في الاستثمار.. أين المشكلة؟
جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود
ركائز رؤية التحديث الاقتصادي للسنوات العشر المقبلة وتحديدا حتى العام 2033 واضحة وجلية، فالهدف رفع معدلات النمو الى نسبة تسمح بخلق وظائف ولذلك فان نسبة النمو المستهدفة نحو (5.8 %) لخلق نحو (1.1 مليون وظيفة) وتحقيق ذلك يستوجب جلب استثمارات وتوفير تمويل بنحو (41 مليار دينار) وهذا لن يتحقق الا بتشاركية حقيقية مع القطاع الخاص الأقدر على تحقيق أهداف الرؤية.
هذه خلاصة رؤية التحديث بعيدا عن تفاصيل دور كل قطاع من القطاعات الـ(14) التي بدأت بها الحوارات والنقاشات التي شارك بها نحو (300) من الخبراء يمثلون كافة الجهات المعنية بالاقتصاد في الاردن رسمية وأهلية وقطاع خاص، وانتهت الورشة بـ(17) قطاعا و(500) مشارك تقريبا.
لن نسأل اليوم - وبعد مرور عام و أكثر من شهرين تقريبا على الاطلاق الرسمي لرؤية التحديث الاقتصادي في البحر الميت بتاريخ 6 حزيران 2022 برعاية جلالة الملك عبدالله الثاني وحضور سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله الثاني.. لن نسأل عن ماذا تحقق وما لم يتحقق وفقا للبرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي التي اطلقتها الحكومة في مرحلتها الأولى (2023 - 2025)، لان الواجب قبل كل ذلك أسئلة أخرى تساعد على تحقيق البرنامج التنفيذي والمبادرات التي أطلقتها «الرؤية» وفي مقدمة تلك الاسئلة ما يتعلق بالاستثمار كواحد من أهم محركات رؤية التحديث، وبدون الاستثمار لن يكون من السهل- بل من المستحيل - تحقيق باقي المحركات والركائز والاهداف..والسؤال هو: بعد كل ما تم اعداده وطرحه من: قانون جديد للبيئة الاستثمارية، وقانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واطلاق منصة استثمر في الاردن، والاعلان عن 21 فرصة استثمارية بحجم مليار دينار اردني، وبالامس أعاد أمين عمّان الى الاذهان بأن خطة الامانة الاستراتيجية تشتمل على 212 مشروعا بكلفة ايضا تصل الى نحو مليار دينار.. أضف الى كل ذلك جميع ما يعلن من تسهيلات وحوافز للاستثمار في العقبة الاقتصادية الخاصة، وفي كافة محافظات المملكة والمدن التنموية والمناطق الحرة..وغير ذلك يبقى السؤال : لماذا لا تتدفق الاستثمارات على المملكة كما نطمح ونتوقع ونريد؟ لماذا رغم كل ذلك لا زلنا نسمع من «مستثمرين في الخارج والداخل» يطالبون بـ مزيد من التسهيلات - تخفيض للرسوم - حوافز مشجعة - وتبسيط بإجراءات منح التراخيص للمشاريع الاستثمارية -..وغيرها من المطالبات التي توحي وكأننا لا زلنا نراوح مكاننا، وهي تشير الى عدد من النقاط منها:
1 - رغم كل الجهد التشريعي والبرامجي المبذول الا ان التنفيذ على أرض الواقع لا زال يواجه بيروقراطية معطلة، الامر الذي يستوجب جهدا اكبر في ما ركزت عليه خارطة تطوير القطاع العام وتحديدا ما يتعلق بالثقافة المؤسسية.
2 - لا يمكن لرؤية التحديث الاقتصادي ان تحقق اهدافها دون انطلاقة أسرع وأنجع بتحقيق أهداف «رؤية التحديث الاداري» كما اكد ووجه أكثر من مرّة جلالة الملك عبدالله الثاني.
3 - لا زلنا بحاجة لبذل جهد أكبر في الترويج والتسويق للاستثمارات في الاردن، وهذا دور تتوزع مسؤوليته على الحكومة وفي مقدمتها وزارة الاستثمار وكافة الوزارات والهيئات المعنية وعلى سفاراتنا في الخارج وعلى القطاع الخاص من غرف التجارة والصناعة ورجال الاعمال وعلى الاعلام بكافة وسائله المتعددة، لقطف ثمار الجهود المبذولة والتي نجحت بالتأكيد باستقطاب استثمارات في كافة القطاعات وضمن مشاريع الخطة الاستراتيجية لامانة عمان وغيرها من مشاريع في العقبة الاقتصادية والمدن الصناعية والتنموية وغيرها، الا ان طموحات رؤية التحديث الاقتصادي كبيرة ومتعددة وتحتاج الى جهود اكبر.
- في نهاية المطاف ندرك تماما أن قرار المستثمر المحلي والاجنبي يتوقف على قناعاته أولا بالجدوى الاقتصادية وبالعائد على الاستثمار، ولذلك علينا بترويج المشاريع انطلاقا من هاتين الميزتين أولا ثم باقي المميزات المحفزة لجذب الاستثمارات الى الاردن..مع بذل جهد كبير وكبير جدا بالعمل على ازالة المعوقات وفي مقدمتها «البيروقراطية» قبل كل شيء.