
الصفدي "يحل ويربط" المجلس ببراغي الوطن.. "عادية أولى "أعدمتهم بالمهد"

خاص
بالعودة إلى تقرير مركز راصد حول أداء مجلس النواب الـ20 خلال الدورة العادية الأولى، فإن التندر والسؤال عن الالتزام الكبير للنواب وعدم فقدان الجلسات نصابها وهذه سابقة، لن يكون بمكانه عندما يتعلق الأمر برئاسة أحمد الصفدي للمجلس، والذي تمكن من "شد براغيه" كما يجب، وبمفكات لا تعرف صوتًا إلا الوطن ومصلحته، فلم تخرج الأصوات الشاذة، وإن حدث فكان يتصدى لهم بالحكمة وما تحتاجه أي مرحلة من انضباط .
مهمة رئاسة المجلس ليست سهلة أو عادية؛ وسط أحداث محلية "ليست هينة" ،وأخرى إقليمية وعالمية ملتهبة، ولهذا كان الصفدي ومن مكانه "صوت الأغلبية" ، ونصير للجميع، وفي حالة حياد دائمة مع كل النواب، وكان لافتًا أنه تحت القبة لا يميز بين نائب محسوب على جبهة العمل الإسلامي على سبيل المثال أو الميثاق؛ لأن الكل هم ممثلون للشعب ولسانهم هو لسان حال الوطن، والأداء الرئاسي كان لافتًا أيضًا للشارع الذي يرى أن المجلس بدا في دورته العادية الأولى بحُلة مختلفة عن سابقاتها، وما ساعد أكثر على بروز دور المجلس هو المستجدات الآنية وحتى الضغوطات التي لم يتراجع فيها الصفدي عن سردية الحق، والدور الذي يقع على عاتقه.
الصفدي وبعيدًا عن فكرة أن الأداء والالتزام والعمل أمانة، تخلى عن سمة المجاملة والمحاباة على حساب صورة الأردن ومكانته الكبيرة، فوضع أمام من يريدون الاستعراض صمامات أمان لاقت عند البعض حالة من الاستهجان كجملة "اقعد واسكت"؛ لكن من يتمعن يعرف أن الصفدي كان محقًا عند منع أبواق جماعة الإخوان المسلمين المحظورة من بث أحقادهم وترهاتهم، وتحمل من الانتقاد ما يكفي لكنه بقي مصرًا على موقفه في تحجيم من يريدون التطاول على حساب الوطن، إذ كانت جلسات مناقشة خلايا الإرهاب وتقويض أمن الوطن الأخيرة شاهدة على ذلك، ووقف كذلك أمام محاولات تشويه العلاقة بين الحكومة والنواب لمآرب شخصية؛ لكنه في نفس الوقت لم يجامل أي وزير؛ إذ كانوا عندما يريدون الخروج من الجلسات ينادي بأعلى صوت "التزموا بالحضور لم ننتهِ"، وهذا ما يميز الصفدي كرئيس مجلس عن غيره بالأسلوب و"الحركشة" الغريبة في إدارة الجلسات، فهو تارة يعلق بنبرة عالية، وأخرى يمازح النواب ويحاول تلطيف الأجواء، وإذا وقع خلاف أو لُبس مع أحد النواب فسرعان ما ينتهي تحت القبة، وباعتذار منه وهذا لا يقوى عليه إلا الحكماء ومن يكتمون الغيظ.
عربيًا وإقليميًا وعالميًا، تمكن الصفدي من خلق هوية برلمانية مهمة في اللقاءات العربية والعالمية مع رؤساء دول، ومسؤولين، ودبلوماسيين وغيرهم، وفي البرلمان العربي كان لكلماته الأثر الكبير في التأكيد على مواقف الأردن من القضايا كافة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتي لم تغب يومًا عن المجلس العشرين، ناهيك عن الحضور الوافي الشافي بكل المحافل؛ لتمثيل الأردن، وعكس صورته ودوره المهم في المنطقة.
