النسخة الكاملة

أين الحكمة في إطلاق أحكام مسبقة تسمم أجواء تنفيذ استراتيجية تنمية الموارد البشرية

الثلاثاء-2017-03-14 11:57 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتبت : أمان السائح   هل يمكن للاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ان تؤت اكلها خلال اشهر قليلة؟ وهل من الممكن حصد نتائج البنود التي تضمنتها الاستراتيجية الاهم في تاريخ التعليم والتعليم العالي خلال اشهر بسيطة متواضعة، وهل من المقبول توجيه اسهم النقد المباشر وغير المباشر لاداء الاستراتيجية، دون اللجوء للصبر قبل التقييم واتخاذ مواقف مسبقة دون وجه حق. الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية وقفة ملكية بامتياز، اقرت بامر ورعاية من جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا، التي ادلت فيه جلالتها بخطاب تاريخي شرحت من خلاله نمط التعليم العام بالاردن، والمدارس ونسب النجاح بالثانوية العامة، واسس القبول بالجامعات الاردنية، وكان الحديث حاسما وواضحا وصريحا، بان موروثنا التعليمي في حالة خراب، وان الاستراتيجية التي تحتاج الى سنوات عشر في اقصاها لتطبق لابد ان تأخذ منا حيزا من الصبر والدقة والرقابة قبل الحكم على بنود تنفيذها. بند الحديث عن التعليم العالي بالاستراتيجية بدأ يأخذ مجراه الصحيح من خلال اجراءات وقرارات لمجلس التعليم العالي اخذت مساحة من الواقع عبر قوانين للتعليم العالي والجامعات تم رفعها الى مجلس الوزراء للمضي بكافة الاجراءات الفنية الخاصة به. ورفعت وزارة التعليم العالي كلا من نظام المساءلة وتقييم اداء القيادات الاكاديمية، الذي جاء في مضامينه ضرورة وضع معايير واسس يمكن من خلالها تقييم اداء القيادات الاكاديمية في الجامعات من رئيس القسم الى رئيس الجامعة، وهذا من شأنه ضبط الامور الادارية والاكاديمية والمالية بالجامعات عبر محاسبة ومساءلة تمكن مجلس التعليم العالي من اخذ قرارات تجاه اي مسؤول اكاديمي يحيد عن الطريق الصحيح. كما تم وضع نظام خاص يحمل في طياته تفاصيل تتعلق بتعيين رؤساء الجامعات، عبر اسس واضحة ومعايير تعطي الافراد حقهم الطبيعي بالترشح واجراء تقييم نوعي وجذري لمن سيمسك قيادة الجامعة بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي، وذلك بعد ان يكون اي رئيس يخضع للتقييم والمحاسبة والرقابة وفقا لاسس شفافة تقوم الاداء الاكاديمي داخل الجامعات . ولم ينس مجلس التعليم العالي عبر قراراته الاخيرة ان يحدد صلاحياته عبر قانون التعليم العالي لوضع السياسات والحد من مشاركته بالقضايا الاجرائية في الجامعات، وتوسيع فعلي ونوعي لصلاحيات مجالس الامناء بالجامعات. وشهد اللقاء الاخير الذي جمع وزير التعليم العالي الدكتور عادل الطويسي برؤساء مجالس امناء الجامعات، اعطاء تلك المجالس كامل الصلاحيات، حيث ان المجلس بانتظار الصيغ التوافقية التي سيخرج بها رؤساء مجالس الامناء لوضع حلول منطقية توازن بين موضوعين وما الاكثر حساسية في ملف التعليم العالي، وهما الرسوم الجامعية والبدء بالغاء البرنامج الموازي، في ظل عدم قدرة الحكومة وفقا لاجنداتها الاقتصادية اعطاء الجامعات دعما ماليا يسند عجوزاتها ومديونيتها. وبانتظار ان تفعل مجالس الامناء وضعها داخل جامعاتها بما ستخرج به من ايجاد بديل ثالث «برنامج وسط بين العادي الحالي والموازي»، كون البديلين غير قابلين للتطبيق في الظروف الحالية، سيما وان الحل الحسابي بالغاء الموازي يرتب على الجامعات رفع الرسوم الجامعية بحسب تصريحات سابقة لوزير التعليم العالي الى 190% ، وهو الامر الذي رفض تطبيقه باي حال من الاحوال، ما يعني ضرورة البحث عن بديل عاجل ومنطقي لا يكبد الطالب مزيدا من الاعباء المالية. الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، وعبر القرارات التي اتخذتها وزارة التعليم العالي، كانت وحتى اللحظة في محلها، فبعد ان تمت قراءة ان هنالك اكثر من 80 تخصصا مشبعا في الجامعات الاردنية اوقف المجلس القبول في حوالي 16 تخصصا للعام الحالي تمهيدا للبدء بالغاء تلك التخصصات ودمجها، وسيتم هذا الاجراء سنويا وحتى خمس سنوات، وصولا الى تخصصات موجودة بالجامعات يحتاج لها سوق العمل، وتشجيع الجامعات على استحداث تخصصات تقنية. والتزاما ببنود الاستراتيجية، سن مجلس التعليم العالي قرارات عززت فكرة الدبلوم الفني لغير الناجحين بالثانوية العامة ضمن نظام مدروس بدأ تطبيقه اعتبارا من العام الجامعي الماضي، وتم بالفعل اتخاذ قرار بالالغاء التدريجي لنظام القبول من خلال التجسير بين الكليات المتوسطة والجامعات حيث سيتوقف التجسير نهائيا بعد اربع سنوات وهذا ما نصت عليه الاستراتيجية. وكان القرار الاكثر جرأة للعام الحالي التشديد على الجامعات بعدم رفع نسبة الموازي عن 30% من عدد المقبولين، تحت طائلة المسؤولية، وهو الامر الذي اعلن عنه وزير التعليم العالي انه لن يكون خاضعا للمساومة وسيطبق بحذافيره وستحرم اي جامعة من حقها بالدعم الحكومي في حال عدم الالتزام بذلك. ولغايات البحث عن المأسسة وترتيب الامور والاجراءات انشأت الوزارة وحدة لشؤون الطلبة الوافدين، ووحدة للتعليم التقني. الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية تحمل على عاتقها اربعة محاور تصب كل منها في مدخلات الاخر، فالمحور الاول مرحلة التعليم العام ما قبل المدرسة، والثاني المرحلة الاساسية والثانوية، والثالث هو التعليم العالي والرابع هو التعليم التقني وسوق العمل،.. جميعها محاور تكمل وتؤسس لبعضها البعض، والحكم المسبق امر غير عادل وبحاجة الى صبر وتأن وشفافية، ومحاسبة بلا ادنى شك،.. فالمسؤولية عظيمة ومشتركة، والصبر مطلوب في استراتيجية بهذا الحجم، بحجم الاردن وموارده البشرية العظيمة، فالاستراتيجية التي قام على صياغة محاورها عشرات الخبراء والمختصين على مدار اشهر طويلة، يجب ان تلقى اهتماما غير عادي ورقابة مشروعة واقلام دافئة ليست مسمومة ..تفرض عليها احكاما مسبقة.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير