إقتصادنا زراعة , سياحة ,طب , وتعليم , وما دون ذلك ترف !
الخميس-2017-02-02

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم : شحاده أبو بقر
كل دولة على هذا الكوكب تكيف إقتصادها وفقا لظروفها ومواردها الطبيعية , إلا نحن في الاردن , فقد ذهبنا بعيدا في تصور أننا بلد صناعي , ولن نكون , لسبب بديهي هو إفتقارنا للمواد الخام , ولهذا فمن العسير على صناعاتنا أن تكون منافسة ليس خارجيا فقط , وإنما حتى محليا !
لا بل فقد ذهبنا بعيدا في تصور أننا بلد خدمات وهذا أثبت فشله ممارسة ولن نكون , مثلما تصورنا حديثا أن بمقدورنا أن نكون رقما متميزا في عالم التكنولوجيا المتطورة , وغفلنا عن حقيقة أن تطورا كهذا ليس رهنا بدول , وإنما بأفراد مبدعين تنتج عقولهم أفكارا إبداعية تتخطى قدرات الدول , والنماذج من حولنا في هذا العالم عديده , فثمة أشخاص إمتلكوا ثروات تفوق ثروات دول العالم الثالث مجتمعة كثمار لفكرهم الإبداعي !
علينا أن نكون واقعيين ومنطقيين معا , وأن نأخذ العبرة من غيرنا , سويسرا مثلا دول عظمى إقتصاديا في صناعة الوقت " الساعات " , اليابان دولة عظمى في صناعة الألكترونيات , المانيا دولة عظمى في صناعة السيارات , وهكذا , والسبب أنها مارست الحكمة والواقعية في بناء إقتصاداتها وفقا لظروفها ومواطن تميزها طبيعيا .
أردنيا تميزنا في فترة السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات , في أربعة مرافق رئيسة هي , الزراعة والطب والسياحة والتعليم , وكانت منتجاتنا الزراعية مثلا تكفي سوقنا وأسواق الخليج العربي وسورية والعراق ولبنان , برغم محدودية مزارعنا من حيث المساحة , واليوم زراعتنا تحتضر ومزارعنا يعاني الأمرين بعد أن اهملنا كليا هذا القطاع الحيوي المهم وتركناه وتركناه تحت رحمة الظروف !
ما ينطبق على الزراعة , ينطبق على تميزنا الذي كان في مجالي الطب والتعليم اللذين حولناهما إلى تجارة محلية وأفرغناهما من مضمونهما المعنوي الذي جعل منهما حالة تميز إقتصادية أردنية في الإقليم كله , أما السياحة فلا أدل على ضياعها , من أن الاردنيين أنفسهم يفضلون قضاء إجازاتهم خارج الاردن وبكلفة أقل مما لو قضوها في فنادق العقبة والبحر الميت مثلا ! .
حل معضلتنا الإقتصادية إن رغب أصحاب الشان الرسمي , هو في العودة إلى الاصول , وبناء نهضة زراعية وسياحية وطبية وتعليمية متطورة , وترك ما دون ذلك لظروفه , وعندها سنجد أننا قد تميزنا كثيرا عن سوانا حقا لا بالقول والنفاق فقط , وأن إقتصادنا الوطني يتفرد عن غيره بمزايا يمتلكها وحيدا دون سواه , وفي ذلك حلول عملية لسائر مشكلاتنا الإقتصادية وما ينجم عنها من معاناة إجتماعية وحتى سياسية ! !
سيخرج علينا احد المنظرين الإقتصاديين التقليديين لتكرار الرقم الذي يقول أن مساهمة الزراعة في الناتج القومي متواضعة جدا , وينسى هؤلاء أن السبب هو إهمال هذا القطاع وتركه يتيما من جانب السلطات الرسمية عبر عقود خلت , علما بأن حسبتهم لتلك المساهمة ليست صحيحة أبدا , بإعتبارها تقوم على حساب العائد التصديري فقط , دون إحتساب لماكينة التشغيل التي يوفرها هذا القطاع لشرائح كبيرة ومتنوعة من شعبنا يفوق تعدادها تعداد المزارعين أنفسهم , هذا إن بقي لدينا مزارعون بعد ان أنهكتهم الخسائر المتلاحقة جراء عجز الحكومات عن توفير أسواق لمنتجاتهم .

