هل تكون الصحافة الوطنية أفضل حالا ؟!
الأحد-2017-05-07 09:39 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب:ابراهيم عبدالمجيد القيسي
أفهم تماما لماذا سارعت الحكومة ومنذ العاشرة من مساء أمس الأول الجمعة، للترحيب بنتائج انتخابات نقابة الصحفيين، ولم تنتظر ظهور النتائج كاملة، حيث نقلت وكالة الأنباء الرسمية "بترا" خبرا، هنأ فيه وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال كلا من الزميلين راكان السعايدة وينال البرماوي، بنجاح الأول نقيبا للصحفيين والثاني نائبا للنقيب، وأكد الوزير في نهاية الخبر استمرار الشراكة مع النقابة المهنية من أجل دعم مسيرة الاصلاح والتغيير.
ولأن هذه المقالة منعت من النشر في الدستور اليوم الأحد، حيث كتبتها صباح السبت أمس للنشر في زاويتي اليومية في الدستور (باستثناء هذه الفقرة التي أضيفها لتنشر مع المقالة في جفرا نيوز)..ولم يكن رئيس الوزراء قد هاتف نقيب الصحفيين الجديد، ليبارك له فوزه في الانتخابات، ويقول مؤكدا بأنه يدعم التغيير في الصحافة، علما أن التغيير المطلوب هو في نظرة الرسميين المستفيدين من تغييب الصحافة المهنية، وهم الذين أفقدوا الصحافة ومؤسساتها القوية دورها وتأثيرها فأغرقونا بالأخطاء والفساد، ولعل رئيس الوزراء نفسه هو أكثر مسؤول بحاجة إلى إقناع بأهمية دور الصحافة الوطنية، وأهمية دعمها لا تغييبها واستبدالها بوزير واحد، يحكم فيها ويرسم ويخطط وينفذ وحيدا يراقب انهيار مؤسساتها ويكفي بتوزيع نظرات العبوس الطفولية البريئة، ويتأسى على الغياب بينما هو في الحقيقة يضمن تفردا في التحكم بالاعلام بعد غرق مؤسساته وتسليم شؤونها لضعفاء، يأتمرون بأمر الوزير الذي أصبح عابرا للحكومات ويجيد التفلت من المساءلات، ويذعنون لتوجيهاته على غير هدى وطني او هدف مهني.
لست أستطيع الجزم بشأن مقولة الشراكة ولا التغيير، فثمة رأي قوي يقول بأن الصحافة ومؤسساتها تعرضتا لخسائر كبيرة في السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي لا يمكن لأحد إنكاره، خصوصا ونحن نشهد هذه الأزمات التي ضربت في أكبر وأهم صحيفتين أردنيتين "الدستور والرأي"، وهما اللتان عرفتا بخطهما التنويري الوطني، وبمهنيتهما العالية، وباضطلاعهما بدور دفاعي عن الوطن والمواطن وقضاياهما، كما يشهد لهما الوقوف على جبهات الدفاع عن الوطن والقيادة ضد الهجمات المسعورة التي انطلقت من الخارج والداخل في أكثر وأحرج من توقيت.
في السنوات الأخيرة، وعلى عهد مجلس النقابة السابق منيت الصحافة الأردنية الوطنية بخسائر كبيرة، ولا يعني هذا أن تقصيرا طال جهود مجلس النقابة السابق برئاسة الزميل الاستاذ طارق المومني، فالمجلس لم يوفر جهدا وحقق بعض الانجازات التي لا ننكرها، ورئيسه الزميل المومني هو ابن بار بالمهنة وبقضايا الزملاء أعضاء النقابة، فهو شغل موقع النقيب للصحفيين في 4 مجالس، وله وجهة نظر نحترمها بل نقدرها في مختلف قضايا المهنة والوطن، لكن التقصير كان خارجا عن إرادتهم، تقصير سنتحدث عنه وعن أسبابه كلما تطلب الأمر.
المجلس الجديد ونقيبه ونائبه معقود عليهم العزم، ومنوط بهم تقديم أداء مستقل واضح، بعيد عن مفهوم الشراكة الذي يتحدث عنه الوزير وبعض الجهات حسب وجهة نظرهم التي نحصد نتائجها، حيث لا إنصاف للصحافة الوطنية المهنية الشريكة، فلا شراكة ولا قبول للصمت الحكومي عن انهيار مؤسسات ومدارس الصحافة والاعلام كالصحيفتين الوطنيتين ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الرسمية، فهي المؤسسات الأربع التي شكلت العقل والفكرة والشخصية الأردنية، وهي التي أبرزت الهوية الأردنية، ودافعت عنها وما زالت تفعل رغم الأزمات والخصاصة والفاقة والظروف الأسوأ التي يمر بها زملاؤنا العاملين فيها.
رغم معرفتي المسبقة بإمكانيات أكثر الزملاء الذين نجحوا في الانتخابات، إلا أنني أطالبهم بعمل الفريق الواحد، الحريص على المهنة وهمومها، والملتزم بالوطن وقضاياه، والمؤمن تماما بحرية الصحافة باعتبارها أم الحريات جميعها، وهي البنية التحتية للديمقراطية وللقانون وللعدالة، علاوة على كونها الرقيب الأكثر أهمية وحضورا وتأثيرا على كل السلطات الأخرى، فموقف الصحافة من القضايا هو الذي يعبر عن ضمير الناس، وفي الوقت نفسه هو الذي يحمل خطاب الدولة الأردنية المتميز القوي الرصين و"يحترف" الدفاع عنه، وأتمنى أن لا تكون المناسبة مجرد فرصة للحديث عن المثاليات، وما تلبث الجهود حتى تعود للفردية والتكسب باسم النقابة والصحافة، والقبول بدور الشرطي والمخبر المأجور، الذي ينفذ رغبات الوزراء والغرف المعتمة بالانتقام من الأصوات الصحفية الحرة، التي مورست يوما على زملاء، من بينهم النقيب الحالي.
نبارك للزملاء الذين حالفهم الحظ بتولي المسؤولية، ونطالبهم بأداء مختلف، يلتزم بالمهنة والزملاء أولا، ولا يعني هذا بأننا غير مطالبين بأداء منسجم مع توجهاتهم الساعية للحفاظ على المهنة، وعلى الرغم من كل الظروف القاسية التي تواجهنا على الصعيد الشخصي والمهني الا أننا أيضا مطلوب منا دعم المجلس القادم، وعدم الصمت عن الممارسات المرفوضة التي جثمت على صدر الصحافة الأردنية ومنتسبيها طوال العقود الماضية.
الأردن بات في أشد حاجة لصحافة مهنية قوية حرة مستقلة مسؤولة، ملتزمة تماما بالانسان والمواطن وحقوقهما، وهي فرصة تاريخية لتقديم مثل هذا النموذج من الأداء المهني الحكيم، لكنها فرصة يسهل تبديدها في حال تشتت الجهود بتشتت الولاءات والتدخلات في النقابة وعمل مجلسها المنتخب..
نبارك للزملاء جميعهم وننتظر الجديد، وانتظروا بدوركم جديدنا على هذا الصعيد، لأن "اللي فيها مكفيها".
ibqaisi@gmail.com

