننا ومستقبل بلدنا، كانت قد صنعتها دولة ترامب وغيرها.
*هذه المقالة منعت من النشر في زاويتي "ألغام الكلام" اليومية في جريدة الدستور، وأعتقد بأن مثيلاتها يتم منعها قبل أن تصل إلى الجريدة، فثمة عيون وقرائح تتربص في العتمة، وهي التي تمنع وتقطع الطريق على الفكرة والكلمة قبل أن يصلا عناية القارىء الذي بالكاد يقرأ.. ولا يعلم هؤلاء بأن أمريكا وشعبها ما زالوا حتى اليوم يكيلون لرئيسهم كل الشتائم والانتقادات ويرفضون إدارته ويعتبرونها لا تمثلهم، ولا أحد يحجر على أفكارهم ووجهات نظرهم، علما أن هذه المقالة لا تنتقد أحدا إنما تنتقد أية جهود أردنية لا تخدم مصالحنا الوطنية، وتقدم الكثير من أجل أجندات الآخرين لإنجاح مخططاتهم وتنفيذ وعودهم الانتخابية "في حالة الرئيس الأمريكي"، والوعود التخريبية الانتقامية "في حالة بعض دول المنطقة"..والأردن يقبع تابعا في ذيل الاهتمام.
ibqaisi@gmail.com

